"الملائكة لا تسكن الأرض"، واحد من أوائل الأفلام، التى تناولت قضية الإرهاب، وعلاقة الإنسان بربه بجرأة غير مسبوقة فى السينما المصرية، ولذلك لم يتمكن صُناع الفيلم من عرضه عرضًا جماهيريًا حتى الآن!
والفيلم الذى تم إنتاجه عام 1987، من تأليف سعد عرفة، وسيناريو وحوار عاطف بشاي، وإخراج سعد عرفة، ومن بطولة بوسي، وممدوح عبد العليم، وسعيد صالح، وتدور قصته حول معاناة الابن من تشدد والده الديني، ودفعه دفعا للصلاة والصوم والفرائض، بدون أى اعتبار لسماحة الدين والنهى عن الغلظة والقسوة فى الدعوة للإيمان، خاصة عندما يكتشف الابن أن سلوك الأب الورع، يخفى وراءه أخلاقًا متناقضة تمامًا.
ويناقش الفيلم قضية دينية حساسة، من خلال الشيخ عمران الذى يعامل ابنه بقسوة من أجل إجباره على الصلاة، وهو ما يؤثر على الابن بشكل كبير ويؤدى إلى توتره وحيرته ما بين الحياة الدينية والأمور الدنيوية، وتم الاعتراض على الفيلم بسبب ما يحويه من أمور دينية شائكة، لدرجة أن تهديدات وصلت للأمن بحرق صالات العرض، التى ستعرض هذا الفيلم، وتم بالفعل منع الفيلم من العرض بدور السينما وإن كان موجودًا على قناة "يوتيوب"!
وكتب الناقد السينمائى الكبير كمال رمزى مقالين يدافع فيهما عن الفيلم.
وقال إن "الملائكة لا تسكن الأرض"، فيلم تعرض للاغتيال مرتين، مرة عام 1987، خوفًا من ردود أفعال الجماعات المتطرفة، التى هدد بعض أفرادها بحرق دور العرض السينمائى، التى تتجرأ وتعرض الفيلم، وهو ما يعنى الحكم عليه بالحبس انفراديًا - حسب قوله - فى علبة الصفيح بلا محاكمة عادلة.
أما المرة الثانية، فتحدث هذه الأيام "يقصد عام 1995 وقت كتابة المقال"، بعدما ظهر الفيلم على شرائط الفيديو ممزق الأوصال، فبدا كالجثة، التى تم التمثيل بها على يد قاتل متوحش لا يعرف الرحمة، خاصة أن عملية الاغتيال الثانى للفيلم تمت فى أجواء من الصمت المريب من صناع الفيلم أنفسهم، مشيرًا إلى تقاعسهم فى الدفاع عنهم خوفًا مما قد يطالهم من أذى من قبل بعض المتطرفين.
وأشار "رمزي" فى مقاله، إلى المقال الذى كان قد كتبه الناقد السينمائى الراحل على أبو شادي، وأدان فيه حذف الكثير من المشاهد المثيرة للجدل من فيلم "الملائكة لا تسكن الأرض" فى عام 1992، وطالب فيه بإطلاق سراح الفيلم وعرضه كاملاً للجمهور.
وعلى المستوى الفني، لم يكن الناقد كمال رمزى من المتحمسين للفيلم، ووصف فى نفس المقال، قصة الفيلم التى كتبها المخرج سعد عرفة، بأنها تعتمد على صراع الأفكار المتضاربة والمتباينة على أرض الواقع، وتكاد الشخصيات تخلو من نبض الحياة، فهى مجرد أشباح أو معتقدات أحادية الجانب، والمبارزات الكلامية التى كتبها مؤلف السيناريو عاطف بشاى تحتل مساحات واسعة من الفيلم.