مستشفيات غزة.. «مقابر جماعية»

مستشفيات غزة..  «مقابر جماعية»صورة تعبيرية

مصر27-11-2023 | 14:41

تحولت مستشفيات قطاع غزة إلى ما يشبه المقابر الجماعية بعد القصف المستمر، الذى تعرضت له من قوات الاحتلال الإسرائيلى منذ السابع من أكتوبر الماضي، وخرجت أغلب هذه المستشفيات من الخدمة رغم سقوط آلاف الشهداء الفلسطينيين وأغلبهم من الأطفال والنساء ورغم تلك المأسة الإنسانية لم يتحرك ضمير العالم واكتفى الجميع بالشجب والإدانة باستثناء مصر التى سعت منذ اللحظة الأولى لوقف المجازر الإسرائيلية ضد أهالى غزة سواء بسرعة توصيل المساعدات الإنسانية أو باستقبال الجرحى للعلاج فى المستشفيات المصرية.

ثمن المتحدث لوزارة الصحة الفلسطينية د. أشرف القدرة، جهود مصر فى استقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين للعلاج بالمستشفيات المصرية.

وأضاف أن الاحتلال يشن حربا ضد المستشفيات فى قطاع غزة.

وفى إطار المواقف الدولية، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن انزعاجه البالغ بشأن «الوضع المروع والخسارة الكبيرة فى الأرواح» فى عدد من المستشفيات فى قطاع غزة.

وفى بيان منسوب للمتحدث باسمه، دعا الأمين العام، باسم الإنسانية إلى الوقف الإنسانى الفورى لإطلاق النار.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية بأن جميع المستشفيات فى مدينة غزة وشمال القطاع باستثناء المستشفى الأهلى أصبحت خارج الخدمة، بسبب انقطاع الكهرباء وشح المواد الطبية والأكسجين والغذاء والماء، ويعمق المأساة القصف والقتال فى محيط هذه المراكز الطبية.

وذكر ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة أن المستشفى الأهلى فى مدينة غزة، الذى يوجد به أكثر من 500 مريض، هو المنشأة الطبية الوحيدة القادرة على استقبال المرضى بالمنطقة فى ظل زيادة التحديات وشح الإمدادات.

وشدد على أن المستشفيات والعاملين الطبيين يتمتعون بالحماية وفق القانون الدولى الإنساني، ويتعين على جميع أطراف الصراع ضمان حمايتهم.

وقال دوجاريك إن أى عمليات قتالية داخل أو حول المستشفيات يجب أن تلتزم بحماية المرضى والعاملين الصحيين وغيرهم من المدنيين وتجنب تعرضهم للخطر.

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير، إن عدد مستشفيات جنوب وشمال قطاع غزة، التى تعمل بكفاءة «تقلصت بشكل كبير».

وأضاف أنه لا يزال هناك بضع مستشفيات عاملة فى جنوب غزة، لكن لا تتوفر لديها نفس القدرة على إجراء عمليات جراحية أو تضم أقساما للتخصصات الدقيقة مثل التى كانت موجودة فى الشمال.

وأشار إلى أنه لم يعد هناك فى الشمال مستشفيات حقيقية تعمل بكفاءة، ولكن قد يكون هناك منشأة طبية أو اثنتان تعملان بشكل جزئي، ليسوا بكفاءة المستشفى العادي، لافتا إلى أنه لا يوجد فى الجنوب سوى 3 مستشفيات تتوفر لديها الإمكانيات لإجراء عمليات جراحية.

وأكد أنه كان هناك قبل الحرب 3500 سرير للمرضى فى غزة، واليوم هناك أقل من 1400 سرير فقط.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تعمل على وضع خطط لإخلاء مستشفى الشفاء فى غزة، الذى بات هدفا للغارات الإسرائيلية، بعدما أصبح «منطقة موت».

وقالت المنظمة فى بيان: إنها تعمل مع شركائها على «وضع خطة عاجلة للإجلاء الفورى للمرضى المتبقين والموظفين وعائلاتهم»، مضيفة أن 291 مريضا و25 من مقدمى الرعاية كانوا لا يزالون فى المستشفى.

وجاء فى بيان المنظمة أن الفريق شاهد مقبرة جماعية عند مدخل المستشفى وقيل له إن أكثر من 80 شخصا دفنوا هناك.

