«زهور» دار المعارف !

الرأى12-3-2023 | 13:34

إذا كان الإنسان "ابن" بيئته، فالمجلات "بنت" زمانها، وهكذا كانت مجلة ال زهور التى أصدرتها دار المعارف عام 1910، حيث عاصرت النهضة العلمية والثقافية التى سادت مصر وبعض البلاد العربية فى ذلك الوقت، خاصة "هجرة" أبرز العقول الشامية إلى مصر.

لقد استعانت المجلة وقتها بخير من حرّر وأشهر من حبّر من الكُتّاب والشعراء والباحثين فى تلك الفترة، وحسب رئيس تحريرها أنطون الجميل "لكى تكون كالسفينة التى تصل الجزر – المنعزلة – ببعضها البعض، فتحمل إلى هذه ما تحتاجه تلك"، ومن ثم استعانت بأكثر من 35 أديبا وشاعرا من أشهر الكُتّاب والشعراء العرب، بل إنها أول من أتاح للمرأة العربية بالكتابة على صفحاتها مثل هند إسكندر ولبيبة شاهين ومى زيادة.

لقد حاولت المجلة التى استمرت لمدة أربع سنوات، أن تكون جسرا ثقافيا بين القلب (مصر) والأطراف فى الشرق والشمال والغرب، وأتاحت مميزات عديدة لكل من يشترك فى أعدادها ونظمت مسابقات أدبية فى الشعر والرواية بين الموهوبين من قرائها، كما فتحت صفحاتها لجميع الاتجاهات الفكرية والأدبية وبشرط الابتعاد عن السياسة والأديان!

لقد اهتمت المجلة بالموضوعات القومية مثل تاريخ البلاد وجغرافيتها والمعالم الرئيسية مثل نهر النيل و قناة السويس والتى وصفها داؤد بركات – أحد كتاب المجلة – بأنها أحد روابط الصلة بين مصر والشام!

كما نشرت احتفالا كبيرا بجورج أبيض رائد المسرح العربى، وألقى أمير الشعراء أحمد شوقى قصيدة قال فيها:

هذه يدى عن بنى قومى تصافحكم

فصافحوها تصافح نفسها العرب

كما نشرت لأحد الشعراء قصيدة عن النيل:

كأن النيل ذو فهم ولبِّ

لما يبدو لعين الناس منه

فيأتى حين حاجتهم إليه

ويمضى حين يستغنون عنه

نعم.. لقد كانت المجلة "مرآة عصرها"

كما كانت أيضا "شاهدة على هذا العصر"

من نهضة تعليمية وأدبية وفنية، فنشرت عن عبده الحامولى (المصرى) وإبراهيم الموصلى (العراقى)، وكذلك الشاعر إمام العبد الذى اشتهر بالبأس لسواد بشرته الشديد، حتى أنه سأل لماذا لم يتزوج؟ فقال:

أنا ليل وكل حسناء شمس

فاجتماعى بها من المستحيل!

لقد أحسن الصديق سعيد عبده رئيس دار المعارف بإعادة طباعة مجلة ال زهور فى مجلد من أربعة أجزاء وقدمها د. صابر عرب وزير الثقافة الأسبق بمقدمة شاملة جميلة عن ناشريها وظروف إصدارها وما احتوته من موضوعات وما تبنته من أفكار وقضايا كانت فيها سابقة عصرها.

نعم.. لقد كان العرب كالجسد الواحد، إذا اشتكى عضوا تداعت له سائر الأعضاء، فأين للأحفاد من مجد الأجداد؟

أضف تعليق

أصحاب مفاتيح الجنة

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2