اغتال كل فرص السلام.. نتنياهو يراهن بأمن إسرائيل !

اغتال كل فرص السلام.. نتنياهو يراهن بأمن إسرائيل !نتنياهو

“لا يمكننا أن نكون فخورين جدًا ولا يمكننا أن نحتفل. يجب أن نكون فى حالة تأهب قصوى”، هكذا علقت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية على تسمية يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس خلفًا لإسماعيل هنية الذى تم اغتياله فى إيران، الذى أعلن بعد تسميته للمنصب مباشرة “أن نتنياهو سيلعن اليوم الذى ولدته فيه أمه و فكر فيه باغتيال هنية”.

وتعيش دولة الاحتلال الآن حالة من التناقض التام ما بين الفرحة العارمة، التى نشرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخرًا وسط أجواء احتفال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بما يزعم أنه حقق إنجازات ضد حماس وحزب الله، وبين الأجواء المرعبة التى يعيشها شعبه خوفا من أن ينقلب السحر على الساحر وتفشل مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة إطلاق سراح أسراهم، وتحولت أجواء الاحتفال إلى حالة تأهب قصوى بالداخل الإسرائيلى بخروج أعداد كبيرة من الإسرائيليين من أجل تزويد بيوتهم بالمؤن والطعام تحسبا للدخول فى حرب إقليمية تقودها إيران وترفض أمريكا خوضها إلى جانب إسرائيل.

وذكرت يديعوت أن هناك خلطا كبيرًا بين مشاعر من القلق والغضب بعد نشر تسريبات عن لقاء جرى- بعد اغتيال هنية- بين نتنياهو والفريق المُفاوض بشأن المختطفين، وتبين أنه كان هناك إجماع فى ذلك اللقاء بين وزير الدفاع ورئيس الأركان ورئيس الشاباك ورئيس الموساد والمسئول عن الأسرى والمفقودين اللواء باميل نيتسان ألون، على أن نتنياهو غير مهتم بتنفيذ صفقة عودة الأسرى.

ويميل المعلقون إلى إرجاع معارضة نتنياهو لصفقة إطلاق سراح المختطفين إلى اعتبارات تتعلق بالمصالح السياسية، فإتمامها سيجعل كلا من وزير الأمن الوطنى ايتمار بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش ينفذان تهديدهما بالاستقالة وتفكيك ائتلافهما.

يأتى ذلك فى الوقت الذى تكتظ شوارع تل أبيب بمظاهرات حاشدة، مُطالبة باستقالة نتنياهو وتتهمه بضرب صفقة تبادل الأسرى فى مقتل والمقامرة بمستقبل الشعب الإسرائيلى لخدمة مصالحه السياسة والبقاء على كرسيه والتضحية بأبنائهم فى معقل حماس، بينما أظهرت استطلاعات ب إسرائيل مرارًا وتكرارًا أن غالبية الإسرائيليين يفضلون إطلاق سراح الأسرى على استمرار الحرب فى غزة.

من جانبه، صرح عضو الكنيست غادى آيزنكوت من معسكر الدولة، فى مقابلة مع القناة الثانية الإسرائيلية، بأن حزبه انسحب من الائتلاف لأنه أدرك أن نتنياهو لا يسعى إلى صفقة إطلاق سراح المختطفين، ولكنه يحاول طوال الوقت منع التوصل إلى اتفاق بينما يؤكد مجلس الوزراء ومعظم رؤساء الأجهزة بأن “عودة الأسرى هى الصفقة الصحيحة وهى كل شىء لهم الآن”.

وحسب “يديعوت أحرنوت”، فقد دعا منتقدو نتنياهو إلى معاقبته بشكل عاجل على الحلول العسكرية التى انغمس فيها منذ 7 أكتوبر، قائلين “يجب علينا عدم تركه يسعى إلى إخفاء هذا العار بالقوة بعمليات الاغتيال التى يقوم بها، التى يدعو لها بهدف إطالة أمد الحرب من أجل البقاء فى السلطة، ومن المرجح أن نشهد قريبا فترة هى الأصعب فى تاريخ البلاد، وإذا استمر فى إظهار نفس التصميم فسنتعدى ذلك أيضًا”.

كما شن عدد من كتاب الصحف الإسرائيلية هجومًا حادًا على نتنياهو مؤخراً، خاصة بعد نشر تسريبات حول تصاعد الخلاف مع الرئيس الأمريكى جو بايدن، والخلافات مع الجيش والأجهزة الأمنية حول صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، فى وقت تعيش فيه تل أبيب حالة من الترقب والانتظار للرد الإيرانى على اغتيال هنية فى طهران، والقائد العسكرى فى حزب الله فؤاد شكر فى بيروت.

