د.ميسرة عبد الله: هذا النوع من المتاحف انقرض

د.ميسرة عبد الله: هذا النوع من المتاحف انقرضد. ميسرة عبد الله الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة

كان له دور كبير فى موكب المومياوات الملكية، فهو الذى اختار كلمات أنشودة «مهابة إيزيس» التى تتردد فى أسماعنا حتى الآن، وهو أيضاً من اختار أنشودتى «آمون» و «حتشبسوت» التى تم غناؤهما فى افتتاح طريق الكباش، كذلك شارك فى وضع سيناريوهات العرض للعديد من المتاحف مثل متحف شرم الشيخ ومتحف الغردقة ومتحف العاصمة الإدارية ثم كان توليه منصب نائب الرئيس التنفيذى لمتحف الحضارة للشئون الأثرية، إنه د. ميسرة عبد الله الأستاذ بكلية الآثار جامعة القاهرة الذى التقت به لـ «أكتوبر و بوابة دار المعارف» ليحكى قصته مع الأنشودات المصرية القديمة وخطته لتطوير متحف الحضارة وافتتاح باقى قاعاته.

بعد شهر على توليك منصب نائب الرئيس التنفيذى لهيئة متحف الحضارة للشئون الأثرية ما هى خطتك للنهوض بالمتحف أثريا وسياحياً؟

يتكون المتحف القومى للحضارة المصرية من ثلاث قاعات رئيسية هى قاعة العرض المركزى وقاعة المومياوات الملكية وقاعة النسيج، وحتى يكون لدى المتحف القدرة على المنافسة والتطوير فلا بد من السير فى أكثر من اتجاه، الأول هو السعى فى زيادة قاعات العرض لأن القاعات الثلاث المذكورة لن تكون وحدها قادرة على المنافسة رغم تفردها فى أسلوب العرض والمقتنيات، والقاعات الجديدة موجودة بالفعل لكن لم يتم تجهيزها بعد ونسعى حالياً لتوفير الإمكانيات المادية اللازمة، أما الاتجاه الثانى فهو العمل على تنويع العرض المتحفى من خلال تعديل المعروضات كل ثلاثة أو أربعة أشهر برفع بعض القطع وإضافة أخرى جديدة تخدم نفس فكرة الفاترينة، وفيما يخص الاتجاه الثالث فهو الاهتمام بزيادة الجرعة الثقافية التى يقدمها المتحف من خلال السعى لتعديل البرنامج ليكون كل أسبوعين بدلاً من كل شهر، ويتضمن محاضرات وندوات وحفلات موسيقية وغنائية تُقام على عدد من المسارح التى يضمها متحف الحضارة مثل المسرح الكبير الذى يضم 450 كرسيا والمسرح الصغير وبه 180 كرسيا والمسرح الرومانى المفتوح، وأخيراً الاهتمام بأوضاع الأثريين من خلال إخضاعهم باستمرار لعمليات التطوير والتدريب المستمر من أجل رفع كفاءتهم العملية والتقنية.

ومتى سيتم افتتاح قاعات العرض الجديدة؟

كانت خطة المتحف تقوم على وجود القاعات التالية، الفخار، نهر النيل، الكتابة، التحنيط، صناعة السفن، الطب، الفلك، ولكن نتيجة الظروف التى مرت بها البلاد بداية من عام 2011 م حتى اليوم تقلصت تلك القاعات إلى عدد من فتارين العرض، ومستهدف حالياً استكمال تلك القاعات وهى عملية لن تنتهى خلال السنوات القليلة المقبلة، لكن المشكلة الحقيقية تتمثل فى توفير القطع الأثرية الصالحة للعرض وتخدم السيناريو، فالمخازن الأثرية على مستوى الجمهورية تحتوى على مئات الآلاف من القطع الأثرية لكن 90% منها لا يصلح للعرض المتحفي، فالقطع التى يتم اختيارها يجب أن تتميز بالخصوصية من حيث الشكل والإسهام الحضاري، لهذا يمكن القول إن عصر «المتاحف المكدسة بالآثار» انتهى لأن كل متحف يجب أن تكون له روحه الخاصة وأقصد بذلك سيناريو العرض الذى يكون عبارة عن فكرة يتم على أساسها اختيار الأثر الذى يخدمها ويُظهرها، مثل متحف «شرم الشيخ» وفكرته علاقة الإنسان بالبيئة، ومتحف «الغردقة» وفكرته علاقة الإنسان بالجمال، ومتحف «العاصمة الإدارية» وفكرته علاقة الإنسان بالإدارة والدولة، ومتحف الحضارة وفكرته الإسهام الحضارى للمصريين وأخيراً متحف «كفر الشيخ» وفكرته علاقة الإنسان بالعلم والمعرفة.

