لمى المفتى السورية تكتب: ننتظر حلم جديد بالعودة

لمى المفتى السورية تكتب: ننتظر حلم جديد بالعودةلمى المفتى السورية تكتب: ننتظر حلم جديد بالعودة

*سلايد رئيسى6-9-2018 | 22:27

عندما كنّا صغاراً كانت جُل أحلامنا أوهام واليوم بعد ما كبرنا أخذت الأيام كل شيئ ، وتركت لنا وهماً اسمه حلم . قرأت في طفولتي أبيات من الشعر للشاعر " إلياس فرحات " يصف فيها الوداع، ورحله الغربة، ويصوّر بكلماته التى صدرت من أعماق قلبه فوجدت طريقها إلى قلوبنا حين قال: "مناديل من ودعت يخفقن فوقهم فلا ترهقيهم يا سفينة أقلعي بعدن فغشّاهن دمعي كأنني أراهنّ من خلف الزجاج المصدع أساي على قلب كثير حنينه على كل أطراف البلاد موزع " كلمة (الوداع ) من أقسى ما يقع على مسامع الإنسان، والفراق أصعب إحساس يمكن أن يعيشه وخاصة لوخيل إليه أن القدر قد لايمنحه فرصة أخرى للعودة ولقاء الأهل.. وعلى غير المتعارف يصبح السفر أحياناً من أشد البلاء على الإنسان كأنه الموت في الحزن والكبد، فتراه ما إن غادر .. حتى راح يتلفت باحثا عن طريق العودة.. وكثيرون لم يعرفوه حتى الآن. مرت أعوام على ترحال السوريين في أصقاع الأرض.. بعد ما لملموا أحزانهم ودموعهم المنهمرة في وداع الأماكن ومصافحة الأركان قائلين:.. إن غادرنا هربا من الموت..سنموت شوقاً إليكم . وفارقوها بدموع المقل، فهل ياترى استطاعت مناديلهم توثيق تلك المشاعر.. وهل ستعبر عن أوجاع الفراق، حين لم تعد الأرض أرضهم ..ولا السماء سماؤهم . رحلوا عنها تاركين جذورهم ، شباباً ونساء وصغارا.. كلهم سافروا بأصوات البكاء المرتعد من القلق، والخوف من المجهول. وبعدما وصلوا إلى حيث المستقر، وانجلت لهم صورة الحياة، برز السؤال المؤلم: " ماذا تركنا خلفنا.. وما مصير أحلامنا؟" لقد امتدت بهم أيام الغربة وأصبحت سنوات، واستمر سعيهم في كل يوم لواقع أفضل متمسكين بحلم العودة، " سنعود يوما إلى ذاك الحضن قبل أن تسرق منا سنين أعمارنا ". لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن ، فطال المنأى وطال الرحيل. وتغيرت ملامح وجوههم.. فبدوا أكبر من أعمارهم، وتغيرت مشاعرهم لا شيئ ذو قيمه غير "الماده" ضاع طعم الصباحات الشاميه وصحبه الاهل وجلسات الشرفات ونكهة القهوة ورائحة الياسمين، وضاقت الدنيا بما رحبت ولم تستطع الغربة أن ترد لهم ما تركوه . لكن الحياة تستمر، ويأتي بعد كل ليل صباح تتفتح فيه العيون شاخصة بنظرات بعيدة المدى ..وتصل بهم إلى تلك الأرض ويتذكرون حلم أمسهم.. فهل سيبقى هذا الحلم قاصراً.. أم سيكبر يوما ليصبح أكبر من واقعهم. لقد علمتهم الغربة درسها القاسي. واليوم لا قيمه لشيئ أكثر من تراب الوطن . فلكنا ننتظر أن يولد لنا حلم جديد بالعودة.. ونرد المناديل.. مناديل من ودعت.

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2