محاولات إسرائيلية مستمرة لإفشال أي اتفاق لوقف العدوان.. ماذا بعد مبادرة بايدن؟

محاولات إسرائيلية مستمرة لإفشال أي اتفاق لوقف العدوان.. ماذا بعد مبادرة بايدن؟محاولات إسرائيلية مستمرة لإفشال أي اتفاق لوقف العدوان.. ماذا بعد مبادرة بايدن؟

عرب وعالم14-6-2024 | 00:32

جاءت الأفكار الأمريكية، التى أعلنها الرئيس جو بايدن الأسبوع الماضى، بمثابة نتيجة لكل الجهود المصرية فى المقام الأول، وكذلك القطرية وبرعاية أمريكية، التى جرت على مدى الأشهر الماضية، لكن تسعى الحكومة الإسرائيلية الحالية كالعادة، إلى إفشال أية مبادرة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، حتى لو كانت تلك المبادرة قائمة فى الأساس على أفكار طرحتها إسرائيل نفسها، وحتى لو كانت تلك المبادرة تحمل اسم الرئيس الأمريكى جو بايدن نفسه، الذى يعانى من مأزق بسبب قرب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، ويحتاج للحصول على مكسب بوقف الحرب، لكسب مزيد من الأصوات أمام خصمه العنيد دونالد ترامب المؤيد بالكامل لإسرائيل.

أكدت مصر على لسان سامح شكرى، وزير الخارجية المصرى، أن "الطرح الأمريكى الحالى جدير بأن يتم قبوله، لما يؤدى إليه من وقف إطلاق النار، ووقف الأضرار والقتل المستمر للشعب الفلسطينى فى غزة".

وأوضح شكرى أن «الطرح به من العناصر الضامنة، لأن يكون وقف إطلاق النار كاملًا، وإعادة الرهائن، ودخول المساعدات بالكميات التى يحتاجها الشعب الفلسطينى»، داعيًا إسرائيل وحماس إلى قبول تلك الخطة.

وأضاف خلال مؤتمر صحفى مشترك مع نظيره الإسبانى، صباح الإثنين الماضى، أن «الدول الثلاث مصر وأمريكا وقطر الراعية للمفاوضات الجارية، دعت فى بيان مشترك إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار، ودخول المساعدات، ومنع تصفية القضية الفلسطينية من خلال النزوح».

وتابع: «التصريحات المبدئية لحماس أنها تلقت الخطة بشكل إيجابى، وننتظر الرد من قبل إسرائيل، ونستمر فى التواصل والتنسيق مع الشركاء الولايات المتحدة، وقطر للقيام بالدور اللازم لتحفيز الطرفين على قبول الخطة».
وشدد على أن «استمرار الحرب، أصبح أمرًا مرفوضًا لآثارها بالغة الخطورة»، لافتًا النظر إلى مقتل 37 ألف فلسطيني، ثلثهم من النساء والأطفال، وإصابة نحو 100 ألف آخرين، فضلًا عن تدمير 75 % من مبانى غزة.

واستطرد: «القطاع غير قابل للحياة، فى ظل عدم دخول كمية من المساعدات اللازمة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية، والحالة الصحية للشعب الفلسطينى، ونحن مستمرون فى جهودنا، ونتطلع لوجود تفاعل بين الطرفين للانخراط بتنفيذ الخطة بكل عناصرها».

وكان مصدر رفيع المستوى، قد أشار إلى إدخال ما يزيد على 950 شاحنة مساعدات إنسانية من مصر إلى قطاع غزة خلال الأسبوع الماضى، مضيفا أن مصر تتمسك بتوفير كل أشكال الدعم لمواطنى القطاع، وتعمل على تخفيف حدة الأزمة الإنسانية بغزة، مشددًا على أن مصر تواصل اتصالاتها مع كل الأطراف للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة.

وقد سعت إسرائيل فى إطار المناورات المستمرة، لمنع التوصل إلى اتفاق والمراوغة وتسريب الشائعات حول دور مصر وقطر وحتى أمريكا، وهو ما واجهته مصر بقوة، حيث نفت أى تعديل فى الاتفاق المبدئى الذى توصلت إليه المفاوضات التى قادتها.

