أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن مغادرة آخر القوات الأمريكية قاعدتها المترامية الأطراف في صحراء شمال النيجر اليوم الإثنين، يمثل فصلًا ختاميًا في العلاقة العسكرية الأمريكية مع هذه الدولة الواقعة في غرب إفريقيا وانتكاسة استراتيجية كبيرة لواشنطن.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير لها- أن انسحاب القوات الأمريكية التي بلغ عددها 1100 في النيجر في ذروتها، يأتي بعد أكثر من عقد من الاستثمار في النيجر وأشهر من الجهود غير المثمرة لإعادة البلاد إلى مسار ديمقراطي بعد استيلاء جيشها على السلطة في إنقلاب قبل عام.
وأضافت الصحيفة، أن الوجود العسكري الأمريكي في النيجر كان بمثابة محور الجهود الأمريكية لمعالجة التطرف المتزايد في هذا الجزء من إفريقيا بينما يأتي الانسحاب في وقت وصلت فيه أعمال العنف المتطرفة في غرب إفريقيا إلى مستويات قياسية، وتزايد نفوذ روسيا في المنطقة.
ونقلت الصحيفة، عن اللواء كينيث إيكمان، قائد القوات الجوية الأمريكية، الذي يقود الانسحاب الأمريكي من النيجر قوله - في تصريحات صحفية-: "إن أمن المنطقة يشكل مصدر قلق بالغ، لقد أصبح التهديد أسوأ، لقد انتشر وأصبح أكثر حدة، ومن منظور الولايات المتحدة، تم تقليص وصولنا هناك".
وأضاف "إيكمان" أن الإدارة الأمريكية تواجه تحديا متزايدا في مراقبة الأنشطة المتطرفة لأن مالي وبوركينا فاسو والآن النيجر طردت معظم القوات الغربية، بما في ذلك الجيش الفرنسي، فضلاً عن أفراد الأمم المتحدة، موضحًا أن معظم أفراد الخدمة الأمريكية الذين تم نشرهم في النيجر أعيدوا إلى قواعدهم الأصلية في جميع أنحاء العالم، لكن فرق القوات الخاصة الصغيرة يتم إرسالها إلى دول أخرى في غرب إفريقيا الساحلية.
وفي حفل أقيم اليوم الإثنين، في حظيرة مطار بمناسبة الانسحاب من قاعدة أغاديز، قرأ المسئولون النيجريون والأمريكيون بيانًا مشتركًا باللغتين الفرنسية والإنجليزية، ووقعوا على وثائق تجعل تسليم القاعدة رسميًا.
ونقلت الصحيفة عن مسئولين أمريكيين قولهم "إن الطائرات بدون طيار التي تستخدمها القوات الخاصة الأمريكية لجمع المعلومات الاستخباراتية حول تنظيم القاعدة وتنظيم داعش المتزايد القوة والعامل في منطقة الساحل، والتي تمتد على طول عرض إفريقيا أسفل الصحراء الكبرى، تم شحنها بالفعل كما تم إخلاء المولدات الـ18 التي كانت تغذي المنشأة على متن طائرات شحن من طراز سي-17، وتمت إزالة معدات ومواد حساسة أخرى من القاعدة، التي اكتمل بناؤها في عام 2019 وبلغت تكلفتها أكثر من 100 مليون دولار ".
وأضافوا أن الهدف هو ترك القواعد في أغاديز ونيامي، العاصمة، في حالة جيدة على أمل الحفاظ على العلاقات مع النيجر وترك إمكانية استعادة التعاون مفتوحة، مشيرين إلى أن هذا يتناقض مع النهج الذي تبناه الجيش الفرنسي، الذي استولى على كل شيء أو دمره عندما طلبت منه النيجر المغادرة العام الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه لا تزال خطط النيجر للقاعدة غير مؤكدة، وكذلك الخطط الأمريكية لكيفية استبدال القاعدة والتي اكتسبت أهمية متزايدة لاستراتيجية مكافحة الإرهاب الأمريكية، والتي بدأت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش وتصاعدت أكثر قبل حوالي عقد من الزمان، بعد أن استولى المتطرفون والانفصاليون على جزء كبير من مالي المجاورة.
ونقلت الصحيفة عن كاميرون هدسون، وهو زميل بارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن قوله إن هذه القاعدة "منحتنا نافذة على كل ما كان يحدث في المنطقة. والآن حرفيا ومجازيا، ما نقوم به هو أننا نتحرك إلى الهامش".
ونوهت الصحيفة أنه بعد الانقلاب في النيجر، ضغط المسئولون الأمريكيون على المجلس العسكري لبدء استعادة الديمقراطية وحذروا من أن المساعدات الأمريكية قد تتوقف لكن في مؤتمر صحفي عقد في مارس الماضي، أعلن المتحدث باسم الحكومة في النيجر، أن وجود القوات الأمريكية "غير قانوني"، وفي الشهر التالي، رحبت النيجر بمدربين عسكريين روس في نفس المطار في العاصمة، حيث كانت القوات الأمريكية متمركزة في ذلك الوقت.
ومع تدهور العلاقات مع النيجر، لجأ المسئولون الدفاعيون الأمريكيون إلى دول في غرب إفريقيا الساحلية، ووعدوا بتعزيز العلاقات الأمنية مع دول أخرى يخشون أن تكون معرضة للخطر، بما في ذلك ساحل العاج و بنين و غانا حيث توجد الآن فرق عسكرية أمريكية صغيرة في العديد من البلدان الساحلية في غرب أفريقيا، وفقًا للصحيفة.