"فورين بوليسي": يجب على بايدن وشي الضغط لوقف إطلاق النار بأوكرانيا لتجنب حرب نووية

"فورين بوليسي": يجب على بايدن وشي الضغط لوقف إطلاق النار بأوكرانيا لتجنب حرب نوويةفورين بوليسي : يجب على بايدن وشي ومودي الضغط لوقف إطلاق النار بأوكرانيا لتجنب حرب نووية

عرب وعالم13-10-2022 | 23:37

قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إنه إذا استمر الجيش الأوكراني المدعوم عسكريا من حلف شمال الأطلسي (ناتو) في إخراج القوات الروسية من المناطق التي يسيطر عليها حاليًا في أوكرانيا، فقد يدفع ذلك الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" نحو تصعيد الأزمة، والوصول في النهاية إلى استخدام أسلحة نووية في محاولة لإيجاد مخرج من الأزمة. وأكدت المجلة أن الرئيس الروسي لم يكن يخادع حينما قال: "إذا تعرضت وحدة أراضي بلادنا للتهديد، فسنستخدم بلا شك جميع الوسائل المتاحة لحماية روسيا وشعبنا"، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يستوعب ذلك جيدا، وهو ما تجلى في تصريح له يوم 6 أكتوبر حينما قال: "لدينا رجل أعرفه جيدا.. اسمه فلاديمير بوتين.. إنه لا يمزح عندما يتحدث عن الاستخدام المحتمل لأسلحة تكتيكية نووية أو أسلحة بيولوجية أو كيميائية؛ خاصة أن أداء جيشه ضعيف بشكل كبير". بلا شك، يثير إعلان بوتين الأخير، أن مناطق "خيرسون، وزابوريجيا، ودونتسك، ولوجانسك" مثلها مثل شبه جزيرة القرم، أجزاء لا تتجزأ من الأراضي الروسية، مخاطر بتصعيد المواجهة بشكل كبير، حيث إذا استمر أداء الجيش الأوكراني المدعوم عسكريا من الناتو على هذا النحو، فإن بوتين وربما مساعديه أكثر استعدادا لارتكاب ما وصفته –المجلة الأمريكية- بـ "عمليات انتحارية" في أوكرانيا. ودعت "فورين بوليسي" إلى عدم التمادي في ممارسة أقصى درجات الضغط لمعرفة من يمكنه الصمود حتى النهاية في هذه الحرب، معتبرة أن الحكمة تقتضي حاليا النظر بعيدا، والعمل على إيجاد طريقة لكلا البلدين (روسيا وأوكرانيا) للحياة ووقف المواجهات. ودللت المجلة الأمريكية على هذا الطرح بالإشارة إلى تصريح الرئيس الأمريكي الراحل "جون كينيدي" وهو يتأمل أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962: "يجب على القوى النووية أن تتجنب تلك المواجهات، التي تضع الخصم أمام خيار إما الانسحاب المهين أو الحرب النووية. إن تبني هذا النوع من المسارات في العصر النووي سيكون دليلا فقط إما على إفلاس سياستنا أو رغبة جماعية في نهاية العالم". إن إجبار دولة مسلحة نوويا، يقودها رجل يعتبر الحرب التي يخوضها في أوكرانيا بأنها صراع وجودي، ودفعها إلى انسحاب كامل ومهين يشكل مخاطر أكبر بكثير من المكاسب التي ستتحقق من محاولة استعادة كل كيلو مربع من الأراضي الأوكرانية التي تحتلها القوات الروسية. وتؤكد "فورين بوليسي" أن وقف إطلاق نار قائم على مفاوضات، مع التطبيق الصارم لذلك، هو الخيار الأفضل للجميع حاليا. لسوء الحظ، يبدو أن الكثيرين في الولايات المتحدة، وأوروبا، وخاصة أوكرانيا يتبنون موقفا يتمثل في حرمان بوتين من أي مكاسب، ويميلون إلى تجنب أي طرح آخر، إما من خلال الإدعاء بأن بوتين مخادع أو أنه إذا أفلت بوتين بما يقوم به في ظل إصداره تهديدات نووية، فسوف