هنأت منظمة الصحة العالمية، مصر على تقدمها غير المسبوق في القضاء على التهاب الكبد C، لتصبح أول بلد يبلغ "المستوى الذهبي" في مسار القضاء على التهاب الكبد C وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية.
قالت المنظمة فى بيان لها، اليوم الإثنين، فإن بلوغ المستوى الذهبي معناه أن مصر أوفت بالمتطلبات البرمجية التي تؤدي إلى خفض حالات العدوى والوفيات الجديدة الناجمة عن التهاب الكبد C إلى المستويات التي تؤهل البلد للقضاء على وباء التهاب الكبد C.
وعلى الصعيد العالمي، يوجد 58 مليون شخص متعايش مع عدوى التهاب الكبد C المزمنة.
وبالرغم من عدم توفر لقاح مضاد للمرض، لكن يمكن الشفاء منه بتناول علاجات قصيرة الأجل وشديدة الفعالية تستمر 8-12 أسبوعا.
ولكن هناك 4 أشخاص من أصل 5 متعايشين مع التهاب الكبد C في العالم لا يدركون أنهم مصابون بالعدوى.
ويمكن أن تتسبب تلك العدوى في إصابة الكبد بمرض أو بسرطان، ما لم تعالج أو يشف منها.
وقد شخصت مصر 87% من المتعايشين مع التهاب الكبد C، وقدمت العلاج الشافي إلى 93% من الأشخاص المشخصين به، وهو ما يتجاوز الغايات المحددة للمستوى الذهبي للمنظمة، وهي تشخيص 80% على أقل تقدير من المتعايشين مع التهاب الكبد C، وتوفير العلاج لما لا يقل عن 70% من الأشخاص المشخصين به.
وفي السياق، قال الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: «إن المسيرة التي قطعتها مصر، من بلد يملك أحد أعلى معدلات العدوى ب التهاب الكبد C في العالم إلى بلد حقق مسار القضاء على المرض في أقل من 10 سنوات، هي مسيرة مذهلة، وهذا أقل ما توصف به، لقد قدمت مصر للعالم نموذجا يحتذى به فيما يمكن تحقيقه عند الأخذ بأحدث الأدوات، وتوفير الالتزام السياسي على أعلى المستويات باستخدام تلك الأدوات للوقاية من العدوى وإنقاذ الأرواح. وحري بنجاح مصر أن يبث في نفوسنا الأمل والحافز للقضاء على التهاب الكبد C في كل مكان».
وأشارت المنظمة إلى أن مصر نجحت في الانتقال من بلد يملك أحد أعلى معدلات الإصابة ب التهاب الكبد C في العالم إلى بلد يملك أحد أقل المعدلات من خلال خفض معدل انتشار التهاب الكبد C من 10% إلى 0.38% في مدة تزيد قليلا على عقد من الزمان.
ومنذ أوائل عام 2000، ما فتئت مصر تعزز برامجها الوطنية في مجالي الوقاية والعلاج، وفي عام 2006، أنشأ البلد اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، وهي هيكل إداري معني بالإشراف على الاستجابة الوطنية لالتهاب الكبد، وتوجيهها.
وابتداء من عام 2014، أطلق رئيس مصر حملة قومية للقضاء على التهاب الكبد C، وهو ما تعزز مجددا في عام 2018، ووفرت الحملة اختبارات الكشف عن فيروس التهاب الكبد C، والعلاج منه دون مقابل مادي. وأسفرت حملة «100 مليون صحة» عن فحص أكثر من 60 مليون شخص، وعلاج أكثر من 4.1 ملايين شخص.
ومثلت العلاجات المضادة للفيروسات ذات المفعول المباشر المصنعة محليا عاملا رئيسيا في النجاح الملحوظ الذي حققته الحملة - حيث بلغ معدل الشفاء من التهاب الكبد C، بين الأشخاص الذين تلقوا العلاج، نسبة 99%.
