يوم الإثنين المجنون (3)

يوم الإثنين المجنون (3)عاطف عبد الغني

الرأى7-4-2024 | 17:08

يوم الإثنين من الأسبوع الرابع لشهر أكتوبر عام 1997 هو اليوم الذي استيقظ فيه التايلانديون علي أزمة اقتصادية عاصفة تضرب بلادهم.. أطلقوا عليه يوم الاثنين المجنون، وانسحبت الأزمة من تايلاند إلي عدد من الدول التي كان يطلق عليها «النمور الأسيوية» بسبب تحقيقها نموا اقتصاديا هائلا في وقت قياسي لا يزيد علي عقدين من الزمان، قبل أن يضربها الانهيار المفاجئ.

ماليزيا كانت واحدة من دول النمور التي طالتها الأزمة، وفي حوار لقناة « الجزيرة » كشف الرئيس الماليزي «الأسطوري» مهاتير محمد عن دور تجار العملة الكبار في الأزمة، وذلك من خلال المضاربة علي سعر الدولار مقابل عملة بلاده «الرينجت» موضحا أن سعر العملة يرتبط بالعرض والطلب، والطلب المتزايد علي العملة يرفع ثمنها، والعكس صحيح، ومن خلال تحكمهم في هذه العملية بالبيع والشراء، كانوا يجنون أرباحا هائلة، وأكد مهاتير أن هذا ما يسعي إليه المضاربون، ولا يهمهم خراب البلدان التي يمارسون فيها مضارباتهم. ونتوقف عند ماليزيا تحديدا، وقد كانت أسرع دول النمور في التعافي مع الأزمة، ونري كيف عالجتها. والذي حدث أن الدولة الماليزية قررت التمرد علي إملاءات صندوق النقد ، بل ولم تلجأ إليه مثل الدول الأخري لحل أزمتها، وأول ما قامت به كان أن فرضت قيودا صارمة حدت من قدرة الأجانب علي ممارسة المضاربات علي العملة وكان يعني هذا الحد من تدفق رؤوس الأموال الأجنبية من الأموال الساخنة، أو ما يسميه الاقتصاديون بـ «استثمارات المحافظ»، اتخذت ماليزيا هذه الخطوة مع تحمل الضرر الكبير الذي وقع علي ميزان مدفوعاتها، وفي نفس الوقت قامت بتثبيت سعر عملتها بعد تخفيضها عما كانت عليه قبل الأزمة. تقول مريم عطا الله (في تقرير صحفي منشور في موقع "المنصة" بتاريخ الأربعاء 18 يناير 2023): "كانت هذه السياسات أشبه بخلق حالة من الانعزال للاقتصاد المحلي، في تناقض تام مع رؤية الصندوق حول الإصلاح الاقتصادي.. لم يكن ذلك فقط الهدف المنشود من القيود، فالأهم هو إرسال الدولة إشارات إيجابية للمستثمرين بتدخلها المباشر والجاد حال الحاجة إلي ذلك". وباعتراف صندوق النقد نفسه فيما بعد كانت ماليزيا أسرع الدول تعافيا، والأفضل أداء في العقد التالي، لأزمة النمور الأسيوية ، لأنها فضلت الحلول طويلة الأجل، هذه الحلول التي عادة ما تكون في مصلحة النظام السياسي الذي يهتم بالاستمرار وبالحفاظ علي الاستقرار المجتمعي. والسؤال: هل هناك وجه به أو مقارنة بين «حالة" النمور الأسيوية، و«حالتنا» في أزمتنا الاقتصادية الأخيرة؟.. انتظروا الإجابة عن السؤال.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2