كشف الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، ومفتي الجمهورية السابق، عن عمل جعله الله تعالى ورسوله سبباً من أعظم أسباب دخول الجنة.
وتابع جمعة في بيانه حديث معاذ بن جبل عند النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وصلاة الرجل من جوف الليل، قال ثم قرأ : ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع.... حتى بلغ يعملون» أي أن من أبواب الخير كذلك، صلاة الرجل أو المرأة طبعا في جوف الليل، أي في الوقت الفاضل من الليل ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم السائل بتلك الآية التي تصف الصالحين الذين يحافظون على قيام الليل حيث قرأ قوله تعالى : ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة :16 ، 17].
وأوضح جمعة، أن المضاجع جمع مضجع، وهي مصدر ميم يأتي للدلالة على المكان أو الزمان، فتعني مواضع النوم، أو أوقات النوم. والمعنى أن هؤلاء المؤمنين الأخيار من صفتهم أن تتنحى جنوبهم وتبتعد عن مواضع نومهم، وفي ذلك دلالة على ترك النوم لذكر الله، وهو ما يحدث في صلاة الليل.
وأضاف: قد هيأ الله نبيه صلى الله عليه وسلم ب قيام الليل لتحمل الوحي وأعباء الرسالة، فقال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلًا * نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ [ المزمل :1 : 5]، لافتاً أنه قد وعد ربنا نبيه صلى الله عليه وسلم بالمقام المحمود ب قيام الليل الذي افترضه عليه سبحانه وتعالى، فقال : ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مُّحْمُودًا﴾ [الإسراء :79]
وأردف: قد ذكر الله صفات المؤمنين ومنها أنهم كانوا يبيتون لربهم في صلاة وذكر، فقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [الفرقان :63 : 64].
وأكمل: ربنا في كتابه يذكر أن قيام الليل كان من أسباب دخول المؤمنين الجنة، فقال تعالى : ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات :17 : 18]، وجعل الله سبحانه وتعالى قيام الليل من أسباب العلم به بالله والعلم بالحقائق، وقال تعالى : ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ﴾ [الزمر :9].
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : «أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل» [رواه مسلم]، ووعد النبي صلى الله عليه وسلم قيام الليل من أسباب دخول الجنة فقال صلى الله عليه وسلم : «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» [رواه الحاكم في مستدركه، وابن ماجه في سننه، والدرامي في سننه].
وقال صلى الله عليه وسلم : «عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد» [رواه أحمد والترمذي].
وأبان علي جمعة أن الليل هو الوقت الممتد من غروب الشمس حتى الفجر، وصلاة الليل هي الصلاة من بعد صلاة العشاء حتى الفجر سواء سبق هذه الصلاة نوم أو لم يسبقها نوم، وسواء كثر هذا الوقت أو قل، فلا يشترط أن يكون مستغرقا لأكثر الليل.