​​لواء دكتور سمير فرج يكتب: منظومة إنضباط

​​لواء دكتور سمير فرج يكتب: منظومة إنضباط​​لواء دكتور سمير فرج يكتب: منظومة إنضباط

*سلايد رئيسى15-8-2018 | 23:34

قادتني الظروف، هذا الأسبوع، للذهاب لمستشفى المعادي العسكري، فاستعدت ذكريات موقف حدث بها منذ سنوات بعيدة، ولازالت تفاصيله محفورة بالذاكرة. كنت أحضر تدريب لوحدات المهندسين، على عمليات العبور، في منطقة حلوان، في نهر النيل، وطلب مني رئيس الأركان، حينها، الفريق مجدي حتاتة، أن نقوم بمرور مفاجئ على مستشفى المعادي العسكري، وهو أحد إجراءات القوات المسلحة المميزة لها، الذي يهدف إلى التعرف على المواقف على طبيعتها، دونما تجميل.

توجهنا، بالفعل، إلى المستشفى، ودخلنا من بوابتها الجانبية، مباشرة إلى منطقة العيادات، ومررنا في طرقات العيادات، حتى قبل أن يتم إبلاغ مدير المستشفى بوجودنا، وكانت في الحقيقة، منضبطة ومنظمة. ووصلنا إلى أحد الطرقات، فوجدنا ما يزيد على 200 مريض، من العسكريين والمدنيين، بدا من زي العديد منهم، أنهم قادمون من الأرياف. كان المكان مزدحم بهم للغاية، على خلاف باقي عيادات المستشفى، وبالسؤال عن السبب، علمنا أن تلك عيادة الدكتور محمد توفيق.

عندما لاحظ المرضى وجود شخصية قيادية، اندفعوا نحو الفريق حتاته، قائلين أنهم يحضرون يومياً، على مدار الأسبوع، في انتظار الكشف بعيادة الدكتور محمد توفيق، الذي كان قد خرج لتحية الفريق مجدي حتاتة، وبسؤاله عن سبب ذلك التكدس، أفاد بأنه يواصل عمله يومياً من التاسعة صباحاً، وحتى الخامسة مساءاً، ومع ذلك لا يكفي الوقت لاستقبال الحالات اليومية. فطلب منه الفريق حتاتة، ألا يغادر اليوم قبل إنهاء الكشف على جميع الحالات المدنية، مع إعطاء الأولوية للوافدين من الأقاليم، وتأجيل الحالات العسكرية، إلى صباح اليوم التالي، إلا الحرجة منها.

كانت ذلك أول لقاء لي، بهذا الطبيب المتميز في مجال جراحة المخ والأعصاب، على مستوى العالم، وتوالت اللقاءات والمناسبات التي جمعتنا، حتى اتصل بي يوماً، وأنا محافظاً للأقصر، ليبلغني أنه وقع الاختيار على مصر لتستضيف، ولأول مرة، مؤتمراً دولياً لجراحي المخ والأعصاب، وهو حدث جلل، يشارك فيه كوكبة من أشهر جراحي العالم، يصل عددهم إلى 500 جراح، مضيفاً أنه بعد الإعلان عن مقر انعقاد تلك الدورة في الأقصر، ارتفع عدد المشاركين إلى 1500 طبيب من مختلف أرجاء العالم، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل قرروا اصطحاب عائلتهم، ليصل العدد إلى 3500 ضيفاً.

بذلت، وجميع العاملين بالمحافظة، جهداً كبيراً لاستضافة هذا المؤتمر العالمي، على مدار أربعة أيام، ولإظهار الأقصر بالصورة التي تستحقها. حرصت خلالهم أن يستمتع زائريها بتجربة فريدة، تبقى عالقة بوجدانهم، يتحاكون عنها عند العودة إلا بلادهم. واصلنا الليل بالنهار، في العمل، حتى تظهر مصر بصورتها المشرفة، وليحظى المشاركين بمزايا لا يجدوها في أي بقعة من بقاع الأرض، سوى الأقصر. وضعنا برنامجاً سياحياً للعائلات المرافقة، استأذنت فيه السيد زاهي حواس، لفتح مقبرة نفرتاري، أروع مقابر العالم، بالمجان، والتي يصل سعر التذكرة فيها إلى عشرة الآف دولار للمجموعة، فكانت خير دعاية لمصر.

وانعقد حفل الختام في ساحة معبد الأقصر، لتتناقله وسائل الإعلام الأجنبية، والمجلات العلمية الموثقة، مصحوباً بتعليق "ما لا يصدقه عقل". وعلى قدر ما كان التقرير العلمي بالأبحاث الجديدة التي قدمها كبار علماء جراحة المخ والأعصاب رائعاً، كانت الإشادة بالأقصر أكبر وأروع. وكان تكريم رواد جراحة المخ والأعصاب في العالم، جزء من برنامج الحفل الختامي، الذي شاركت فيه بصفتي محافظاً للأقصر، وكان من أوائل المكرمين، العالم المصري الدكتور سيد جنينة، الأب الروحي لجراحة المخ والأعصاب في مصر، وأول من أسس قسماً لها بمستشفى المعادي العسكري، في خمسينيات القرن الماضي. كنت أسمع وأقرأ…

    أضف تعليق

    إعلان آراك 2