بعد تحويل قاعة العرض المؤقت إلى قاعة النسيج، متى سيكون لمتحف الحضارة قاعة للعرض المؤقت؟

منذ افتتاح قاعة النسيج فى إبريل الماضى ويتلقى المتحف القومى للحضارة المصرية الكثير من الدعوات من دول ومراكز ثقافية مختلفة لعرض مقتنياتهم مؤقتاً مثل الصين وبلجيكا وسويسرا وفرنسا لهذا أصبح لدينا إصرار على إيجاد قاعة للعرض المؤقت وهذا ما نعمل عليه حالياً، كما يتم أيضاً وضع سيناريو العرض الخاص بقاعة «الهرم الزجاجي» التى تُعد بانوراما كاملة للقاهرة سواء سياحياً من خلال رؤية معالم المدينة بالعين المجردة أو تاريخياً من خلال شاشات العرض، وسيتم افتتاح إحدى القاعتين قبل عام 2023م.

لماذا نُقل متحف النسيج من شارع المعز إلى متحف الحضارة؟

ما لا يعرفه الكثيرون أن متحف النسيج بشارع المعز كان فى الأصل سبيلًا يعود للعصر الفاطمى ثم تداولته الأيدى حتى عصر محمد على باشا، وبالتالى فإن المبنى كان غير مؤهل للعرض المتحفى وغير قادر على تحمل الكثافات العددية إلى جانب أن إجراءات الأمن الصناعى فيه إلى حد ما كانت غير كافية، الأمر الذى استدعى دخول المبنى فى عملية تطوير وترميم ونقل المنسوجات إلى مخازن متحف الحضارة، ومن هنا جاءت فكرة استغلال تلك المنسوجات لعرضها فى قاعة مخصصة للنسيج كأحد مقومات الحضارة المصرية، وبالفعل تم افتتاح القاعة فى اليوم العالمى للمتاحف 18 إبريل الماضى معتمدة بنسبة 60% من مكوناتها على معروضات متحف النسيج، أما الـ 40% الباقية فتتضمن مقتنيات الأسرة العلوية وتراث النسيج عبر العصور والسجاد مثل سجاد الحرانية.

هل هناك جديد فيما يخص معامل الترميم؟

سيتم خلال أيام الإعلان عن افتتاح 8 معامل من أصل 11 معملا علميا تخدم المجالات العلمية المرتبطة بالآثار ويعمل بها عدد من حملة الماجستير والدكتوراه من كليات العلوم والطب والزراعة، ومن أمثلة تلك المعامل معمل الحامض النووى ومعمل «النانوتكنولوجي» ومعمل «الأنوكسيا» الذى يعالج إصابات الأخشاب والمواد العضوية من البكتيريا والفطريات باستخدام «النيتروجين» ومعمل كربون 14، ويضم المتحف أيضاً معامل ترميم الآثار والتى تنقسم إلى قسمين، الأول معامل الإسعافات الأولية والثانى معامل الترميم المركزية والتى يتم داخلها الترميم الدقيق للقطع الأثرية مثل معمل الأحجار الثقيلة ومعمل الأخشاب ومعمل الفخار وغيرها.

كيف أحيت احتفاليات موكب المومياوات الملكية وافتتاح طريق الكباش روح الهوية المصرية؟

لقد أظهرت الاحتفاليات التى أقامتها وزارة السياحة والآثار فى موكب المومياوات الملكية وافتتاح طريق الكباش امتلاك القيادة السياسية رؤية ثاقبة تجاه الهوية المصرية والتمسك بها، فالأمر لم يكن مجرد احتفال أو أنشودة بل عملية متكاملة عنوانها الاحترام الذى أولته القيادة السياسية للحضارة المصرية وموروثاتها وملوكها العظام وهو ما لم يحدث من قبل، فعلى سبيل المثال عندما اكتشفت المومياوات الملكية فى الأقصر تم نقلها إلى القاهرة ونظراً لعدم وجود بند مومياوات برصيف الجمارك فى ميناء روض الفرج تم إدخالها على أنها أسماك مملحة ثم تم نقلها على عربة «كارو» من الميناء إلى متحف بولاق، وعندما بدأت أعمال تطوير المتحف المصرى بالتحرير عام 1908، تم نقل المومياوات الملكية على عربة «كارو» من متحف بولاق إلى المخازن وعند تطوير المتحف عام 1936، تم نقلها على عربة كارو إلى ضريح سعد زغلول، وبالتالى يمكن القول إن موكب المومياوات الملكية ووقوف الرئيس عبد الفتاح السيسي فى شرف استقبال هؤلاء الملوك رد لهم كرامتهم، وكان لهذا المشهد تأثيره الكبير على المصريين لأنهم رأوا وشعروا كم هم كبارًا.