ومن خلال اتباع نهج يركز على المرضى، أدخلت مصر تحسينات هائلة على ممارساتها الخاصة بسلامة المرضى، وتبنت مفهوم «عدم إلحاق الضرر» من خلال تطبيق تدابير شاملة للحقن الآمن، ومأمونية الدم، والحد من الضرر.
وأشاد الدكتور أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، بالنجاح غير المسبوق الذي حققته مصر، إذ قال: «إن ذلك يعد شهادة على أن لا شيء عصي على النجاح إذا توافر الالتزام، حتى عندما نواجه تحديات هائلة وأوقاتا عصيبة، ومنها جائحة كوفيد-19.
وأضاف: "قد نجحت مصر، من خلال التزامها بالقضاء على التهاب الكبد C، في فحص جميع السكان المستحقين لذلك، وعلاج جميع المتعايشين مع الفيروس تقريبا، وهذا يمثل ثلث الأشخاص المتعايشين مع التهاب الكبد C في إقليم شرق المتوسط، والبالغ عددهم 12 مليون شخص، وهذا أيضا ما يجسد جوهر رؤيتنا الإقليمية ودعوتنا إلى التضامن والعمل".
ومن خلال التعاون الوثيق مع المكتب القطري ل منظمة الصحة العالمية في مصر، وبدعم من مستويات المنظمة الثلاثة مجتمعة، نجحت وزارة الصحة والسكان في توسيع مواردها المالية والتقنية على مر السنين لتحقيق الرؤية الرامية إلى القضاء على التهاب الكبد C باعتباره مشكلة صحية عامة.
وقالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في مصر، الدكتورة نعيمة القصير: «يغمرني شعور بالفخر والسعادة وأنا أعيش هذه اللحظة التاريخية التي شهدت الاعتراف ب مصر دوليا، بوصفها أول بلد يحرز هذا التقدم الملحوظ نحو القضاء على المرض، ولقد كنت شاهدة على الجهود الاستثنائية التي بذلتها وزارة الصحة والسكان خلال العقد الماضي للقضاء على هذا التهديد المحدق بالصحة العامة، وكانت الوزارة مدفوعة في مساعيها بأعلى مستوى من الالتزام السياسي وبروح التضامن، والإنصاف، والشمول لتقديم الخدمات إلى كل شخص يعيش على أرض مصر، دون أي تمييز، إعمالا لحق من حقوق الإنسان العالمية.
ويتزامن هذا الإنجاز المهم مع احتفالنا بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين لإنشاء المنظمة هذا العام، ويعد تجسيدا واضحا لرؤية المنظمة المتمثلة في تحسين الصحة العامة وتوفيرها للجميع».
وتدعم المنظمة الوزارة بمبادئ توجيهية وأدوات تقنية تحدد نهجا قائما على حقوق الإنسان إزاء تشخيص التهاب الكبد C وعلاجه، ودعت إلى دمج الفئات الأشد عرضة للخطر، مثل اللاجئين والمهاجرين، في الحملة. وتواصل المنظمة دعم الوزارة في بناء قدرات العاملين الصحيين بها، والتواصل مع المجتمعات المحلية من خلال حملات التوعية.
ووفقا لإرشادات منظمة الصحة العالمية لعام 2023 بشأن التحقق القطري من القضاء على التهاب الكبد الفيروسي ومسار القضاء عليه، يمكن للبلدان أن تتقدم بطلب للحصول على التحقق الكامل من بلوغ المستويات الذهبية أو الفضية أو البرونزية على مسار القضاء على المرض في ضوء تحقيق الغايات المتصلة بكل مسار منها. و مصر هي أول بلد تقدم بطلب للتحقق من القضاء على المرض وبلغ المستوى الذهبي على مسار القضاء عليه، وهذا يعني أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو بلوغ جميع أهداف القضاء على المرض قبل حلول عام 2030.