كتب: على طه
ننشر كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال احتفال وزارة الأوقاف بذكرى ليلة القدر، وقد حرص الرئيس قبيل ختام الكلمة على توجيه الشكر لحكومة المهندس شريف إسماعيل، والإعراب عن التحية والتقدير والاحترام لها على الجهد المبذول في الفترة الماضية، وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف،
الشيوخ الأجلاء،
ضيوف مصر الأعزاء، الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
اسمحوا لي في البداية أن أرحب بضيوف مصر الكرام من العالَمَيْن العربي والإسلامي، وأن أتوجه إليكم، وإلى جميع المصريين والمسلمين في أنحاء العالم، بالتحية والتقدير والتهاني، كل عام وأنتم جميعاً بخير.
السيدات والسادة،
نجتمع هنا اليوم، لنحتفل بليلة مباركة، لها مكانة خاصة في قلوب مسلمي العالم، هي ليلة من ليالي شهر رمضان المعظم بما فيه من خير وبركة ومغفرة، وهي ليلة خير من ألف شهر، كان قدرها عظيما إذ أنزل الله عز وجل فيها القرآن، واختصها تعالى بشأن كبير، إذ أراد فيها أن يكافئ عباده المؤمنين ويضاعف لهم أجرهم، وإننا إذ نحتفل بهذه الليلة، نتوجه إلى الله سبحانه وتعالى أن يحفظ وطننا الغالي من كل مكروه وسوء، وأن ينعم علينا وعلى أمتينا العربية والإسلامية بالخير واليمن والسلام.
ولا يفوتني في هذه المناسبة الكريمة أن أتوجه بالتحية للعلماء المخلصين من رجال الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، الذين يعملون على تصحيح المفاهيم الخاطئة بشأن الدين الإسلامي السمح، ونهجه الوسطى المعتدل، والتصدي للغلو والتطرف ومواجهة الفكر المنحرف، ويعملون على إعلاء القيم الإنسانية والأخلاقية والمحبة بين الناس جميعًا.
السيدات والسادة،
دعونا نستلهم معاً من ليلة القدر الحكمة والموعظة الحسنة، فرغم ما أكرمنا به الله في هذه الليلة من فرصة مضاعفة للثواب والأجر، إلا أن اغتنام هذه الفرصة اقترن اقتراناً وثيقاً بالعمل وبذل الجهد، فلا يرجى الخير والمغفرة من الله من دون عمل، حتى في ليلة القدر التي أجزل الله فيها العطاء.
لا خير بدون عمل، ذلك هو المبدأ الذي قامت عليه الحضارة الإسلامية العريقة، تلك الحضارة التي شهدت ازدهاراً في مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والعلمية والثقافية، حتى أصبحت اللغة العربية وقتها هي لغة أهل العلم، وأصبح علماء المسلمين هم أصل العلوم الحديثة.
إنه المبدأ الذي يستند إليه كل من يرغب في النجاح أشخاصاً كانوا أو جماعات، وهو المبدأ الذي نستند إليه شعباً وحكومة لتغيير واقعنا، وفرض واقع جديد يزخر بالخير والنماء لنا ولأبنائنا في المستقبل بإذن الله تعالى.
السيدات والسادة،
لقد شهدت مصر خلال السنوات الماضية تحديات كبيرة، وكانت عزيمة الشعب المصري صلبة أمام هذه التحديات، حيث انتفض حمايةً لوطنه ورغبةً في تهيئة الظروف لغد أفضل، كان المصريون يدًا واحدة في مواجهة قوى الشر والظلام التي حاولت هدم وطنهم، وقفوا بحزم أمام محاولات بث الفرقة وإشعال الفتن، تصدوا لكل من سولت له نفسه تهديد أمن الوطن، قدم أبناء هذا الشعب دمائهم وأرواحهم فداءً لهذا الوطن الغالى ودفاعاً عن استقراره، تحملوا بصبر ظروفاً اقتصادية صعبة، وبالعمل واصلوا الإصلاح من أجل بناء دولة عصرية حديثة ومجتمع متطور، وأبهروا العالم بقدرتهم على تحقيق الإنجازات في العديد من المجالات.
شعب مصر العظيم،
أيها الشعب الأبي الكريم،
في هذه الليلة المباركة في الشهر المبارك، شهر القرآن والمغفرة، والرحمة والصدق والصبر، وفي تلك الليلة التي أنزل الله فيها القرآن الكريم، يهدي به إلى الخير والسلام والبناء، وينهى عن الشر والفرقة والأذى، نتوجه لله سبحانه وتعالى بالدعاء بأن يسدد على طريق الخير والبناء خُطانا، وأن يمدنا بمزيد من قوة الإرادة، وضبط النفس، ويقظة الضمير في العمل والإنتاج والتميز والإتقان، في جميع جوانب الحياة، وأن يكلل عملنا وجهدنا بالنجاح والتوفيق، إنه نعم المولى ونعم النصير.
أشكركم، وكل سنة وأنتم بخير، ومصر بسلام وتقدم وازدهار،
تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.