الكوماندا والأجهر وبابا المجال

الكوماندا والأجهر وبابا المجالمحمد رفعت

الرأى8-4-2023 | 09:06

تستمر الدراما فى رمضان هذا العام فى تخليد شخصية ابن البلد الفارس الشهم، من خلال ثلاثة نماذج بارزة يقدمها الفنانون عمرو سعد ومصطفى شعبان وأحمد العوضي، وتحمل أسماء شخصياتهم فى مسلسلات "الأجهر" و" ضرب نار" و"بابا المجال"، دلالات تنم عن طبيعة الشخصيات الخارقة التى يقومون بتجسيدها على الشاشة وتؤصل لنظرية البطل الذى لا يقهر.

ويقدم عمرو سعد أو "الأجهر"، قصة ابن البلد وابن الحى الشعبى حبيب الكل الذى يخدم أهله ومَن حوله دون مقابل، فيما يجسد مصطفى شعبان دور شاب عصامي، يتاجر فى قطع السيارات، ويبدأ مهنته من الصفر، حتى يكبر فيها، ويصبح من أكبر تُجار قطع السيارات، ويكتسب لقب «بابا المجال» بجدارة رغم دخوله السجن.

أما العوضى فيصف بنفسه شخصية "الكوماندا، قائلاً :" شخصية صعيدى ورجل صنايعى شقيان ويتمتع بطيبة الناس البسيطة، مرتبط بعائلته ولا يترك حقه والجدعنة فى دمه".

وتأتى تلك الأعمال الدرامية لتطرح السؤال الصعب من جديد.. هل الواقع هو الذى يفسد الدراما حينما يفرض عليها النزول إلى الشارع واستخدام مفرداته وعباراته حتى تبدو الدراما واقعية ومقنعة، أم أن الدراما هى التى تفسد الواقع حينما تختار نماذج سيئة وحالات منبوذة اجتماعياً لتسلط عليها الأضواء ، وتقدمها على الشاشة وكأنها ظاهرة عامة، رغم أنها حالات فردية لا تمثل المجتمع ولا يمكن من خلالها الحكم عليه.

وهل الأفضل أن تُجمل الدراما الواقع، كما كان يفعل المخرج السينمائى الرائد محمد كريم، حينما كان يغسل "البقر والجاموس" بالماء والصابون ويركز فقط على المناظر الجميلة والمشاهد المبهجة ، أم الأوقع هو تقديم العشوائيات والأحياء الفقيرة، ولكن ليس من خلال الرؤية السينمائية القديمة التى كانت تقدم تلك الطبقة الاجتماعية والاقتصادية من منظور "ابن البلد" الشهم الجدع، وسلوكيات أهل الحارة التى يغلب عليها روح التكاتف والتضامن فى مواجهة الأثرياء، والطامحين من الفقراء للانضمام إلى طبقتهم والتمرد على أهل الحارة وقواعدها وتقاليدها. تلك الرؤية المتعاطفة مع الفقراء والمنتصرة لهم ولقيمهم ، كما شاهدناها فى الفيلم الخالد "العزيمة" للمخرج كمال سليم ، أو فى أفلام رائد الواقعية صلاح أبوسيف، ومنها "الأسطى حسن"، وهى رؤية تختلف تماماً عن الرؤية التى تم تقديمها عن الفقراء وسكان الأحياء الشعبية ، فى افلام مخرجى الواقعية الجديدة، وهى رؤية تخلع عن أولاد البلد ثوب الشهامة والجدعنة ، وتقدمهم كمجموعة من اللصوص والبلطجية والحشاشين.

والحقيقة أن الرؤيتين تحملان قدراً كبيراً من المبالغة، وتحرمان المشاهد من رؤية الصورة الحقيقية للحارة المصرية وأهلها، والتطور الذى طرأ عليهم نتيجة الأحداث المتعاقبة التى مروا بها، وحولتهم من طبقة اجتماعية محترمة لها قيمها وتقاليدها وطقوسها إلى عشوائيين يسكنون عشوائيات ، نجحت الدولة مؤخراً فى معالجة مشكلتها عمرانياً ويبقى أن تعالجها ثقافياً وقيمياً.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2