«الملكية الفكرية».. كيان وطني واحد يدعم اقتصاد مصر

«الملكية الفكرية».. كيان وطني واحد يدعم اقتصاد مصرصورة تعبيرية

جاء قرار إطلاق الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، متضمنا تدشين الهيئة الوطنية للملكية الفكرية، ليضع خطا أحمر أمام قرصنة المحتوى، ويحفظ حقوق الملكية الصناعية وبراءات الاختراع ونماذج المنفعة العامة، و الملكية الفكرية للبحث العلمى فى الجامعات، وكذلك العلامات التجارية والنماذج الصناعية، بالإضافة إلى الملكية الأدبية. وهى أول هيئة تختص بحماية الملكية الفكرية وتعديل التشريعات، لتتناسب مع المواثيق الدولية ذات الصلة، ومن المقرر أن يتم افتتاح الهيئة فى 2024.

الملكية الفكرية

قال المستشار دكتور حسن البدراوي، خبير الملكية الفكرية، ومقرر قانون حماية الملكية الفكرية عام 2002: «فى البداية تعريف الملكية الفكرية، ولها جانبان: الملكية الصناعية مثل: براءة الاختراع والعلامات التجارية.. والجانب الآخر وهو الملكية الأدبية والفنية، وهو حق المؤلف والحقوق المجاورة».
وتابع البدراوى: «حق المؤلف والحقوق المجاورة، هناك 6 جهات تتعامل فيه، والملكية الصناعية تتعامل فيه 3 جهات.. العالم أجمع قائم على نظامين أساسيين، إما كيان واحد كل أنواع الملكية الفكرية، وإما كيانين: كيان للملكية الصناعية، وكيان للملكية الأدبية».
الويبو
وأشار إلى أنه فى عام 2019، قامت المنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو»، بعمل دراسة استقصائية لمعالجة مجموعة القضايا الفكرية.


في ذات السياق، طرح البدراوي سؤالا على لسان المنظمة العالمية للملكية الفكرية: هل ستعالج القضايا الفكرية بكيان واحد أو كيانين أو ثلاثة كيانات؟


وأوضح أن دراسة المنظمة العالمية أثبتت أن 40 % من دول العالم لديها كيان واحد، و50 % لديها كيانان.


وتواجه الهيئة الوطنية للملكية الفكرية، مشكلة، وهي أنها لديها 9 كيانات، قائلا: «إحنا بدأنا خطوات العلاج فى سنة 2002، حين صدور قانون حماية الملكية الفكرية ورقمه 82، وأطلقنا عليه القانون الموحد».


نص دستورى


وقال البدراوى: «فى دستور 2014، سعينا لوضع نص فى الدستور بيتكلم عن كيان موحد للملكية الفكرية، ونجحنا فى تمرير هذا النص فى المادة 69 من الدستور». ونصت المادة 69 على: «كيان موحد للملكية الفكرية يرعى حقوق الملكية ويحميها، وبناء على ذلك صدر قرار لتشكيل لجنة من كافة الجهات المعنية التي تضم الخبراء، وذلك لإعداد استراتيجية تضم الكيان الموحد».


وحدثنا بدراوي عن الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، قائلا: «هذه الجمعية أصدرت فى شهر مايو الماضي فتوى تاريخية، وهي قولها: أن هذا النص كيان شامل للرعاية والحماية والتنفيذ».
وأضاف: «نحن أصبحنا الآن فى انتظار مناقشة قانون الكيان الموحد فى مجلس النواب».


وردا على سؤال عن النزاعات الفكرية، قال بدراوي: «هي مش نزاعات.. إنشاء الهيئة هيرتفع بقضية الملكية الفكرية.. نحن هدفنا من حقوق الملكية الفكرية تحقيق تقدم اقتصادي كبير..لا سيما أن العالم مقبل على ما يُسمى اقتصاد المعرفة».


الحد من القرصنة


وبشأن الحد من القرصنة الإلكترونية، قال بدراوي: «مفيش حاجة فى الدنيا تسمى استئصال جريمة.. الجريمة سوف تظل طالما وجد البشر».


وأضاف: «السؤال هنا، هل نتعامل معها بطريقة مبعثرة، أم نتعامل معها من خلال كيان قوي يقدر يضبط الأمور».


وقال دكتور حسن، ردا على سؤال بخصوص حماية التراث المصري من السرقة: «طبعا.. حاليا موجود للمنظمة العربية الفكرية، لجنة حكومية دولية لمعالجة موضوعات الثروات البيولوجية، والمعارف التقليدية لدى الدول».
وأوضح أن اللجنة الحكومية الدولية لمعالجة موضوعات الثروات البيولوجية، أوشكت على إنهاء عملها.


واستطرد دكتور حسن فى حديثه ذاكرا أغنية لـ «أم كلثوم» فى إنشاء السد العالي: « كان حلما فـ «خاطرا» فـ «احتمالا ثم أضحى حقيقة لا خيال.. عمل من روائع العقل جئناه بعلم ولم نجئه ارتجالا».


