وسط محاولات الاحتلال الاسرائيلي تصفية القضية الفلسطينية عبر إبادة أهل غزة و التهجير القسري على حساب دول الجوار، جاءت تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، خلال الموتمر الصحفي الذي عقد اليوم الاربعاء مع نظيره الألماني أولاف شولتس، لتبعث برسالة إلى العالم وتؤكد رفض مصر القاطع لسيناريو إفراغ أرض فلسطين من أهلها عبر تهجيرهم إلى مصر والأردن، والذي يعني جر مصر إلى حرب ضد إسرائيل.
وقد أجمع خبراء ودبلوماسيون، في تصريحات خاصة لـ وكالة أنباء الشرق الأوسط، على أن حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الموتمر الصحفي عبر عن موقف مصر الواضح تجاه الاوضاع المأسوية في قطاع غزة ومحاولات التهجير القسري وتصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.
السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، يقول إن الرئيس السيسي أعرب بقوة وحسم عن موقف مصر، حكومة وشعبًا وقيادة، إزاء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، إذ أكد الرئيس رفض شعب مصر لعملية التهجير القسري التي تقوم بها إسرائيل بدفع سكان قطاع غزة إلى سيناء، و رفض مصر أيضًا تهجير الفلسطينيين بالضفة الغربية إلى الأردن.
وأضاف ان كلمة الرئيس السيسي كانت واضحة وصريحة وتبعث برسالة الى العالم الغربي وإسرائيل مفادها أن مصر لن تقبل بأي حال من الاحوال تصفية القضية الفلسطينية عن طريق سيناريو التهجير القسري، منوها في هذا الصدد بانه لو كان منذ حوالي عقدين من الزمان قد اتفق على إنشاء دولة لفلسطين منزوعة السلاح ومعترف بحدودها دوليا لما كان الشرق الاوسط قد وصل إلى ما وصل اليه اليوم من تدهور في أوضاعه الأمنية تهدد استقراره ومستقبله.
ولفت السفير هريدي الى أهمية تناول الرئيس السيسي لوضع معبر رفح الذي لم تغلقه مصر من جانبها الا ان العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة هو الذي يحول دون عمل المعبر، مشددا على اهمية إدخال المساعدات الانسانية بأسرع وقت لإغاثة أهل قطاع غزة.
من جهته، اللواء نصر سالم، الخبير الاستراتيجي يقول إن الرئيس عبد الفتاح السيسي عبر عن موقف كل مصري وما يجيش في صدره عن القضية الفلسطينية، مشددًا على ضرورة توقف القتال فورًا وتمرير المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
ولفت إلى تأكيد الرئيس السيسي أن مصر لم تغلق معبر رفح منذ بداية الأزمة لكن القصف الإسرائيلي حال دون تشغيله، محذرا من أن اي حل على حساب الارض المصرية هو خط احمر ومرفوض تمامًا.
وقال إن نية الاسرائيليين مكشوفة تمامًا الان وهي دفع اهل غزة في اتجاه سيناء، منبها بان لو كانت إسرائيل تريد حماية المدنيين لكانت دفعت بهم الى صحراء النقب وليس في اتجاه سيناء، الا أن نية الاسرائيليين بتصفية القضية على حساب بوطن بديل للفلسطينيين عن أرضهم.
وتابع ان لب الصراع ينتهي فقط عندما يحصل الفلسطينييون على حقهم في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، اي حل الدولتين: دولة لفلسطين ودولة لاسرائيل.
من جانبه ، يقول اللواء طيار دكتور هشام الحلبي الخبير الاستراتيجي إن حديث الرئيس السيسي عن القضية الفلسطينية أكد ثوابت الموقف المصري الواضح و أهمها حل القضية الفلسطينية عبر إقامة الدولتين، وانه لا تهجير للفلسطينيين خارج ارضهم على حساب دول اخرى ومنها مصر؛ لان ذلك يعني تصفية القضية وهو الامر الذي لن يحل الازمة بل على العكس سيزيدها كما انه لن يحقق الامن لاسرائيل.
وأضاف ان الموقف المصري يتميز بثلاث نقاط رئيسية أولها انه موقف واضح منذ البداية ويركز على حل القضية الفلسطينية حل جذري من خلال حلول عملية وقانونية، ثانيًا أنه موقف لا يتحدث فقط عن حلول بل يحاول جاهدًا مع دول الاقليمية والكبرى لتطبيق تلم الحلول، مستشهدًا بحجم التنسيق والاتصالات التي تجريها مصر مع كافة البلدان سواء داخل الاقليم او خارجه، ثالثًا ان موقف مصر يستند إلى خبرة عملية كبيرة واضحة وأهمها مشروع السلام بين مصر وإسرائيل الذي أفرز اتفاقية سلام حقتت اهدافها وتحترم رغم مرور عشرات السنين من توقيعها.