كما صدر الإثنين الماضى بيان مشترك لوزراء خارجية مصر وقطر والأردن والسعودية والإمارات، يؤيدون جهود الوساطة حيال الأزمة فى غزة، بعد أن عقد وزراء الخارجية اجتماعاً افتراضياً، ناقشوا خلاله تطورات جهود الوساطة التى تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، للتوصل لصفقة تبادل تفضى إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وإدخال المساعدات بشكل كافٍ إلى قطاع غزة، وأكد وزراء خارجية الأردن والإمارات والسعودية دعمهم لهذه الجهود.

هذا، وقد بحث الوزراء، المقترح الذى قدمه الرئيس الأمريكى جو بايدن لتحقيق ذلك فى الثانى من يونيو الجارى، كما شدد وزراء خارجية مصر، وقطر، والأردن، والسعودية، والإمارات على أهمية التعامل بجدية وإيجابية مع مقترح الرئيس الأمريكى، بهدف الاتفاق على صفقة، تضمن التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، وإيصال المساعدات بشكل كاف إلى جميع أنحاء قطاع غزة، وبما ينهى معاناة أهل القطاع.

وأكد الوزراء ضرورة وقف العدوان على غزة، وإنهاء الكارثة الإنسانية التى يسببها، وعودة النازحين إلى مناطقهم، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلى بشكل كامل من القطاع، وإطلاق عملية إعادة إعمار فى إطار خطة شاملة لتنفيذ حل الدولتين، وفق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبتواقيت محددة وضمانات ملزمة.

ومن ناحية أخرى، شدَّد الوزراء على أن تنفيذ حل الدولتين الذى يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، هو سبيل تحقيق الأمن والسلام للجميع فى المنطقة.

ومن جانبه يوضح السفير عمرو حلمى، عضو مجلس الشيوخ، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، أن البيان الثلاثى المصرى - القطرى - الأمريكى، قد أكد دعوة كل من حماس وإسرائيل على إبرام اتفاق يجسد المبادئ، التى حددها الرئيس بايدن، فى خطابه لضمان وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين حتى يمكن لهذا الاتفاق، أن يمثل خارطة طريق لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الأزمة.

ويضيف أن الدعوة الموجهة إلى نتنياهو لزيارة واشنطن، للتحدث أمام الكونجرس الأمريكى بمجلسيه، ومن المتوقع أن يتم استثمارها من أجل الحصول على موافقة صريحة من نتنياهو، على كل المبادئ التى حددها الرئيس بايدن فى خطابه يوم 31 مايو، وبما يساعد على احتواء آراء الشخصيات والقوى السياسية المتطرفة التى تشارك فى حكومته الائتلافية.

ويرى حلمى أن المبادئ التى طرحها الرئيس بايدن، يعاب عليها أنها لم تشر إلى حل الدولتين، الأمر الذى يعكس عدم إدراك أن ضمان عدم تكرار أحداث 7 أكتوبر لا يتطلب فقط التركيز على القضاء على حماس، لكن يتطلب أيضا إقامة دولة فلسطينية تعيش فى أمن وسلام مع إسرائيل، لأن إقامة دولة فلسطين يقع فى مصلحة الشعبين الفلسطينى والإسرائيلي.

ويشير إلى أن المبادئ التى حددها بايدن، هى فى مجملها أفكار إسرائيلية فى الأساس، ولم تتطرق إلى وضع غزة النهائى، بعد انتهاء الحرب، ومن الذى سيتولى إدارة القطاع بعد الحرب، مضيفا أن المسئولية تقع على حركة حماس فى الاستجابة للمبادئ التى أعلن عنها الرئيس الأمريكى بايدن، لأن ذلك سيحقق هدف وقف المذابح التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى فى غزة، ولتفويت الفرصة على إسرائيل للاستمرار فى العدوان بحجة عدم استجابة حماس.

ويتابع أنه من السابق لأوانه القول إن ما ذكره بايدن، يمكن أن يحدث التغيير المنشود على الأرض بالسرعة المطلوبة، فى ضوء إصرار نتنياهو على احتلال رفح بالكامل، بهدف القضاء على حماس.