دور الهيئة


ومن جهته، أوضح الدكتور حسام الدين عبد الغني الصغير: «مش دور الهيئة أن تفض النزاعات.. تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، وكان ذلك بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي». مضيفا: «رئيس الوزراء كان أنشأ قرارا لإصدار الاستراتيجية.. الاستراتيجية لها أهداف لكن مش من ضمن أهدافها تسوية المنازعات.. مَن يقوم بتسوية النزاعات إما القضاء أو هيئات تحكيم متخصصة».
وقال أستاذ القانون التجاري والملكية الفكرية، بكلية الحقوق جامعة حلوان: «من أهداف الاستراتيجية إنشاء جهاز قومي واحد للملكية الفكرية.. لأن هناك أجهزة متعددة». مبينا: «مكتب العلامات يتبع وزارة التموين، مكتب براءة اختراع يتبع وزارة وأكاديمية البحث العلمي، ومكتب الأصناف النباتية يتبع وزارة الزراعة، بينما حقوق المؤلف تتبع ثلاث جهات، واحدة منها وزارة الثقافة، والثانية المجلس الأعلى للإعلام، والثالثة، هيئة تكنولوجيا المعلومات، التى تتعلق ببرامج الحاسب الآلي».


كيان واحد


وتابع الخبير لدى المنظمة العالمية للملكية الفكرية: «هناك تشتت نظرا لتعدد الجهات التي تشرف على تطبيق قانون الملكية الفكرية.. الأمر يقتضي أن يكون كيانا واحدا وهذا التزام دستوري». منوها إلى أن «المادة 69 من الدستور تنص على إنشاء جهاز قومي واحد لحماية الملكية الفكرية».


وقال المشرف الأكاديمي على الأكاديمية الوطنية للملكية الفكرية: «الحقيقة المادة 69 وضعت بناء على اقتراحي، أثناء وضع الدستور، وتم الموافقة على الاقتراح». مشيرا إلى أن ذلك جاء لإنشاء كيان واحد ولحماية حقوق الملكية الفكرية: «ليس فقط للحماية، ولكن أيضا لاستخدام الملكية الفكرية فى أغراض التنمية المستدامة».


وقدم رئيس لجنة قانون تعديل الملكية الفكرية، رسالة شكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلا: « طال الانتظار.. كل الشكر لرئيس الجمهورية على هذه المبادرة التي أدت إلى إنشاء هذه الوثيقة المهمة التي توضح كيف تتعامل الحكومة المصرية مع هذا الملف، بعد أن كان هناك تضارب فى القصاصات من كثير من الجهات وتعدد الجهات الذي يؤدي إلى عدم وجود سياسة للدولة، الأمور اليوم أكثر وضوحا.. والاستراتيجية كنا فى حاجة إليها بالفعل، وخصوصا أنها ستؤدي إلى مردود اقتصادي مهم لتحقيق أغراض التنمية المستدامة».


التنمية المستدامة


وتابع: «الاستراتيجية أعدت للتوافق مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، ورؤية مصر 2030، وأجندة الـ «الويبو» للتنمية». مؤكدا على إلزامية فهم الملكية الفكرية، وإنها «ليست فقط وسيلة للحماية بل هي أيضا دافع للتنمية».
وردا على سؤال الحد من القرصنة الفكرية، قال الدكتور حسام الصغير: « الهيئة الوطنية للملكية الفكرية أو الجهاز الموحد، وذلك سيحل محل الأجهزة الحالية، وطبعا ذلك سيحسن الأداء والإنفاذ.. وكلما كانت هناك أجهزة إنفاذ قوية، قلت القرصنة الإلكترونية».


الحد من التعديات


وأضاف: «لا شك فى وجود سياسات واضحة تابعة للهيئة بعد إنشائها، وذلك سيقلل من عملية التعديات.. ولكن لن يقضي عليها تماما». متابعا: «مش معنى انعدام القدرة على إنهاء القرصنة نهائيا ألا يوجد أجهزة إنفاذ.. للقوانين لا.. ومعايير الإنفاذ تتوافق مع المعايير العالمية».


وأوضح الدكتور حسام الصغير أن أجهزة الإنفاذ هي تفعيل القانون، أي إنه ليس نصا مكتوبا على الأوراق فقط، وإنما هو تطبيق لذلك النص. قائلا: «بخصوص حماية التراث المصري من السرقة.. عاوزين ملكية فكرية تقلل إلى حد كبير من الاعتداءات على تراثنا وحضارتنا».


وأضاف: «صحيح فى نصوص قانونية متفرقة.. ولكن الحماية ليست كافية، وعلى المستوى الدولي تحاول الدول حماية الموارد والمعارف التقليدية والفلكلور أو التعبيرات الثقافية عن طريق قواعد الملكية الفكرية».


