أجواء ساخنة تفرض نفسها على المشهد فى الولايات المتحدة الأمريكية مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، والمقرر إجراؤها فى نوفمبر المقبل، حيث اشتدت المنافسة بين الحزبين الرئيسيين، الجمهورى والديمقراطى، كما ظهرت انقسامات سياسية بين صفوف الناخبين الأمريكيين الذين أبدوا اهتماما كبيرا بتلك الانتخابات أكثر من مثيلاتها السابقة.
كشفت استطلاعات حديثة للرأى، أن هذه الانتخابات أصبحت تشغل حيزا كبيرا من تفكير الناخب الأمريكى وبصورة غير مسبوقة، فهم متحمسون أكثر من المعتاد للتصويت فى هذه الانتخابات مقارنة بجميع الانتخابات التى أجريت بين عامى 1998 و2014 وذلك بسبب بروز عدة ملفات حيوية تهم المواطن الأمريكى.
وبحسب الاستطلاع الذى أجرته صحيفة "واشنطن بوست" وشبكة "إيه بى سى" الإخبارية، فإن غالبية الديمقراطيين والمستقلين الأمريكيين ذوى الميول الديمقراطية، يرغبون فى أن يتم استبدال الرئيس جو بايدن بمرشح آخر فى الانتخابات الرئاسية لعام 2024، بينما يرغب 35% فقط من هذه المجموعة فى ترشيح بايدن مجدداً.
وقال 56% إن الحزب الديمقراطى يجب أن يختار شخصاً آخر، ومن بين الجمهوريين والمستقلين ذوى الميول الجمهورية، يؤيد 47% الرئيس السابق دونالد ترامب للترشيح فى عام 2024، ويفضل 46% أن يكون شخصاً آخر.
كذلك، ذكر سبعة من كل عشرة أمريكيين أن الرئيس الحالى لا يولى الاهتمام الكافى بالقضايا الملحة، ولم تظهر سوى نسبة 38% تأييدها لسياساته. كما أن استطلاعاً آخر ذكر أن نسبة 75% من الديمقراطيين يرون أنه يتعين على الحزب الدفع بمرشح آخر فى انتخابات 2024.
وشعر 76% من أكثر من 2200 شخص شملهم استطلاع أجراه موقع "إنسايدر" الأمريكى بالتعاون مع شركة "مورننج كونسالت" العالمية أن بايدن (79 عاماً) كان "أكبر من أن يشغل منصباً عاماً" فى الوقت الحالي، بينما قال 57% الرأى نفسه عن ترامب.
ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فأنه مع احتمال فقدان الديمقراطيين لسيطرتهم على مجلسى الشيوخ والنواب فى الانتخابات المقرر إجراؤها فى 8 نوفمبر المقبل، تجلت الانقسامات بين الأمريكيين بشدة، وقد يرجع ذلك ببساطة إلى أن هناك العديد من القضايا الملحة التى تواجه الولايات المتحدة الآن، والتى تتطلب ضبط بعض السياسات الموجودة.
ووفقا لعدد من المؤسسات البحثية، فإن أبرز القضايا التى تدور فى أذهان الناخبين فى عام 2022، تتمثل فى ملف الاقتصاد، فهو يحتل الأولوية القصوى فى عام يلوح فيه التضخم وارتفاع أسعار المواد الغذائية وخطر الركود فى الأفق.
كما احتلت التشريعات الخاصة بالأسلحة المرتبة الثانية، يليها الإجهاض، والهجرة، والسياسة الضريبية، والحرب الروسية - الأوكرانية، وأخيراً قضايا المناخ. فبينما تمتع الجمهوريون بشعبية كبيرة فى شؤون الاقتصاد والتضخم والجريمة، حظى الديمقراطيون بميزة أكبر فى التعامل مع قضايا الإجهاض وتغير المناخ.
أما فيما يخص الرئيس السابق دونالد ترامب، فرغم مواجهته العديد من المتاعب القانونية واستمرار التحقيقات لدوره فى التشجيع على اقتحام الكونجرس 6 يناير 2021، والبحث عن دوره فى نقل مستندات سرية من البيت الأبيض لمنزله بفلوريدا، قالت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية إن الرئيس الأمريكى السابق هو المنافس الرئيسى لترشيح الحزب الجمهورى للرئاسة فى عام 2024.
وأوضحت أن ترامب قوى سياسيا داخل الحزب الجمهورى منذ صعوده عام 2015، وكان منفتحًا بشأن الترشح للبيت الأبيض مرة أخرى فى عام 2024، مشيرة فى نفس الوقت إلى أنه من المحتمل أن يواجه منافسة شرسة، خصوصا مع صدور استطلاعات الرأى التى تشير إلى أن الجمهوريين يريدون متنافسين آخرين.
وحسب شبكة "سى إن إن" الأمريكية، تؤثر عودة ترامب إلى المشهد السياسى على انتخابات التجديد النصفى، حيث يمكن أن يفقد الحزب الديمقراطى عدد من المقاعد بمجلس الشيوخ وعدد أكبر بمجلس النواب، مشيرة إلى أن ترامب أصبح يتصدر محركات البحث مؤخرا فى الولايات المتحدة، متفوقا على الرئيس الحالى جو بايدن.
ويرى سيمون روزنبرج، رئيس معهد شبكة الديمقراطيين الجدد، أنه من الصعب تحديد ما إذا كانت مساهمة ترامب في الانتخابات النصفية "ستكون مفيدة للحزب الجمهورى أم لا"، واصفا مشاركة ترامب فى الحملات الانتخابية بـ"المقامرة" لأنها "لا تؤثر على الناخب الجمهورى فقط، إنما ستؤثر على الناخب الديمقراطى بدفعه للمشاركة فى الانتخابات النصفية".
وأضاف أيضا، إنه من المتوقع أن يتقدم الحزب الجمهورى فى الانتخابات المقبلة، مشدداً على أن الفترة السابقة إنما تعكس أن نجم الرئيس السابق دونالد ترامب، لا يزال ساطعاً فى السياسة الأمريكية، مؤكدا أن أبرز أسباب ذلك هو عدم ظهور أى منافس آخر سياسياً أو كقيادى بالحزب الجمهورى نفسه.
بينما يرى بعض المحليين والخبراء أنه لن يكون هناك تغيراً كبيراً على السياسة الخارجية الأمريكية إزاء القضايا الرئيسية حال نجاح الجمهوريين فى حجز الأغلبية، بما فى ذلك العلاقة مع الصين، مبررين ذلك بأن زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكى إلى تايوان كانت بمباركة الحزبين على سبيل المثال، أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فيرى المحللين أن الموقف لن يختلف كثيراً بالنسبة لملفات سوريا واليمن والعراق وغيرها.
جدير بالذكر أن الانتخابات التى من المقرر أن تُجرى فى نوفمبر المقبل، يتم خلالها انتخاب 435 عضواً لمجلس النواب، وثلث أعضاء مجلس الشيوخ (35 عضواً).