وقال المدير العام ل منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس: إن مستشفى الشفاء فى غزة لم يعد قادرا على تقديم خدمات للمرضى ولا يوجد به ماء أو كهرباء أو وقود وجميع الإمدادات الطبية استنفدت.

وذكر غيبريسوس أن منظمة الصحة العالمية قادت بعثة أممية لتقييم الوضع فى مستشفى الشفاء فى غزة. وأضاف «الفريق الطبى بمستشفى الشفاء طلب الدعم لإجلاء المرضى الذين لم يعد بإمكانهم تلقى الرعاية بالمستشفى، ونعمل مع الشركاء لوضع خطة إخلاء عاجلة للمستشفى».

وطالب غيبريسوس بتوفير الحماية للمرافق الصحية والمدنيين، ووصف الوضع الحالى بأنه «غير محتمل ولا مبرر له».

بدوره، قال مفوض حقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك: إن الأحداث المروعة فى غزة أدت إلى مغادرة المرضى مستشفى الشفاء ومقتل الكثيرين فى مدرسة كانت مأوى تابعا للأمم المتحدة.

وفى السياق ذاته، أكد المدير العام لوزارة الصحة فى قطاع غزة منير البرش أن الطواقم الطبية والجرحى والنازحين أجبروا قسرًا وتحت تهديد السلاح على إخلاء مجمع الشفاء الطبي.

وأضاف: تجمع كل الجرحى أمام المستشفى وانطلقنا والدبابات تحاصرنا من كل الجوانب حتى وصلنا لنهاية الممر الآمن الذى فرضه الجيش الإسرائيلي، البعض ذهب للجنوب خاصة الجرحى، والبعض عاد لمناطق الشمال التى يريد الجيش الإسرائيلى تفريغها».

وتابع البرش: كان مشهدًا مريعًا عندما سرنا بأكثر من 650 جريحًا ومصابًا مشيًا على الأقدام ونجر العربات والأسرة.

وطالب كاظم أبو خلف المتحدث باسم «الأونروا» فى الضفة الغربية بتأمين العمليات الإغاثية والإنسانية والطبية فى قطاع غزة، مضيفا: يجب الحصول على وقف فورى لإطلاق النار وتنفيذ هدنة إنسانية وإدخال المساعدات إلى غزة. وحذر من انتشار كبير للأمراض والأوبئة داخل مستشفيات غزة وخارجها.

وكان المفوض العام لوكالة الأونروا «فيليب لازاريني»، دعا السلطات الإسرائيلية للسماح بتوصيل كميات كافية ومنتظمة من الوقود بدون شروط لاستمرار جميع الأنشطة المنقذة للحياة فى غزة.

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية، ذكرت أن كل المستشفيات فى شمال غزة أصبحت خارج الخدمة، وطالب الهلال الأحمر الفلسطيني، المجتمع الدولى بدعم صمود المستشفيات العاملة فى غزة.

وقال مدير مستشفى الشفاء فى غزة محمد أبو سلمية: إن 179 جثة على الأقل، دفنت فى قبر جماعى بموقع المؤسسة، موضحا أن بينهم 7 أطفال مبتسرين توفوا جراء انقطاع الكهرباء.

وفى شمال القطاع، أكدت مصادر طبية فى المستشفى الإندونيسى فى بيت لاهيا، تحويل ساحة ملعب كرة قدم رملى مجاور للمستشفى لمقبرة جماعية لدفن عشرات الشهداء الذين تكدست جثثهم فى المستشفى، ولم يتمكن ذويهم من التعرف عليهم نظرا لقوة الأسلحة المستخدمة فى القصف، ما أجبر الطواقم الطبية على دفن تلك الجثث مجهولة الهوية والتى قدرت بالعشرات فى ساحة الملعب.

فيما أكدت مصادر فى وزارة الصحة الفلسطينية، خطورة دفن جثامين الشهداء فى مقابر جماعية فى ساحات المستشفيات، وأوضحت أن المواطنين والطواقم الطبية اضطروا لذلك نظرًا لعدم وجود أى غطاء أو حماية من اللجنة الدولية للصليب، خاصة أنه لا توجد خيارات أخرى لأن الجثث بدأت تتحلل.

وقالت مصادر فى مستشفى غزة الأوروبي: إن قوات الاحتلال حولت المستشفيات إلى مشارح ومقابر بعد تكدس الجثث فى ساحاتها فى انتهاك صارخ لأبسط قواعد القانون الدولى الإنساني، مضيفة أنه فعليًا تحولت المستشفيات إلى مشارح ومدافن ودليل ذلك تحويل الساحة الخارجية للمستشفى الإندونيسى شمال القطاع لمقبرة للشهداء، الذين كانوا موجودين فيها، لافتا إلى أن هناك تكدسا لعشرات الجثث فى مجمع الشفاء الطبي.

