«التبرع بالأعضاء».. ضوابط حسب روشتة الأطباء

«التبرع بالأعضاء».. ضوابط حسب روشتة الأطباءالتبرع بالاعضاء

حوارات وتحقيقات18-10-2022 | 17:38

قضية التبرع بالأعضاء ليست بالأمر الهين من المنظور الطبى، فهى مسألة معقدة ومرتبطة بوظائف وخلايا الجسم، فضلا عن الحاجة إلى البنية التحتية الطبية اللازمة لحفظ أعضاء الموتى، حتى لا تفقد وظيفتها، بخلاف مراعاة الكثير من الضوابط الطبية فى التبرع مثلا العمر والحالة الصحية وغيرها من الأمور التى تستلزم الانتباه إليها، فضلا عن إشكالية وفاة المخ المعمول بها فى كافة دول العالم حسب تصريحات سابقة لجراح القلب العالمى مجدي يعقوب، والذى قال إن التبرع بالأعضاء عند وفاة المخ موجودة فى كل دول العالم، باستثناء مصر، مؤكداً أنه يتمنى دخول عمليات زراعة القلب إلى مصر، لكن الناس «يخافون حتى من التشريح» للجثمان بعد الوفاة فى مصر.

قال الدكتور خالد سمير أستاذ جراحة القلب بجامعة عين شمس إنه على الرغم من وجود قوانين تنظم عملية التبرع بالأعضاء فى مصر، فإن هناك غياباً لمثل هذه الثقافة «نظراً إلى اعتقادات عن قدسية جسد المتوفى متوارثة منذ العهد الفرعوني، ولا يختلف فيها المسلم عن المسيحي، بالتالي يرفض أي مساس بالجسد وأعضائه بعد الوفاة، على الرغم من أن المؤسسات الفقهية الإسلامية حسمت الجدل لصالح إباحة التبرع بالأعضاء، وخطت دول إسلامية كثيرة خطوات كبيرة فى نقل الأعضاء.

وقال إن هناك نحو 600 ألف شخص يموتون فى مصر سنوياً، قد يكون تبرع 20 % منهم فقط بأعضائهم كافياً لحل مشكلات طبية كثيرة للمرضى، كما أنه ينهي تجارة الأعضاء التي تنشط بسبب عدم وجود إطار شرعي للتبرع بأعضاء المتوفين أو نقل أعضاء الأحياء.

وقال الدكتور هشام مختار، أستاذ جراحة الكلى بجامعة أسيوط وعضو اللجنة العليا لزراعة الأعضاء، إن دور اللجنة أخلاقي وعلمي ورقابي وفني، ومتابعة الضوابط التي تثبت أن عملية زراعة الأعضاء تسير بطريقة سليمة. وهناك لجنة ثلاثية محايدة لا يكون بها تخصص ممن يعمل فى عملية زراعة ونقل الأعضاء، يلتقي بالمريض وأسرته فى مكان مغلق ويتأكد من معرفة المريض بكل التفاصيل والتاريخ المرضي له.

ولفت الدكتور هشام مختار، إلى أنه يتم تقسيم الأنسجة إلى 6 درجات، ويجب تشابهها بين المتبرع والمنقول له الأعضاء بحد أدنى 2 من 6 درجات. وأكد أن 80 % من أفراد المجتمع يحتاجون لتغيير ثقافة التبرع بالأعضاء، موضحا أن الحكومة قامت بما عليها فى ملف التبرع بالأعضاء ويتبقى دور الجامعات والمراكز المتخصصة، والمجتمع.

واستطرد أنه تم مناقشة 3 خيارات للتبرع منها توثيق التبرع فى الشهر العقاري أو وجود عقد يعلن فيه الشخص تبرعه بعد الوفاة أو تسجيل هذا فى بطاقة الرقم القومي.

وقال الدكتور عبد الحميد أباظة، رئيس لجنة زراعة الأعضاء فى وزارة الصحة سابقا وأحد المشاركين فى سن هذا القانون، إن السبب يعود إلى «قلة عدد الراغبين فى التبرع»، ويؤكد أن «كل الإجراءات الطبية والإدارية موجودة. فالأطقم الطبية التي من المفترض أن تنقل الأعضاء من الميت إلى الحي مدربة بالكامل وهي ذاتها التي تنفذ عمليات زرع الأعضاء بين الأحياء حاليا».

