شهدت مدينة الفسطاط، عاصمة مصر القديمة، خلال العقود السابقة، سنوات طويلة من سوء الإدارة والإهمال وتركت مساحات شاسعة من المباني التاريخية في المنطقة غير مستغلة سياحيا، وكانت منطقة عشوائية خطرة، من تجمعات قمامة وطرق متهالكة ومناطق تحرش، وكان ذلك يعطي انطباع سلبي عن الدولة المصرية لدى السائح عند زيارته لهذه المنطقة، إلى أن جاء عام 2014 وأولاها الرئيس عبدالفتاح السيسي اهتماما كبيرا ضمن خط تطوير القاهرة التاريخية، واستعادة الوجه الحضاري لقلب العاصمة، لتصبح درة خضراء ومنتجعا سكنيا وسياحيا ساهم في تغيير وجه منطقة مصر القديمة.
اتجهت الدولة المصرية بتوجيهات الرئيس السيسي إلي تنظيف منطقة الفسطاط بالكامل وإزالة العشوائيات بها وعمل طرق جديدة ومساحات خضراء وإنارة حديثة وتنظيم جديد للمرور يسمح للحافلات السياحية بالمرور لزيارة متحف الحضارة والمزرات، والتطلع إلي رؤية العدد الكبير من المومياوات الملكية الخاصة بملوك مصر خلال الحضارة المصرية القديمة، وتحولت منطقة الفسطاط من منطقة عشوائية مهملة إلي منطقه سياحية.
متحف الحضارة
وجاء تطوير منطقة الفسطاط عقب خطة مدروسة من بنودها متحف الحضارة، يضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية تروي قصة تطور الحضارة من قديم الأزل وحتى عصرنا الحالي، والذي أصبح الآن من أكبر المتاحف العالمية، حيث استأثر المتحف على أكبر عدد من المومياوات الملكية التي تم لأول مرة عرضها في متحف واحد، وعقب تطوير المتحف كانت هناك حاجة ملحة إلى تطوير منطقة الفسطاط بالكامل، التي كانت منطقه عشوائية تنتفي طبيعتها مع وجود هذا الصرح العالمي الكبير بها وهو المتحف.
وتطوير منطقة الفسطاط تزداد أهميته تأثيره الأكبر على المظهر الحضاري للمدينة.. وكيف تحافظ الدولة المصرية على مناطقها التراثية والتاريخية وثروتها القومية؟.. وعندما تصبح الثروة القومية في أفضل حال تزيد مصادر الدخل ويحدث الترويج السياحي وترفع المستوي الثقافي للمجتمع، فالتطوير ينعكس على جميع المجالات، اقتصاديا، وجماليا، وثقافيا.
تجذب السياح
ومنطقة الفسطاط هي مدينة جذب سياحي بها تراث وثروات ومزارات، ولكن ما يهدف التطوير إليه على المستوي السياحي.. بماذا يعود السائح إلي بلاده بعد الزيارة والاستمتاع بالمناطق الأثرية والانبهار بالحضارة الإسلامية؟.. وكيف يكون الانطباع؟، فيعود بذكريات ليست أليمة، بتجربة إيجابية ممتعة، ومع التطوير والتجميل يجعل السائح يأتي في جميع الأحوال لأنه يهتم بالناحية الثقافية والمزارات، ويكون قادرا على تكوين صورة ذهنية إيجابية ورائعة عن البلد فييناقلها داخل بلاده دون سلبيات ويكرر الزيارة ويشجع أبناء وطنه على زيارة مصر.
وتعتبر مدينة الفسطاط جزء هام وأصيل من القاهرة التاريخية التي هي موطن لعشرات من المعالم الأثرية والمساجد والقصور التي يعود تاريخها إلي القرن العاشر والتي جري تصنيفها كموقع تراث عالمي في عام 1979 من قبل منظمة اليونسكو، وبعد إعلان الدولة عن مشروع ترميم من ثلاث مراحل كان الهدف هو إحياء القاهرة التاريخية لتصبح منطقة جذب سياحي والحفاظ على تراث المنطقة، ويعد جزء أساسي من مشروع تطوير القاهرة التاريخية.
درة خضراء في قلب القاهرة
ويعتبر مشروع تطوير القاهرة التاريخية واحدا من أهم مشروعات التطوير، وذلك من خلال عدة مراحل عبر أعمال الترميم أوالتشييد لإرجاع هيمنة تلك المنطقة وإزالة جميع المناطق عشوائية التنظيم حولها، وإعادة تأهيل للمباني ذات القيمة التاريخية الهامة، وأحد مراحل المشروع أيضا تطوير منطقة تلال الفسطاط حيث أنه سيصنع هذا المشروع من حدائق الفسطاط درة خضراء في قلب القاهرة حيث ستتضمن المنطقة الثقافية التي تمتد على مساحة 54 ألف متر مربع و6 مطاعم، ومناطق خضراء، ونوافير ومنطقة التلال التي سيتم تحويل المخلفات المتواجدة بها إلي تلال خضراء ذات مظهر جمالي مميز.
وتطوير منطقة الحفائر الأثرية والتي تحتوي على أطلال مساكن الفسطاط القديمة التي أنشأها عمرو بن العاص، يعد هذا المشروع واحدا من أهم المشاريع القومية والذي سيطور من المنطقة ويرتقي بها بما يتناسب مع قيمتها وموقعها الفريد لتكون أكبر حديقة في مصر ومتنفسا للمصريين ومتنزها عالي الجودة يمكن أن يكون مركز إشعاع حضاري ثقافيا وسياحيا في أول عاصمة إسلامية في أفريقيا.
ويضيف تطوير منطقة الفسطاط نجاحات جديدة لمنظومة التطوير التي تشهدها مصر في كافة المجالات لكي تواكب الدول المتقدمة والمجاورة، وأدي تحويلها من مدينة تراثية وتاريخية قديمة إلي نقلة حضارية و سياحية يواكبها جذب سياحي هائل، وأصبحت تليق بمكانتها التاريخية العظيمة وتبهر كل الناظرين إليها سواء من المصريين أو الأجانب الذين يكتظ بها يوميا.
للمزيد تابع #فكر_الأول