وذكرت مصادر طبية فى غزة: أن قوات الاحتلال اختطفت الجثث من ثلاجة مستشفى الشفاء الطبى ومن المقبرة، التى تم حفرها فى ساحة مجمع الشفاء الطبي، ونقلتها عبر شاحنات إلى جهة مجهولة، مطالبًا الجهات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل لوقف الجرائم الإسرائيلية بحق المواطنين والمصابين والشهداء فى القطاع.

وأشار مدير المستشفى الإندونيسي، عاطف الكحلوت إلى صعوبة الوضع جراء الاستهداف الإسرائيلى المتواصل ضد المستشفى، مشيرا إلى عدم إمكانية إجراء العمليات الجراحية، وعدم إمكانية إخراج جثامين الشهداء الملقاة على الأرض والموجودة داخل المستشفى لما يفرضه الاحتلال من حصار وقصف ضدها، وذلك وفقا لما أعلنته وسائل إعلام فلسطينية.

كما أوضح أن بيئة المستشفى متسخة وقد تؤدى لالتهاب جروح المصابين واصفا الوضع بأنه لا يطاق بسبب عدم وجود علاج أو دواء أو أى خدمات صحية للمصابين.

وبعد إخلاء مجمع الشفاء الطبي، كشفت منظمة الصحة العالمية أن الاحتلال طلب من مستشفيين آخرين فى قطاع غزة الإخلاء.

وقال المتحدث باسم المنظمة فى جنيف: إن المستشفيين هما الإندونيسى والأهلي، وهو أحد أقدم المنشآت فى قطاع غزة الذى يعود تاريخه إلى أكثر من 140 عاما.

وبعد إنقاذ 31 من الأطفال المبتسرين من مستشفى الشفاء، الذى تضرر بشدة، تستمر منظمة الصحة العالمية فى العمل بسرعة بالغة لإنقاذ بقية المرضى هناك. وأضاف المتحدث أن هناك حاجة لسيارات إسعاف متخصصة لأكثر من 50 مريضا يعانون من إصابات بالعمود الفقرى ونحو 20 مريضا بالغسيل الكلوي، كما أن هناك حاجة لضمانات أمنية من إسرائيل؛ لضمان عدم تعرض قوافل سيارات الإسعاف لإطلاق النار.

وأوضحت منظمة الصحة أنها تحاول دعم المستشفيات والعمل على إبقائها مفتوحة كلما كان ذلك ممكنا، لأنها آخر ملاذ للكثير من المرضى والمصابين.

ويرى أستاذ العلوم السياسية الفلسطينى عزام شعث أن تكرار عملية اقتحام المستشفيات فى قطاع غزة أكثر ما يمكن أن يحققه ل إسرائيل هو تهجير أكبر عدد ممكن من المدنيين الفلسطينيين النازحين، ويتسبب فى كوارث إنسانية للمرضى والمصابين والكادر الطبي، دون أن يحقق للحكومة الإسرائيلية أهدافها.

ومنذ بدء عملية «طوفان الأقصى»، التى أطلقتها المقاومة الفلسطينية فى السابع من أكتوبر الماضي، تتهم إسرائيل حركة حماس باستخدام المستشفيات لإخفاء مقارها ومنشآتها العسكرية وقد تكرر هذا الاتهام مرارا على لسان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى دانيال هاغاري، الذى قال فى عدة مؤتمرات صحفية: إن «حماس تستخدم المستشفيات لأغراض إرهابية»، مضيفًا أن الحركة «تستغل المستشفيات لإخفاء الأسلحة والذخائر».

وردت حركة حماس بالنفى مرارا على التهم الإسرائيلية وأصدرت بيانا دعت فيه الأمم المتحدة لتشكيل لجنة دولية لزيارة المستشفيات فى قطاع غزة والتحقق من إدعاءات إسرائيل حول استخدامها مواقع للمقاومة، ووصف عضو المكتب السياسى حركة حماس، عزت الرشق الاتهامات الإسرائيلية بأنها «مغالطات وأكاذيب لا أساس لها من الصحة».

اقرأ العدد الجديد من مجلة أكتوبر، اضغط هنا

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2