وهل تأثير موكب المومياوات الملكية مستمراً حتى الآن؟

بالتأكيد، فهذا الحدث هو ما يجعل لمتحف الحضارة هذا البريق الذى ما زلنا نستمتع به حتى الآن، فمتحف الحضارة هو ثانى أكبر متحف من حيث عدد الزوار على مستوى الجمهورية حيث يتجاوز عدد الزوار فى الأيام العادية الـ 2000 زائر فى اليوم 90% منهم مصريون، أما فى الأعياد فيتجاوز عدد الزوار الـ 6000 زائر فى اليوم ما يمثل لنا أزمة رغم فرحتنا بهذا وذلك بسبب ضغط الزوار على المتحف ما يشكل على عاتقنا مسئولية أكبر، كما أن وزارة التربية والتعليم بدأت منذ فترة قريبة الاهتمام بإعطاء فكرة عن أوليات اللغة المصرية القديمة وزيادة جرعة التاريخ المصرى منذ بداية عصر الأسرات حتى الفتح العربى وذلك للصفين السادس الابتدائى والأول الإعدادي، كما يجب استحداث مقرر دراسى يسمى «الحضارة» يُعرف الطلاب كيف أسهم المصريون القدماء فى بناء الحضارة الإنسانية وبزوغ فجر الضمير.

تعتبر أنشودة «مهابة إيزيس» أيقونة موكب المومياوات الملكية، كيف كانت أجواء اختيارها والعمل عليها؟

الأنشودة عبارة عن مدائح فى المعبودة «إيزيس» وهى مكتوبة على جدران معبد «دير شلويط» بالبر الغربى لمدينة الأقصر، والبداية أننا كنا نبحث عن أنشودة ترتبط بالملوك ورحيلهم إلى العالم الآخر، ولكن للأسف لم يكن هناك أنشودة متكاملة بمعابد البر الغربى ماعدا معبد «دير شلويط» حيث وجدت على أعمدة البوابة وكانت متآكلة، فقام د. ماجد محجوب بإرسال النص فشرعت فوراً فى العمل عليه لأن د. خالد العنانى وزير السياحة والآثار كان يريده فى أسرع وقت فقمت بترجمته ومعالجته وحل مشاكله اللغوية من خلال مقارنته بنفس النص على جدران معابد دندرة وأسوان وغيرها، وفى الحقيقة فإن لحن الموسيقار هشام نزيه هو ما أعطى للأنشودة بريقاً خاصاً محبباً لأسماع الناس.

لماذا تعتبر بعثة «تونا الجبل» الأثرية أهم بعثة شاركت بها؟

بعثة كلية الآثار جامعة القاهرة بمنطقة «تونا الجبل» محافظة المنيا هى آخر بعثة عملت بها خلال الفترة من نهاية 2013 م حتى نهاية عام 2018 وكانت تهدف فى البداية إلى تسجيل أعمال واكتشافات عالم الآثار الكبير الراحل د. سامى جبرة، وقد بدأت أعمال التسجيل قبل انضمامى للبعثة بخمسة سنوات بمعنى أنى لحقت العمل بها قبل عام من انتهائها وهذا من حسن حظى حيث تقدمت باقتراح إلى د. صلاح الخولى رئيس البعثة آنذاك وطلبت منه أن نبدأ فى الحفر للكشف عن آثار بالمنطقة، لكن واجهتنا مشكلة هى أن الميزانية لا تسمح فعملنا بالجهود الذاتية بداية من عام 2014 م فاكتشفنا عام 2015م مجموعة من المقابر التى تعود للعصرين اليونانى الروماني، وفى العام التالى نجحنا فى توفير جزء من الدعم المالى فبدأنا الحفائر مجدداً عام 2016 واكتشفنا جبانة كبيرة بها 12 مقبرة، وفى عام 2017م، كان الكشف الأكبر حيث تم العثور على جبانة كهنة مدفونين فى سراديب وأيضاً 40 مومياء و100 هيكل عظمى وممرات واسعة لم ننته منها بعد والعديد من القطع الأثرية والبرديات والحلي.

أضف تعليق

أصحاب مفاتيح الجنة

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2