فى هذا السياق، وصف المحلل السياسى عاموس هرئيل، فى صحيفة “هآرتس”، تحركات نتنياهو السياسية بالمتطرفة، قائلا “إن نتنياهو يظهر مبتهجًا، كما لو كان مقتنعًا بأن الأحداث الأخيرة من الاغتيالات فى المنطقة، وقبلها التصفيق الذى تلقاه فى خطابه أمام الكونجرس بواشنطن، تظهر صلاحه للحكم طوال الوقت”.

وتابع هرئيل أن نتنياهو يحاول الاستفادة من هذه الإنجازات لشن حملة ضد الجيش والمؤسسة الأمنية، مسلطا الضوء على محاولاته لإقالة وزير الدفاع واستبداله المحتمل بجدعون ساعر، والتلميح بالإطاحة برئيسى أركان الجيش والشاباك، على اعتبار أنه يمكن بعد ذلك محاسبتهم على الإخفاقات التى أدت لهجوم 7 أكتوبر.

وفى مقال آخر يحمل عنوان “ نتنياهو الجديد من إدارة المخاطر إلى إدارة القمار”، شن المحلل السياسى ناحوم برنياع فى صحيفة يديعوت، هجومًا على نتنياهو، أكد فيه محاولاته لتعطيل صفقة تبادل الأسرى مع حماس، وهى التي يمكن أن تحول دون وقوع حرب إقليمية.

ونوه إلى عودة رئيسى الموساد والشاباك من رحلة أخرى غير مجدية إلى القاهرة، قائلا “إنها رحلة كانا يعرفان مسبقًا أنها لن تنتهى بأى شىء، فى الوقت الذى قرر فيه نتنياهو إحباط أى تقدم، وأوقف التشاور بين المستويين السياسى والعسكرى”.

ونقل برنياع فى تسريبات عن مصدر إسرائيلى مُطلع على عملية صنع القرار، أن «الرجل قد تغير وتوقف عن الاستماع للآخرين، وإنه مقتنع بالمسار الذى اختار أتباعه، ومصمم على أخذ دولة إسرائيل معه، وأن إسرائيل تحولت من إدارة المخاطر إلى إدارة القمار».

كما أبدى المحلل السياسى بن كسبيت، فى مقالة بصحيفة “معاريف”، نفس التقييم السياسى لبرنياع، متسائلا: “إلى أين يسعى نتنياهو؟”، مضيفًا “ولكن التساؤل الأسهل هو إلى أين لا يسعى؟.. إلى صفقة مخطوفين”.

وأضاف “هذا الرجل بات واضحًا جدًا، أنه يفعل كل شىء كى يجعل الأمور أصعب، يحبط ويعرقل كل تقدم يبذله كبار جهاز الأمن لإعادة الـ115 مخطوفًا الى الديار، هو يواصل لعبته المزدوجة المعروفة بهدف مواصلة خداع الكل وتمرير الوقت، غير أن كل من يحيط به سينفد صبره”.

ووصف كسبيت، نتنياهو بأنه “رجل بلا كوابح”، تميزت حياته السياسية بالنفور من المغامرات، لكن بعد أن كان الرجل الذى تطلع لأن يدخل إلى التاريخ كـحارس أمن إسرائيل أصبح الآن المُراهن على أمن إسرائيل، فمن ابتعد كل حياته عن المخاطر يتسكع الآن مع حرب إقليمية فى الوقت الذى يحتاج فيه الجيش الإسرائيلى للانتعاش، ويقف فيه الاقتصاد على الحافة، ويعيش الشعب كله قلقًا عميقًا إن لم نقل جنونًا متواصلًا”.

وقال كسبيت ساخرًا: “لو كان يستطيع، لكان تخلص منا كلنا أيضًا، نحن غير جديرين به، الأمر الوحيد الذى لا يطرأ على باله، هو أن يفهم بأن عليه أن يرحل إلى بيته، إنه هو العائق الوحيد الذى يمنعنا من أن نتحد حول هدف وحيد.. إنقاذ دولة إسرائيل”.

وفى موقع “نيوز وان” الإسرائيلى، ذكرت المحللة السياسية دان مارجيت، أنه مما لا شك فيه أن بايدن همس فى أذن نتنياهو بـ”أنه سياسى لا يُطاق”، مضيفة أن القتل المُبرر لإسماعيل هنية- بحد قولها – جاء فى الوقت الخطأ والمكان الخطأ، وبما يزيد من صب الزيت على نار الشرق الأوسط، وكذلك تصريحات إسرائيل الطائشة تجاه تركيا.

أضف تعليق