وبعيداً عن المخاوف الدينية والبطء فى تنفيذ النصوص القانونية، يطرح كثيرون أسئلة حول وجود ضمانات تكفل عدم التلاعب بالأعضاء التي قد يتم التبرع بها ومنحها لمن يستحق.

لكن الدكتور أباظة يؤكد وجود نظام وضع قبل سنوات لكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلى الآن. ويقوم النظام بحسب الرئيس السابق للجنة التبرع بالأعضاء على منح كل من يتقدم للحصول على شهادة تبرع بالأعضاء بعد الوفاة «رقما كوديا بحيث يصبح مجرد رقم فى منظومة إلكترونية تحدد فصيلة دمه وبياناته الطبية».

فى المقابل يتم منح كل مريض يحتاج إلى زراعة عضو «رقماً كودياً» داخل المنظومة ذاتها. وعند وفاة المتبرع «يقوم النظام الإلكتروني بمطابقة فصيلة الدم والبيانات الطبية لمعرفة أي مريض يكون مناسبا لاستقبال أعضاء المتوفى»، لتتحرك الطواقم الطبية لإتمام عملية حصد الأعضاء وزراعته أبرز الأعضاء المتبرع بها بعد الوفاة حديثا.

وقال الدكتور محمد عز العرب، أستاذ أمراض كبد، أنه حال وفاة المتبرع يتم عمل بعض الإجراءات له، مثل حقن بعض السوائل داخل الأوردة والشرايين، حفاظًا على سلامة الأعضاء لحين استخراجها من المتوفي فى أقل فترة ممكن التي لا تتخطى بضع ساعات، كما أن زراعة الكبد من شخص متوفي حديثا أسهل بكثير من شخص حي.

وأضاف أن هناك بنوكًا مخصصة لحفظ الأعضاء ولها نظام معين، ومع توافر الشبكة العنكبوتية سيتم تحديد أنسجة المريض والأنسجة المطابقة له من أعضاء المتبرعين سواء كان المريض فى أي مكان آخر داخل القاهرة، وسرعان ما تحدد الشبكة العنكبوتية المكان والعضو المناسب لهذا الشخص.

واستطرد أستاذ أمراض الكبد: «أن بنوك حفظ الأعضاء ستكون لها مواصفات معينه، وستكون داخل المستشفيات الخاصة بالزرع الحكومية، ولن يسمح لمستشفيات الزرع الخاصة بذلك، كما أن اللجنة العليا لزرع الأعضاء حددت منذ مدة بشكل مبدئي 3 مستشفيات بالنسبة للمتبرع أو زراعة اعضاء المتوفين حديثا»

طوارئ فى «صحة النواب»

أجندة لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب تتضمن عددا من الملفات الهامة التي تمس صحة المصريين وتحافظ على أرواحهم، وذلك خلال دور الانعقاد الثالث للمجلس ومن أبرز الملفات التي سوف تتناولها اللجنة تنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها، والتى تستلزم تعديلات تشريعية فى قانون زراعة الاعضاء البشرية والذى صدر منذ 12 عاما، فضلا عن تعديلات تشريعية مقترحة على بطاقة الرقم القومي، أولها ما يتعلق موعد استخراجها، والذي كانت قد أعلنت الحكومة عن تفاصيله فى وقتٍ سابق، والآخر فيما يتعلق بمقترح أعلن عنه الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس لشئون الصحة والوقاية حول إضافة خانة جديدة تتعلق بـ التبرع بالأعضاء البشرية.