ورأى الخبير الاستراتيجي أن الازمة التي تدور داخل إسرائيل وعدم قدرتها على إدارة الموقف بشكل انساني يدفعها الى حل ازمتها سريعا عبر استهداف المدنيين و تهجيرهم للخروج من ازمتها امام الراي العام الاسرائيلي ، منوهًا الى ان التهجير لن يحل الصراع بل يصفي القضية ويزيد من التهديدات الامنية لإسرائيل خاصة انها تستخدم الية غير إنسانية وغير قانونية لحل أزمتها .
بدوره، أكد السفير أيمن مشرفة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أهمية حديث الرئيس السيسي عن استهداف المدنيين وخطورة التهجير القسري لأهل غزة، مضيفًا ان القضية الفلسطينية تشهد حاليًا محاولات تصفية عبر إبادة وتهجير أهل قطاع غزة، الامر الذي يعد جريمة حرب و يهدد السلم والامن ليس فقط بمنطفة الشرق الاوسط بل وفي العالم الغربي متنوع الثقافات .
وشدد على أهمية التنسيق المصري الاردني في هذه المرحلة لمواجهة مخطط تصفية القضية على حساب مصر والاردن، منبهًا بإشارة الرئيس السيسي إلى رفض المصريين للتهجير القسري على حساب أرضهم.
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق إن المصريين متمسكين بحدود وطنهم وهي حدود مقدسة لم يتم تعديلها منذ قديم الازل ولن يسمح بالمساس بها، فمصر دولة كبيرة حدودها خط احمر ولديها جيش عظيم يعرفه العالم قادر على حماية كل شبر من ارضه.
وحذر من مشروع التهحير و الوطن البديل للفلسطينيين و الذي سبق ان روج له رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق أرييل شارون لتصفية القضية الفلسطينية، بنقل الثقل السكاني في غزة إلى مصر، وفي الضفة الغربية إلى الاردن، مذكرا بانها سياسة قد تم اتباعها من قبل مع مسيحيين العراق حيث تم تهجير اغلبهم الى الخارج.
ونوه إلى ضرورة ايقاف نزيف الدم الفلسطيني وإلزام إسرائيل بوقف العدوان واستهداف المدنيين واحترام القانون الدولى الانساني و دخول المساعدات الانسانية الي داخل القطاع دون استهداف والتوقف عن سياسة التهجير القسري للفلسطينيين بوصفها جريمة حرب.
السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، يقول إن العملية العسكرية في غزة تستهدف أمرين لا ثالث لهم وهما التهجير القسري لأهل غزة أو الإبادة الجماعية من خلال الممارسات التي تقوم بها القوات الاسرائيلية، وهو ما ترفضه مصر بشدة.
وأبرز حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الموتمر الصحفي مع المستشار الالماني عن انه اذا كانت إسرائيل تقوم بعملية ضد حماس ونيتها ليس استهداف الفلسطينيين فلماذا لم تنقلهم إلى صحراء النقب، وليس دفعهم إلى مصر ، منبهًا بانه التهجير القسري مقصود به إذن إفراغ القطاع من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية.
وأضاف ان التهجير القسري الى سيناء يعني إدخال مواطنيين لهم بالفعل أرض و حقوق إلى أرض دولة اخرى ذات سيادة وهي أرض مصر، وبالتالي لن يكون هناك اي استقرار او امان بالمنطقة، معتبرًا ما تقوم به حماس هو في واقع الارض يجب ان ينظر اليه بوصفه مقاومة فلسطينية ضد الاحتلال وممارسته، وسيستمر حتى لو وحدث تهجير لان الصراع منذ البداية هدفه إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية.
وتابع مساعد وزير الخارجية الاسبق أن الرؤية المصرية تقوم على ضرورة وقف اطلاق النار وعدم استهداف المدنيين وفتح الممرات الإنسانية وتقديم الاغاثة لاهل القطاع وتناول القضية على النحو الذي يفضي الى اقامة الدولة الفلسطينية، غير ذلك سيستمر هذا الصراع، معتبرًا في الوقت ذاته ان عملية اجتياح القطاع عسكريا سيدخل إسرائيل في حرب مدن ولن تكون قادرة على تحقيق اهدافها وستتكبد خسائر كبيرة.
وشدد على ان موقف مصر من القضية الفلسطينية لا يتزعزع، وكل الجهد والتحركات المصرية تدعم حل اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، كما تؤكد مصر دومًا ضرورة انهاء الاحتلال الاسرائيلي الذي اغتصب أرضًا ومارس كل انواع الممارسات التي تخالف القوانين والاتفاقات والمواثيق الدولية ذات الصلة بها فيها قرارات الشرعية الدولية الخاصة ب القضية الفلسطينية ومارس الفصل والتمييز العنصري وبناء المستوطنات والاعتداء على الاماكن المقدسة فضلا عن محاولات تهويد القدس.
واختتم بتحميل الولايات المتحدة الامريكية ما يجرى في غزة بسبب مساندتها غير الطبيعية للاحتلال فهي تظهر بصورة الحاضنة السياسية والعسكرية لاسرائيل التي اغتصبت ارض وتمارس حكومتها المتطرفة الحالية "ارهاب دولة" في تعاملها مع أهل غزة بدعوى ان حماس منظمة ارهابية ومتطرفة .