ابن الرومية عاشق النباتات الطبية

ابن الرومية عاشق النباتات الطبيةحسين خيري

الرأى10-3-2024 | 15:14

من باب الصحة العقلية وبعث الثقة في نفوس أجيالنا والشعور بالافتخار بكونهم عربًا، كان لابد من إعادة التذكير بسيرة أعلام الحضارة العربية الإسلامية، والكشف عن مناقب ريادتهم، لكي نطمئن وتطمئن أجيالنا أن أجدادنا سبقوا العالم.

وفي بلاد الإسلام الرابطة في أحضان أوروبا، بزغ شمس رجال عرب أفذاذ، من دولة الأندلس تلقف الأوروبيون من روادها العلم، وظهر من نجوم الأندلس ابن الرومية، لم يترك شبرا في رحاب الأندلس إلا وأقام فيه، كان عالما فقهيا في علوم الدين، ودرس الأحاديث النبوية، وسار علي نهج علماء عصره، نبغوا في علوم الشريعة وأبدعوا العلوم الطبيعية، اسمه أبو العباس أحمد بن محمد مفرج النباتي الأموي.

اعتكف ابن الرومية علي دراسة علمي النبات والطب، ووضع أهم مؤلفاته "الرحلة النباتية"، ومن خلال تلميذه العالم ابن البيطار وصل إلى المكتبة العربية والأوروبية أجزاء كبيرة من هذا المؤلف العبقري، الذي لم يتمكن تلاميذه من الاحتفاظ به، وكتابه "رسالة في تركيب الدواء" لا يقل أهمية عن سابقه.

وكانت خدمة الفقراء سببا وراء شغفه بدراسة العلاج بالنباتات الطبية، وسيرته ممتلئة بالرحلات فقد زار الديار المصرية، وارتحل إلى الشام ومنها إلى العراق، وفي بداية رحلته أقام في الغرب، وأجرى تجاربه على أعشابها وفائدتها الطبية، ثم استقر به المقام في أشبيلية، تميز عن بقية علماء الحضارة الإسلامية بإسهامه وشرحه المفصل المقترن بالنماذج التوضيحية.

وترجع شهرته بلقب ابن الرومية لإتقانه اللغة الإيطالية القديمة، وقالوا لولعه بجمعه للنباتات من أفريقيا وآسيا وأوروبا، ويعتبر أول من اهتم بالوصف الظاهري للنباتات، وكذلك بالتحليل العلمي الدقيق لها، وتتلمذ على يد أستاذه الفقيه ابن حزم القرطبي، وكان عاشقا للسهر لتدوين أبحاثه، وفي النهار يقضي وقتا طويلا في فحص مرضاه، ويعطيهم عقاقيره النباتية، التي عكف على تحضيرها.

واستغرقت رحلته البحثية ثلاثين عاما في التنقيب عن النباتات الطبية في بلاد العرب وفي بلاد أوروبا، وحتى يدرك هذا الجيل مدى عبقرية ابن الرومية في أبحاثه العلمية أنه سبق العلماء الغربيين في هذا العصر التكنولوجي، ورصد التاريخ وصفه المفصل عن جذور النباتات وساقها وأغصانها، كما وصفها من حيث الحجم والطول واللون والعمر، وأبشر أيها الجيل القادم أن حضارتك العربية الإسلامية ولادة بالرواد.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2