قال الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب إن قانون زراعة الأعضاء يواجه عقبات فى طريق تنفيذه تستلزم تعديلات تشريعية، القانون صدر فى عام 2010 وتأخرت اللائحة التنفيذية الخاصة به ثم صدرت بعد تعديل فى القانون فى عام 2019 وبدأت اللجنة العليا لزراعة الأعضاء تجتمع من عامي 2020 و2021، وبسبب جائحة فيروس كورونا، توقف كل شيء كما حدث فى العالم كله، والآن بعد أن بدأت المجتمعات تسترد وعيها من صدمة كورونا، وتُحصن مواطنيها من العدوى باللقاحات والتنبيه على اتباع الإجراءات الاحترازية، بدأت اللجنة مواصلة عملها من جديد، فالتأخر كان بسبب الإعداد والتنظيم الجيد لهذه العملية الدقيقة، لضمان عدم وقع أخطاء سواء فى التبرع، وطريقته أو حتى فى اختيار المراكز الطبية.

وأضاف أن أبرز العقبات التى تواجه لجنة إعداد القانون تتمثل فى زراعة الأعضاء من متوفى حديث، وقد تحتاج فى تخطيها مساعدة من مجلس النواب فى بعض التعديلات التشريعية، ونحن جاهزون لدعمها فى ذلك.

وتابع رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب: الأهم من وجهة نظري، هو رفع الوعي ب التبرع بالأعضاء بعد الوفاة خاصةً أن الأزهر الشريف حث على ذلك استنادًا لقول الله تعالى «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا».

من جانبها، قالت الدكتورة إيناس عبد الحليم، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، إن قانون التبرع بالأعضاء قد صدر عام 2010، واجتمعت اللجنة العليا 2014، وطالبت رئيس الوزراء آنذاك شريف إسماعيل بتفعيل القانون مرة أخرى، وتشكيل اللجنة العليا وأن يكون هناك لجنة لتفريغ الجثث بعد الوفاة وأن يعيد إحياء القانون مرة أخرى للتبرعات.

وأوضحت وكيل لجنة الصحة أنه يجوز زراعة كل شىء من المتوفي حديثا من كلى وكبد وقلب، كما أن عملية زراعة الكبد من المتوفي حديثا أفضل من الشخص الحي لأن زراعة الكبد كامل تكون نتائجه أفضل من الزراعة الجزئية للكبد، كما أن عملية التبرع تكون فور وفاة المتبرع وقبل أن تتوقف الأوعية الدموية الخاصة به عن العمل، وهذه مهمة اللجان المختصة بتفريغ الجثث.

وأضافت أن دراسة إضافة اختيار التبرع بعد الوفاة على البطاقات الشخصية جاءت لتسجيل رغبة المتوفى فى التبرع، وستكون خانة يكتب فيها أرغب أو لا أرغب، وفى دول الخارج يكون لهذه الرغبة بطاقة خاصة يوجد عليها تحاليل الشخص لتسهيل نقل الأعضاء، ومعرفة مدى تطابق أنسجة هذا المتوفى مع غيره من الحالات التي تحتاج إلى هذه الأعضاء على قائمة الانتظار.

وأشارت وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب إلى أن هناك مرضى لا يسمح لهم ب التبرع مثل مريض السرطان والفشل الكلوي والكبدي، ولذلك فإن الخطوة القادمة لدينا هي عمل بطاقة يوجد عليها كافة التحاليل الخاصة بالمتبرع.

وقال سامي المشد عضو لجنة الصحة بمجلس النواب إن القانون جاهز بلائحته التنفيذية ولكن العقبة الوحيدة التي تواجه القانون الآن هو الخلاف بين الأزهر الشريف والجامعات بخصوص الموت الإكلينيكي، فالجامعات تتفق مع الرأي العلمي بأن موت المخ تعني الوفاة.

وأكد أن القانون سوف يقضي على تجارة الأعضاء لأنه نص على أنه لا يجوز نقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حي إلى جسم إنسان آخر إلا إذا كان ذلك على سبيل التبرع، مشددا على أنه فى جميع الأحوال يجب أن يكون التبرع صادراً عن إرادة حرة، كما حددت اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون نقل الأعضاء شروطاً للتبرع، من بينها أن يكون هناك موافقة كتابية للمتبرع، وألا يكون المستفيد من خارج نطاق الأسرة، ولا يجوز التبرع من طفل، كما تم تحديد مستشفيات معينة بمواصفات ومقاييس معينة لنقل الأعضاء من دون غيرها، ولا بد أن يكون للمتوفى وصية مكتوبة بالموافقة لنقل عضو من أعضائه بعد الوفاة.