ويؤكد أن مبادرة بايدن التى أعلن عنها هى للاستهلاك المحلى، حتى لا يفقد أصوات الأمريكيين العرب والمسلمين فى الانتخابات الرئاسية فى نوفمبر المقبل، وهو ما ينطبق أيضا على أصوات اليهود الأمريكيين، التى لا يرغب فى فقدانها، لأن الأفكار التى ذكرها هى فى أساسها مقترحات إسرائيلية، لكن يبدو أن نتنياهو لم يحصل على موافقة العناصر المتشددة فى حكومته الائتلافية حولها قبل طرحها، وبالتالى فستستضيف أمريكا نتنياهو لإلقاء بيان أمام مجلس النواب والشيوخ، بحيث يتم استثمار ذلك، لإظهار تأييد أمريكا غير المشروط لإسرائيل والحصول على موافقة نتنياهو بشكل صريح على تلك الأفكار التى أعلنها بايدن، والتى هى فى الأساس أفكار إسرائيلية، ولهذا يصر نتنياهو على أن أفكار بايدن لا تتضمن وقفا دائما لإطلاق النار، لكن البيان الثلاثى المصرى - القطرى – الأمريكي، أشار إلى أن "إبرام الاتفاق حتى يمكن لهذا الاتفاق، أن يمثل خارطة طريق لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الأزمة".

ويضيف أن إسرائيل للأسف حصلت على ضوء أخضر من أمريكا وبعض الدول الأوروبية، ولن توقفها محكمة العدل الدولية ولا الجنائية الدولية، ولا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويرى أن الموقف المصرى مستمر، فى جهود وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وضرورة الوصول لوقف إطلاق النار، وسرعة نفاذ المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى المحاصر، مضيفا أن استيلاء إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطينى، أدى لإصرار مصر على ضرورة انسحاب إسرائيل منه، لأن الاتفاقيات تنص على وجود الجانب الفلسطينى وليس الإسرائيلى من المعبر، وقد أخلت إسرائيل باتفاقية المعابر لعام 2005، والمكملة لاتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية.

وكان وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، قد وصف مصر بأنها "شريك مهم"، فى مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، وذكر وزير الخارجية الأمريكى أن مصر تعد أيضا "شريكا مهما" فى إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، إلا أن لديه "قلق عميق" بشأن إغلاق معبر رفح بين مصر وغزة، الذى استولت عليه إسرائيل أخيرا.

وقال بلينكن: "من المهم، على ما أعتقد، من الناحية السياسية، أن يُظهر المصريون أنهم جهة فاعلة حاسمة فى تقديم المساعدة"، مضيفا أنه "سيظل من الصعب إعادة فتح المعبر، بسبب الأنشطة القتالية بالقرب من البوابة وحولها".

وكان مصدر مصرى رفيع المستوى، قد أكد أن "ممارسة مصر دور الوساطة فى صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، جاء بعد طلب وإلحاح متواصل للقيام بهذا الدور"، مضيفا أن "مصر تستغرب محاولات بعض الأطراف، تعمد الإساءة إلى الجهود المصرية المبذولة، للتوصل لوقف إطلاق النار فى غزة"، واعتبر أن "ممارسة مصر دور الوساطة فى صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن"، جاءت نظرا لخبرة وقدرة مصر فى إدارة مثل هذه المفاوضات الصعبة، وبالتالى لا يمكن لأحد أن يقوم بدور القاهرة، فى ظل أنها المنفذ الوحيد لقطاع غزة على العالم، بجانب إسرائيل.

وكان فى وقت سابق، أعلن الرئيس الأمريكى جو بايدن، أن إسرائيل تقدمت بمقترح جديد تماما لوقف الحرب فى قطاع غزة من 3 مراحل، يشمل هدنة ووقف النار والانسحاب من المناطق المأهولة بالمدنيين، وتم تسليمها لحماس عبر قطر.

وأضاف بايدن فى خطابه، أن المقترح يشمل انسحاب الجيش الإسرائيلى من المناطق الحيوية فى غزة، والتركيز على هدنة ونهاية للحرب فى غزة، وإطلاق سراح جميع الرهائن، ووقف للنار يستمر 6 أسابيع فى غزة فى المرحلة الأولى، وتركيز الجهود على التوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار فى غزة.

من جانبها، علقت حركة حماس على إعلان الرئيس الأمريكى جو بايدن، خطة جديدة لإنهاء الحرب فى قطاع غزة، بين قوات الاحتلال الإسرائيلى والفصائل الفلسطينية، مؤكدة أنها تنظر بإيجابية لما تضمنه خطاب الرئيس الأمريكى.

أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2