بعد العقارات والسيارات ومنتجات وسلع أخرى يعاني السوق المصري من نقصها أو اختفائها، ظهر مصطلح جديد يتم تداوله حاليًا بأسواق الأدوية وهو مصطلح الـ « أوفر برايس »، والذى كان سببًا رئيسيًا فى ظهور سوق سوداء للدواء بأسعار مضاعفة للتسعير الفعلى.
النقص الواضح والملحوظ للأدوية بمختلف أنواعها بالسوق المصرى منذ أشهر، جاء رغم من تأكيدات الأجهزة المعنية بأن المصانع المصرية تنتج أكثر من 90٪ من الأدوية التى يتم تداولها بالأسواق المحلية.
نقص الدواء أو اختفاؤه بفعل فاعل، جاء لينذر بخطر كبير على صحة المواطن من ناحية، ويؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطنى من ناحية أخرى، نظرًا لأن مصر من الدول الكبرى على المستويين العربى والإفريقى فى تصنيع الدواء وتصديره.
الأرقام تؤكد أن مصر نجحت خلال العام الماضى، فى تصدير المنتجات الدوائية إلى 85 سوقا حول العالم، بقيمة تجاوزت الـ 660 مليون دولار، ما يشير إلى السمعة الطيبة التى يتمتع بها الدواء المصرى فى الأسواق العربية والإفريقية.
نقص الدواء نتيجة تراجع المخزون الاستراتيجى من المواد الخام والفعالة لتصنيع الدواء، أو بفعل تشكل لوبي من مصنعى الدواء فى مصر لإخفائه حتى يتم إعادة النظر فى عملية تسعير الأدوية، خلق نوع جديد من السوق الموازى الذى لا يقل خطورة عن السوق السوداء للدولار على الاقتصاد الوطنى.
ورغم الجهود التى تبذلها الأجهزة المعنية بتوافر الدواء فى مصر وفى مقدمتها وزارة الصحة وهيئة الدواء المصرى، لتقديم حلول عملية لأزمة توافر الأدوية، خصوصًا أدوية الأمراض المزمنة بالأسواق والتى لا غنى عنها، إلا أن ظاهرة تداول الأدوية خارج نطاق الصيدليات أصبحت تؤرق المواطن فى رحلة البحث عن الدواء أى كان سعره.
ظهور السوق السوداء للدواء، يدعو إلى اتخاذ كافة التدابير والإجراءات التى تكفل تحرير أسواق الأدوية، مثلما حدث مع أزمة الدولار، وذلك من خلال إعادة النظر من جديد فى عملية التسعير، لأن توافر الدواء بالأسعار الرسمية المعلنة يقضى على ظاهرة الـ «أوفر برايس» والتى تسعر الأدوية بصورة عشوائية، والنتيجة تحقيق أرباح خيالية للمصنعين والتجار على حساب المريض.
الحصول على الخدمات الطبية بما فيها العلاج والدواء بأسعار عادلة، حق أصيل لكل مريض، لذا وجب العمل على فتح الاعتمادات المالية اللازمة لاستيراد مستلزمات إنتاج الأدوية، بما فى ذلك المادة الفعالة، وإعلان التسعير الجديد للأدوية الذي طال انتظاره، حتى نرى سوق الدواء فى مصر كما عهدناه يقف بجانب المريض فى مواجهة المرض.