يرتكب هو وغيره ممن يمتلكون السلاح النووي في المستقبل مزيدا من الأعمال العدوانية. وقد يذهب البعض للقول إن إيقاف الحرب بينما لا يزال المعتدي يحتل أراضي شخص آخر هو أمر سيء بالفعل وإن لم يكن غير مسبوق، فضلا عن أن القيام بذلك في ظل تهديد نووي أسوأ بكثير، ويمكن أن يحمل في طياته رسائل لقوى أخرى مسلحة نوويا مثل باكستان أو الصين بأن تتجرأ على تجربة شيء مشابه مع كشمير أو تايوان. ولكن هذا الطرح (التفاوض على وقف إطلاق النار) أقل سوءا بكثير من البديل المتمثل في الضغط حتى تستخدم روسيا الأسلحة النووية، حيث سنكون حينها في حاجة للتفاوض لإنهاء الدمار وإلا سنجد أنفسنا أمام نهاية العالم دون ضمان مغادرة المعتدي للأراضي التي سبق واحتلها. وسيحدث بالتبعية كوارث أكبر بكثير مثل خسائر بشرية ضخمة وتلوثا بيئيا كبيرا. وترى المجلة الأمريكية أنه لمنع تصعيد يتضمن أسلحة نووية، يجب على قادة العالم التدخل لتشجيع أوكرانيا على قبول اقتراح وقف إطلاق النار الآن بموجب شروط قد تستنتج روسيا في نهاية المطاف، وإن كان ذلك على مضض، أنها تستطيع قبولها. وهذا يعني أنه يجب على الولايات المتحدة وقيادة حلف شمال الأطلسي، والرئيس الصيني "شي جين بينج" ورئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي"، أن ينضموا إلى هذه المساعي بكل قوة. كما ترى المجلة أن الطرح الخاص بمفاوضات لوقف إطلاق النار سيفيد أوكرانيا من خلال المساعدة في ردع استخدام روسيا للأسلحة النووية، كما أن أحكام وقف إطلاق النار المتفق عليها وكذلك إجراءات المراقبة وتسوية المنازعات سوف تستغرق وقتا للتفاوض. ويمكن لأوكرانيا مواصلة عملياتها العسكرية حتى ذلك الحين، لكنها ستحتاج إلى التخلي عن أي محاولات لنقل قواتها إلى شبه جزيرة القرم. وفي هذه الأثناء، ستصبح روسيا –وفقا للمجلة- منبوذة مثل كوريا الشمالية في دوائر أوسع بكثير مما هي عليه الآن إذا قررت استخدام الأسلحة النووية بعد عرض أوكرانيا وقف إطلاق النار. ويجب هنا الإشارة إلى أن الصين والهند أعلنتا من قبل أنهما تريدان إنهاء القتال في أوكرانيا، ولدى كل من شي ومودي مصلحة ذاتية لمساعدة بوتين في الوصول إلى هذا الهدف ومنع التصعيد النووي. كما أن الصين والهند لطالما أكدتا أنه لا ينبغي لأحد أن يهدد باستخدام الأسلحة النووية أولا. ومن هذا المنطلق، يمكن النظر إلى أن شي ومودي رسولان جيدان لإخبار بوتين بأن استخدام الأسلحة النووية أولا سيجعل من المستحيل عليهما الحفاظ على تعاونهما الحالي، وأنه من الأفضل السعي لوقف إطلاق نار قابل للتطبيق قبل أن يجد نفسه (بوتين) مضطرا للتصعيد لمنع المزيد خسائر على الأرض، وإن المفاوضات ووقف إطلاق النار من شأنها أن تخدم مصالح روسيا والعالم. وبالنظر إلى العلاقات الأمريكية الصينية (المتدهورة) في الوقت الراهن، سيحتاج شي إلى حافز إيجابي من واشنطن للقيام بالدور المنتظر منه. ويجب هنا آلا تعرقل السياسات الداخلية الأمريكية الانفتاح على بكين لاستكشاف ما إذا كان يمكن ترتيب حوافز معقولة لها. ولا ينبغي على الحكومة الأمريكية أيضا أن تقوم بدور الواعظ للرئيس الصيني حول ما يخدم مصالحه؛ بل يجب على واشنطن أن تسأل بكين مباشرة عما تحتاجه لحث بوتين على الطرح الخاص بالتفاوض. من