بدون شك، إن التضامن والدعم العربي بين الأخوة عمل عظيم تماما، كما فعلت صنعاء وجماعة الحوثي، لكن أعتقد أن هذا الدعم انقلب لصالح إسرائيل وضد الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأحمر وهو ما جلب أساطيل وقوات أجنبية إلي هذا الممر المائي الحيوي والذي أدي إلي أضرار كبيرة للدول العربية، كما أعطي ل إسرائيل مبررًا كي تتخلص من عقدة باب المندب الذي تضررت منه إسرائيل حيث تستحوذ التجارة البحرية علي 70 بالمائة من وارداتها بينما يمر حوالي أكثر من 80% من من تجارتها الخارجية عبر البحرين الأحمر والمتوسط، وتسهم التجارة عبر البحر الأحمر بنحو 34.6% في اقتصاد إسرائيل، لذلك تضرّر هذا الاقتصاد بشدة، نتيجة اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر، وهو اضطراب تعاظم أثره في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تل أبيب أساسًا بسبب الحرب، وحالة الشلل التي يعاني منها الاقتصاد الإسرائيلي.
ويعتبر مضيق باب المندب ثغرة أمنية لها حيث يستخدم ضدها في أوقات الأزمات. فبحسب المدير التنفيذي لميناء إيلات، جدعون غولبر، كان إغلاق المضيق سببًا مباشرًا في نشوب حربي 1956 و1967، وعلي مدي عقود، كان تأمين المضيق أحد أهداف السياسة الخارجية الإسرائيلية، خاصة في تفاعلها مع دول مثل: جيبوتي وإريتريا، وحاليًا يلوح التهديد الحوثي من هذا الاتجاه، وتنامي الدور الإيراني.
وتري تل أبيب أن نجاح الحوثيين في تهديد المصالح الإسرائيلية، سيدفع إيران إلي استثمار المزيد من الموارد في دعم الحوثيين عسكريًا، وهو ما قد يُضيف نقطة قوة إضافية لصالح طهران في مواجهتها مع تل أبيب.
وعلي الرغم من التهديد الواضح الذي مثّله الحوثيون ل إسرائيل علي مدار الأسابيع الماضية، فإن الضربات الأمريكية والبريطانية ضدهما قد لا تبدو مفيدة بشكل كبير ل تل أبيب ومصالحها، وذلك للأسباب التالية:
إن "مليشيات الحوثي نجحت في استدراج الولايات المتحدة إلي شن هجوم عسكري ضد اليمن .. وأنه ما كان ينبغي للرئيس بايدن أن يبتلع الطُعم". واعتبر الضربات الأمريكية "خطأ استراتيجي مُكلِّف، ومن غير المُرجح أن يردع الحوثيين، بينما يخاطر بالتصعيد الإقليمي والعالمي".
كما منح هذا التوقيت الحوثيين الفرصة لتسويق الضربات الأمريكية علي أنها عقاب لهم علي دعمهم للفلسطينيين، كما أن تلك الضربات سوّقت لهم كفاعلين علي المستوي الإقليمي وليس فقط في اليمن، بل ربما منحتهم الشرعية في مواجهة واشنطن بشكل مباشر.
وبسبب استمرار الحرب علي غزة، ربما لم يلق التحالف الأمريكي ضد الحوثيين، الدعم الإقليمي والدولي الكافيين.