المصريين.. حضروا

المصريين.. حضرواأحمد النومي

الرأى17-12-2023 | 17:36

دائمًا ما يثبت المصريين أنهم على الموعد مع الأحداث الكبرى، ودائمًا ما تكون المفاجآت هى سيدة المواقف، ولعل مشهد الاصطفاف المبهر أمام اللجان الانتخابية فى الانتخابات الرئاسية، والسباق الكبير من أجل التوقيع فى دفتر الحضور الوطني لهذا العرس الديمقراطي من كل الأعمار، يثبت أن جينات عشق الوطن متوارثة، ويعد تلخيصًا للتعبير الدارج الذي يصف الحالة المزاجية والشعبية للمصريين بعبارة "شعب مالوش كتالوج"، حيث المفاجآت عكس التوقعات.

المصريون عزفوا سيمفونية جميلة فى حب الوطن، ورسموا لوحة مصرية خالدة أبطالها السيدات والرجال، المتعلمون والأميون حتى الأطفال وأصحاب الهمم، ورسالتها أن الشعب هو السيد والحامي والمساند والداعم للمسيرة، فالكل خرج ليلبى نداء الوطن بممارسة حقه السياسي فى اختيار قائده، فى مشهد تقشعر له الأبدان، ويثبت أن حب الوطن متجذر وجذوة الوطنية مشتعلة بالقلوب، فكان المشهد وطنيًا بامتياز.

مشهد الإقبال الكبير للمصريين كان صادمًا للمتربصين والكارهين، فالموجات البشرية أمام صناديق الانتخابات نسفت مخططات شيطانية وداست بأحذيتها على "هرطقات" وأسقطت أجندات تآمرية، وضيعت أحلامًا شيطانية،هدفها تفكيك البلاد وضياع العباد، فالمفاجأة ألجمت ألسنتهم، وقلبت الطاولة على مخطط تحويل العرس الديمقراطي إلى سرادق عزاء.

ليس خافيًا على أحد أن المصريين يتعرضون منذ سنوات ليست بالقصيرة إلى أكبر حملة أكاذيب ممنهجة عرفوها طوال تاريخ مصر الحديث، وتنحى أمامها دعاية "جوبلز" تقديرًا واحترامًا، من خلال حرب الشائعات باعتبارها أحد أشكال حروب الجيل الرابع، والرهان كان على اللعب فى عقول المصريين من أجل "هز الثقة" والوصول إلى اليأس، وبالتالي الإحباط فالانفجار ثم المظاهرات والعودة إلى مشاهد اهتزاز الدولة مجددًا.

فقد كان الرهان على خلو اللجان من البشر وخواء الصناديق من أوراقها، وارتفع منسوب الأكاذيب منذ الإعلان عن موعد الانتخابات الرئاسية، واشتدت نيران الزيف واستخدام كل أشكال الدعاية الكاذبة ومحاصرة المصريين بكل المشكلات التى يتعرض لها الوطن ما ظهر منها وما بطن، من أجل الوصول إلى مشهد خالٍ من المواطنين، فسقط الرهان وكان الرد قاسيًا والصفعة مدوية على وجه الشامتين.

لم يجد المتآمرون فى المشهد الحضارى والخروج غير المسبوق من المصريين ما يفسده، فانتهجوا سياسة "مالقوش فى الورد عيب قالوا أحمر الخدين"، باستخدام كارت الأكاذيب، وإن التعليمات وراء الخروج، و"المال السياسى" السبب، فأكاذيب المتآمرين ليست عجبًا، فهم خونة لا يعرفون الخريطة الوطنية فى جينات المصريين ويجهلون الموروث الحضارى والوعى الفطرى فى عشق الوطن.

فعلها المصريون وقفزوا فوق معاناتهم وظروفهم الصعبة، فالوطن أبقى والتحديات وجودية، فكان التصويت للوطن وليس لمرشحٍ، ووصلت الرسالة لمن يهمه الأمر بأن لهذا الوطن شعبًا يحميه من مخططاتهم، فخروج المصريين هو تفويض شعبى جديد لدولة 30 يونيو.

أضف تعليق