المؤكد أن حربا نووية حتى وإن كانت بأسلحة تكتيكية (ذات نطاق محدود)، لن تخدم مصالح السكان الأوكرانيين الذين يحاول الناتو الدفاع عنهم أو مصالح العالم على نطاق أوسع. وإن وقف إطلاق نار متفاوض عليه قبل بدء استخدام الأسلحة النووية سيكون مفضلا لجميع الأطراف دون أي شك. كما أن خيار التفاوض بشأن إنهاء القتال بعد استخدام أسلحة نووية سيكون أكثر عقلانية من الاستمرار والتمادي في هذه الحرب، ولكن هذا الخيار سيجعل العالم أسوأ حالا مما لو كان قد تم السعي إلى وقف إطلاق النار في وقت سابق (قبل استخدام السلاح النووي). ولتحقيق وقف إطلاق نار قابل للتطبيق، تحتاج روسيا إلى التخلي عن أهدافها المتمثلة في تدمير أوكرانيا المستقلة وتقسيم أراضيها. كما تحتاج أوكرانيا و حلف شمال الأطلسي إلى الاعتراف بأن روسيا لن تتنازل عن جميع الأراضي التي احتلتها منذ عام 2014 على الفور (على الرغم من أنها قد تشعر في النهاية وبعد سنوات أن هذه الأراضي عبء عليها وتكلفة الاحتفاظ بها باهظة خاصة في ضوء العقوبات التي ستتحملها بسبب ذلك). كما يجب أن يشجع الضغط الدولي روسيا على قبول شروط وقف إطلاق النار والتي (ينبغي أن تنص على) حظر أي تعد روسي إضافي على أي أراض جديدة في أوروبا. ويجب تقنين بنود مراقبة وقف إطلاق النار، وربما إشراك مراقبين من الأمم المتحدة أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وبعد ذلك، تبدأ عملية تفاوض على المناطق محل النزاع الخاضعة لسيطرة القوات الروسية والأوكرانية. بطبيعة الحال، لا جدال أن الدول الغربية ستقوم بالمساعدة في إعادة بناء الجيش الأوكراني لردع روسيا، مع مراعاة أن أحدا لن يتوقع من دول الناتو ضم أوكرانيا إلى الحلف، فيما يجب على روسيا أن تقبل بمسألة استمرار الغرب في دعم أوكرانيا حال محاولة تهديد أو احتلال أراض أوكرانية جديدة. ولفتت "فورين بوليسي" إلى أن بعض الخبراء يرون أن أي شيء أقل من الانسحاب الروسي الكامل سيكون انتصارا لبوتين وبالتالي يجب مقاومته. لكن بوتين خسر بالفعل من الناحية الاستراتيجية، حيث يعمل الناتو على توسيع عضويته لتشمل فنلندا والسويد ودعم أوكرانيا بطرق لم يكن من الممكن تصورها من قبل. لقد تعرض الجيش الروسي للإحراج، كما انكمش الاقتصاد الروسي وفقد رأس المال والتكنولوجيا، وأصبح المواطنون الروس، خاصة الشباب الأكثر موهبة، مستاءين بشدة من حكومة بلادهم، وإن وقف إطلاق النار لن يغير هذه الحقائق. لا شك أن الأوكرانيين وأنصارهم سيصابون بالإحباط جراء التفاوض على وقف إطلاق النار الآن. ولكن يجب إدراك أن النهاية البطولية المنشودة مثلما كان الحال في الحرب العالمية الثانية، التي هُزم فيها المعتدون وتشكلت حكومات ديمقراطية جديدة صديقة، ليست خيارا هنا، حيث لم يكن لدى ألمانيا أو اليابان أسلحة نووية حينها. وخلاصة القول إنه إذا لم تستطع القوات الأوكرانية طرد روسيا من جميع الأراضي التي تسيطر عليها دون استخدام بوتين المحاصر للأسلحة النووية كملاذ أخير، فمن الأفضل لشعوب أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة التصرف بناء على هذا الإدراك قبل بدء الحرب النووية، وإلحاق الضرر والدمار بالجميع.
أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2