حماية التراث


وتابع: «القانون المصري فيه نصوص لحماية التراث ولكن مش كفاية، وفي حاجة إلى تفعيل بشكل أفضل».
ووجه حسام الصغير كلمة بخصوص اجتماع مجلس النواب يوم السبت الموافق 1 أكتوبر، قائلا: « أتمنى أن نعطي مشروع تعديل أحكام الملكية الفكرية، أهمية لإنجازه فى أقرب فرصة ممكنة». مشيرا إلى مشروع آخر، وهو مشروع بالنفاذ إلى الموارد الأحيائية، قائلا: «أتمنى أن يُنظر إليه بعين الاهتمام والأولوية.. لأن هذه المشروعات تحافظ على البُعد التنموي والتنمية المستدامة وتعود بمنظور اقتصادي جيد على بلادنا إن شاء الله».


اطلاق الاستراتيجية


وخلال مشاركته فى الاحتفالية الكبرى، التي أقيمت تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية؛ بمناسبة إطلاق جمهورية مصر العربية للاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، بحضور عدد من الوزراء، والمدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية. قام رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، بالتوقيع على الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، إيذانا بالإعلان عن إطلاقها رسميا.


وألقى رئيس الوزراء، كلمة أعرب فيها عن تقديم تحية إعزاز وتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، على رعايته الكريمة لهذه الاحتفالية، من منطلق حرص سيادته البالغ على توطيد دعائم منظومة الملكية الفكرية فى جمهورية مصر العربية.
وأكد رئيس الوزراء أن إطلاق هذه الاستراتيجية يعد الخطوة الأولى من نوعها فى مصر، وتعد انعكاسا حقيقيا لاهتمام الدولة المصرية البالغ بهذا الملف، إيمانا بأهميته، وإدراكاً لما تلعبُه منظومة الملكية الفكرية من أدوار فى دفع عجلةِ الاقتصاد المصريّ، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة فى إطار «رؤية مصر 2030»، بمختلف أبعادها الاجتماعية والاقتصادية، وفي ظل حرص الدولة على مواكبة التطورِ العالميِّ فى هذا المجال، وإلمامها بالدور المتعاظم لاقتصاد المعرفة والتطور التكنولوجي.


وقال رئيس الوزراء: لقد صدرت توجيهات رئيس الجمهورية بتشكيلِ لجنة تتولى صياغة استراتيجية وطنية متكاملة للملكية الفكرية، ومن ثم أصدرتُ قرارا بتشكيل لجنة برئاسة هيئة مستشاري مجلسِ الوزراء، وبعضويةِ ممثلينَ عن كافّةِ الوزاراتِ والجهاتِ المعنيةِ لصياغةِ الاستراتيجية، معربا عن ثقته الكاملة فى أن جميع الجهاتِ والمؤسساتِ المعنيةِ فى الدولة لن تدخرَ جهدًا فى الاضطلاعِ بأدوارها، وتنفيذ المهام المطلوبة منها، سواء من خِلالِ اتّخاذِ سياساتٍ قطاعية ملائمة تتسق وأهداف ومحاور الاستراتيجية، أو من خلال مباشرة خطط العمل والمشروعات المستهدفة، من أجل تحقيق تلك الأهداف.


وكرر مدبولي الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية على فائقِ رعايته واهتمامه بهذا الملف المهم، كما توجه بالشكر والتقدير لجميع القائمين على إعداد الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، ولكل من شاركوا فى صياغتها وإعدادها وإخراجها.


وخلال فعاليات الاحتفالية، ألقى عدد من الوزراء كلمات حول ملامح الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية، حيث تناول كل من الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والمستشار عمر مروان، وزير العدل، والدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، دور مصر فى تشجيع أوجه التعاون مع المُنظمة العالمية للملكية الفكرية فى مجالات الملكية الفكرية، والبحث العلمي، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، ودعم رواد الأعمال والمُبتكرين، والتأثير المباشر لهذا الحدث الكبير المتمثل فى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية فى خطة التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، وكذلك استراتيجية المناخ، كما تم عرض كلمة مسجلة لفريد بلحاج، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشئون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


وأوضح المستشار أمين مجدي، عضو هيئة مستشاري مجلس الوزراء، رئيس اللجنة المكلفة بإعداد الاستراتيجية، أنه تم الاطلاع على عدد كبير من الاستراتيجيات والدراسات الأجنبية والوطنية المتخصصة فى مجال الملكية الفكرية، بالإضافة إلى دراسات لعدد من المنظمات الدولية حول هذا المجال، فضلا عن دراسات مجموعة نوعية منبثقة عن اللجنة، كما تم الاطلاع على الاتفاقيات والمعاهدات المنضمة إليها مصر، بجانب دور الأطراف ذوي المصلحة بهذا الشأن.


يشار إلى أن اللجنة استغرقت 18 شهرا فى إعداد ومراجعة الاستراتيجية خلال الفترة من يونيو 2020 – يونيو 2022، بمشاركة 35 جهة تتألف من 17 وزارة، و18 جهة وهيئة حكومية، وبمعاونة أحد المراكز المتخصصة فى الدراسات الاستراتيجية، كما ساهم فى إعداد الاستراتيجية ثمانية خبراء فى مختلف تخصصات الملكية الفكرية.

أضف تعليق