زقوت : خلاف الولايات المتحدة مع نتنياهو محاولة لصرف الأنظار عن اشتراكها مع إسرائيل

زقوت : خلاف الولايات المتحدة مع نتنياهو محاولة لصرف الأنظار عن اشتراكها مع إسرائيل الدكتور عائد زقوت الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني

عرب وعالم17-3-2024 | 22:37

قال الدكتور عائد زقوت، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أن سبب تزايد التصريحات الصادرة عن العديد من رؤساء الحكومات، والدول وليس بآخرها تصريحات المستشار الألماني أولاف شولتس، أمس السبت، والتي أكد فيها على ضرورة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وأعرب فيها عن قلقه إزاء الوضع الإنساني في غزة؛ فما فتئت مصر وعلى لسان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب بضرورة السماح بدخول المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة، ثم توالت بعد ذلك الدعوات في هذا الصدد، سواء من الأمين العام للأمم المتحدة، أو رئيسي وزراء بلجيكا وأسبانيا، الداعية إلى تدخل فوري لإنقاذ مئات الآلف الذين يموتون جوعًا ومرضًا في قطاع غزة وخاصة الجزء الشمالي منه.

وأضاف في تصريح خاص لـ«بوابة دار المعارف»: جميع هذه المواقف؛ أدت إلى الضغط على البيت الأبيض و إسرائيل للسماح بمرور قوافل المساعدات، ولو في حدودها الدنيا، الأمر الذي استدعى استخدام عمليات الانزال الجوي للمناطق المنكوبة، من قبل مصر والأردن والإمارات، والولايات المتحدة؛ إلا أن كافة هذه الجهود لا زالت غير كافية لسد الفجوة الواسعة لإنقاذ حياة مئات الآلاف من الغزيين الذين يموتون برصاص القتل والجوع في كل لحظة، الأمر الذي يتطلب مضاعفة الجهود الدولية، وخاصة من الشقيقة مصر لما تملك من أدوات لاستمرار الضغط على واشنطن و إسرائيل لإنهاء دائرة الدم المستمرة في الدوران.

وتابع: مع تعاظم الأثار الإنسانية للحرب الدائرة في غزة، وتزايد الضغط الشعبي والرسمي لتدارك ما يجري من إبادة جماعية، بما تشكله من إحراج للإدارة الأميركية في المنطقة والعالم جاءت تصريحات زعيم الأغلبية الديمقراطية في الكونجرس في سابقة علنية، و «لأول مرة في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية» بالتدخل الأمريكي في الشأن الداخلي الإسرائيلي، والتي هاجم فيها نتنياهو، واصفًا إياه بـ«عقبة في طريق السلام»، وداعيًا لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في إسرائيل .

وأشار إلى أن تصريحات زعيم الأغلبية الديمقراطية لا تعني بالكلية وجود خلاف استراتيجي بين واشنطن ونتنياهو، وإنما يقتصر على الوسائل والتوقيتات؛ فمحاولة إظهار الخلاف بين إدارة الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وتوجهاته إن كان في غزة أو الضفة الغربية أو في رؤيته لحل القضية الفلسطينية، وكأن الرؤية الأمريكية لا تتوافق مع توجهات المنظومة الحاكمة في إسرائيل، والتي يحكمها الآن عقلية أمنية تسيطر على نظرتها ورؤيتها لكل الجبهات ومدعومة بتأييد واسع من الشارع الإسرائيلي، الذي يسيطر عليه هاجس الأمن، وأحيا لديهم التأثير السيكولوجي لعقدة الثمانين عامًا؛ حيث فقد قدرته على التمييز بين الخطر التكتيكي والمتطلبات الإستراتيجية، التي يتم تجاوزها وتجاهلها؛ مما سيؤدي لتحولها لاحقًا إلى واقع مستدام سيعاني منه الإسرائيليون وبطريقة تدفعهم لتغيير نظرتهم الضبابية؛ بسبب شعوره بعدم الأمن والاستقرار.

وأضاف: في حقيقية الأمر أن الخلافات بين البيت الأبيض و نتنياهو وخصوصًا في الإدارة الديمقراطية ليست بطارئة، فهي ترجع إلى حقبة إدارة أوباما فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وتجلّت في حينه بإلقاء نتنياهو كلمته أمام منظمة الأيباك في واشنطن دون استقباله في البيت الأبيض، وعاودت الظهور مرة أخرى في عهد بايدن؛ بسبب الصراع الداخلي ما بين الصهيونية الدينية والصهيونية العلمانية وتداعيتها على المشروع الإمبريالي في المنطقة وفي القلب منه دولة إسرائيل.

واستكمل: الخلافات بين الغرب وفي مقدمته أمريكا يرتبط بالرؤية الغربية الأمريكية، التي تتعلق بالمصالح الاستراتيجية الغربية الأمريكية في الشرق الأوسط، وخطوطها الحمراء بما فيها الدور الاستعمالي لإسرائيل؛ حيث ترى أمريكا أن المناورات العسكرية في غزة انتهت وحان دور العمل السياسي والدبلوماسي، وبما يحقق مصالح إسرائيل وأمريكا الاستراتيجية في المنطقة، وليس فقط في المسألة الفلسطينية؛ وما بين رؤية نتنياهو الشخصية والأيديولوجية وخطوطه الحمراء، والتي تلتقي مع رؤية المؤسسة الأمنية والعسكرية باحتلال قطاع غزة لسنوات وإعادة تأهيله جغرافيًا وديموغرافيًا وفق مخططات عديدة، أبرزها تقسيم قطاع غزة إلى جيبين منفصلين تُنْشِئ فيهما إدارات محلية، وإقامة منطقة عازلة تحيط بشرق القطاع وشماله، وإقامة محور فيلادلفيا جديد على الأرض الفلسطينية موازٍ للمحور الحالي ونقل موقع المعبر البري الحالي إلى منطقة السيطرة الإسرائيلية، وهذا ما يؤسس لاحتلال عميق وإلى حرب استنزاف طويلة ومريرة وصعبة، مما سيؤخر عملية الإعمار ويزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية إذا لم يتم وضع حد من قبل المجتمع الدولي لتلك الخطط الإسرائيلية؛ وهذا ما يبرر عدم الاستجابة الإسرائيلية لوقف إطلاق النار وإنهاء حالة الحرب، فهي تريد استمرار الحرب للانتهاء كليًا من إنجاز أهدافها.

وتابع: هذه المقاربة تؤكد أن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية لن يسمحوا بتحويل إسرائيل الاستعمالية في المنطقة لدولة محورية تفرض إرادتها السياسية على الغرب وأمريكا، فدولة إسرائيل يمكن الاختلاف معها، بل ونقدها دون إدانتها بشكل يؤثر على وجودها الاستعمالي في المنطقة، لذلك نرى «الخلاف يتركز بين إدارة البيت الأبيض و نتنياهو وليس مع إسرائيل كيكان ودولة»؛ مشيرًا إلى أن هذا الخلاف ليس سوى محاولة أمريكية لصرف الأنظار عن مسؤوليتها عما جرى من محاولات لتصفية القضية الفلسطينية، وما يجري في قطاع غزة وتحميل المسؤولية لنتنياهو، ليجعل منه كبش فداء لتلك السياسات، إضافة إلى محاولة ذرء المسؤولية عن سقوط المنظومة الدولية في حماية الشعب الفلسطيني بتكرار استخدام حق النقض، وتقويض القانون الإنساني.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2