وأشار إلى عقوبة تجارة الأعضاء حيث نصت المادة 17 من القانون ذاته على أنه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ، ولا تزيد على 100 ألف جنيه كل من نقل عضواً بشرياً أو جزءاً منه بقصد الزرع، بالمخالفة لأي من أحكام المواد 2، 3، 4، 5، 7 من هذا القانون، وإذا وقع هذا الفعل على نسيج بشري حي تكون العقوبة السجن لمدة لا تزيد على سبع سنوات، وإذا ترتب على الفعل المشار إليه وفاة المتبرع تكون العقوبة السجن المشدد وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه.

مشاهير التبرع

عدد كبير من المشاهير أعلنوا عن تبرعهم بالأعضاء البشرية بعد الوفاة، وتصدرت وصياتهم مواقع التواصل الاجتماعي واعتبر البعض أن إعلانهم التبرع بأعضائهم البشرية بعد الوفاه يحرك المياه الراكدة فى الفكر الرافض للتبرع باعتبارهم قدوة، السطور المقبلة تستعرض اشهر النجوم.

الفنانة الشهيرة إلهام شاهين أعلنت عن رغبتها فى التبرع بأعضائها السليمة بعد وفاتها، مؤكدة أنها وثقت ذلك رسمياً فى الشهر العقاري وأبلغت أشقاءها به، وعبر فيديو نشرته على صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت إلهام شاهين إنه «من خلال التبرع سيستفيد ناس كثر، الجسد بعد الوفاة سيفنى ويكون مصيره التراب، بعد التبرع سنكون أكثر إنسانية، ونخفف من آلام كثيرين ونحميهم من الحياة التعيسة، لا بد أن يكون لدينا هذا الوعي الإنساني»، معلنة فى المقطع ذاته تبرعها «بكل أعضاء جسدي السليمة بعد وفاتي لمن يحتاج إليها، أي إنسان محتاج قلب، كلية، رئة، قرنية، كبد، أنت ممكن لما تتبرع تفيد ناس كتير مش شخص واحد بس».

وأعلنت الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشي تأييدها لفكرة التبرع بأعضائها بعد وفاتها، وذلك فى مقطع فيديو نشرته على حسابها الرسمي على فيسبوك، وأعلنت تبرعها بكل أعضائها بعد الموت قائلة «أوصيت ابني الوحيد بأن يتبرع بكل أعضائي بعد وفاتي».

وقالت فريدة الشوباشي: «أؤكد بملء إرادتي وبأعلى صوت أنني متبرعة بجميع أعضاء جسدي بعد وفاتي لأي محتاج لها ويارب كل الناس ربنا يشفيها، ويارب كل الناس تقدر تساعد بعض، وكل واحد يخفف آلام الآخر«.

أيضا الكاتب الدكتور خالد منتصر من أكبر مؤيدي فكرة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وقال «هل ربنا يريد أن يأكل الدود الأعضاء أم أنها تحيي بشرا فقدوا الأمل فى الحياة؟».

ومن النجوم العالميين الممثل الهندي الشهير أميتاب بتشان والذي أعلن ذلك بشكل رسمي وظهر فى إحدى المناسبات واضعاً الشريط الأخضر على بدلته، والذي يعني التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، وكتب على حسابه على تويتر: «أرتدي هذا الوشاح لقداسته». وأيضا النجمة الهندية العالمية بريانكاشوبرا اتخذت نفس موقف أميتاب باتشان وأعلنت تبرعها بأعضائها بعد وفاتها، وقالت حول ذلك الأمر: «أتمنى ذلك عندما أموت، حتى يمكنني إحداث فرق ب التبرع بجسدي».

كذلك الداعية خالد الجندي قال: «أعلن وتقربًا إلى الله تبارك وتعالى واستجابة له، وبغية أن أكون قدوة فى عالم يفتح الخير لكل مريض، أعلن تبرعي بجسدي بعد وفاتي، إذا كان هذا التصرف قانوني، ولكن بلا مقابل ولله».

أضف تعليق