قوتك فى رسم الابتسامة

قوتك فى رسم الابتسامةقوتك فى رسم الابتسامة

الرأى21-9-2023 | 15:14

ماذا ينتابك من مشاعر إذا أعرضت عن إنقاذ مريض؟ وفى يديك العثور له على سرير بغرفة رعاية مركزة، أو بإمكانك توفير فرصة عمل لعاطل؟ فإذا تبلدت مشاعرك، فاعلم أنك بخيل تفتقر للإنسانية، وأنك شخص طماع تجتاحك غرائز إجرامية نحو سرقة الآخرين، ويقول المفكر الأمريكي "كورنيل وينست": إن معنى الحياة الثرية يكمن فى مساعدة الغير، وسمعت من البعض أنهم حين يهاجمهم الألم ويتسلل إلى قلوبهم الحزن، يشعرون بالتعافى فور ما يحنون بأصابعهم على رأس يتيم، وأسرّ فى أذني صديق أنه ذات يوم توجه صوب جمعية خيرية لمساعدة الأيتام، وكان يجر قدميه، وهي لا تقوى على السير من شدة المرض، ثم يستطرد: وبمجرد مجالسة الأيتام أحس بأنه يسري فى جسده جرعة مسكن للآلام وجرعة أخرى من الفيتامينات، ويعبر بصدق عن شعوره بسعادة تغمر فى قلبه.

وبالنسبة للبخيل المتردد فى عمل الخير، فلا تقلق، ولا يساورك أدنى شك أيها البخيل البائس فى المكاسب التي سوف تحصدها من فعلك للخير، وتطمنك "سونجا ليوبو ميرسكي" أستاذة علم النفس بجامعة كاليفورنيا من خلال دراسة عكفت عليها لأكثر من 20 عامًا على التأثير النفسي عن أفعال الخير، استنتجت وجود ارتباط شرطي بين عمل الخير والإحساس بالسعادة، وواصلت الباحثة "ميرسكي" تجربتها بشكل علمي، واكتشفت أن أداء الأفعال الإيجابية لمرة واحدة أثناء الأسبوع، تزرع داخل الفرد سعادة لا يمكن وصفها.

إنها سعادة تكتسبها على أثر ابتسامة تغرسها على فم طفل يتيم أو مشرد، وتتسرب الابتسامة كوقع السحر، ويتحول إحساسه بالشرود الذهني إلى طفل إيجابي، ويبدأ يتفاعل مع محيطه، وتمنحه تلك الابتسا مة البسيطة روحًا جديدة وثقة بالنفس لا حدود لها، ويعد زرع الابتسامة كمن يطفئ بها نار الغضب، أو كساحر جعل من الشرس حليمًا، ولذا قال المولى تعالى فى رسوله: "وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"، ولذا كان لابد من تحريم النار على كل لين سهل، ومن جانب آخر قام علماء بمسح ضوئي على المخ، اكتشفوا أن البشر مبرمجين على مساعدة بعضهم، ويشعرون براحة نتيجة لتدفق المخ فى إفراز الإندروفين، ويساعد كذلك على التعافى السريع، وأكدت هذه الحقيقة دراسة فى عام 2019، تقول إن مساعدة الغير تجلب الشعور بتعطل المناطق المسئولة عن الألم فى الدماغ.

فلا تحزن يا من لا تقدر على عمل الخير، فبشرك رسولنا الكريم فى حديثه: "الدال على الخير كفاعله"، وحين تعتاد أيها العاقل على تقديم يد العون ستدخل دائرة المتعة الأبدية، ولا تتعجب من وجود أشخاص مبرمجين على العطاء صباحًا مساءً، فهؤلاء تربوا فى حضانة حب الآخر مهما اختلفوا معه، ونجحوا فى مقاومة شراسة النفس وروضوها، وليس عيبا أن تشعر بالسعادة لربحك للمال، لكن ستكون سعادتك بالغة حينما تخرج بضع دراهم لمحتاج.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2