منذ أكثر من 10 أشهر لم يتوقف العدوان على غزة، ذلك العدوان الانتقامي الذي نفذته آلة القتل الإسرائيلية بحق المدنيين في غزة، بدعم كامل من دول أوروبا كافة، وبرعاية عسكرية من الولايات المتحدة الأمريكية، أودت بحياة أكثر من 40 ألف فلسطيني، وإصابة نحو 80 ألف آخرين، وعشرات الآلاف في عداد المفقودين، وآلاف المعتقليين من الضفة الغربية، ومازالت فلسطين صامدة.
وأبلغ ما توصف به فلسطين هو ما جاء في تقرير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن الفلسطينيين في غزة "عالقون في كابوس من الموت والدمار".
ويمارس جيش الاحتلال أفظع جريمة إبادة جماعية عرفها التاريخ الإنساني، ويعطي الأوامر بنقل العباد وإخلاء المدن والبلاد، آخرها منطقة المواصي، يعلن مناطق آمنة، ويقتل من فيها زاعمًا "بالخطأ" ثم ينشئ مناطق آمنة أخرى، ليضع الفلسطينيين فى حالة من النزوح الدائم، ويزيد ظلام لياليهم، دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكنًا، أو ينفذ قرارًا بإمداد المساعدات.
وفي الضفة الغربية المحتلة، لا تتوقف مداهمات شرطة الاحتلال بقيادة المتطرف إيتمار بن غفير وزير الأمن الداخلي للاحتلال، وأسفرت المداهمات على مدى الشهور الـ10 عن مقتل المئات واعتقال آلاف المواطنين الفلسطينيين، الذين شهدوا ألوان العذاب فى المعتقلات، تجاوزت ما حدث في معتقل جونتانامو وسجن أبو غريب.
لم يترك الاحتلال شبرًا آمنًا في فلسطين، وزاد فى طغيانه باقتحام المسجد الأقصى المبارك، بقيادة بن غفير يرافقه مئات المستوطنين، ويقيمون طقوسا تلمودية، ليكتمل التطرف العسكرى والشرطي بالتطرف الديني، ويظهر الوجه الحقيقي للاستيطان.
بناء على هذه الممارسات اللامعقولة، أعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أن "عدد القتلى الفلسطينيين في قطاع غزة يشكل "مرحلة مظلمة للعالم أجمع"، بمعدل قتل نحو 130 شخصًا يوميًا خلال الأشهر الـ10 الأخيرة. حجم الدمار الذي لحق بالمنازل والمستشفيات والمدارس ودور العبادة على يد الجيش الإسرائيلي صادم للغاية".
لم ينجح مجلس الأمن الدولي في إيقاف العدوان على غزة، لكن منظمة الأمم المتحدة، تحاول الحصول على هدنة لسبعة أيام فقط في غزة، وتوجه نداءات إنسانية لتقديم اللقاحات لـ 640 ألف طفل فلسطيني ضد فيروس شلل الأطفال، ومن غير المتوقع أن يوافق الاحتلال على هذا الطلب، الاحتلال يستطيع فقط فرض الحصار والتجويع وتفجير خزانات المياه.
وإذا كانت الأوضاع مأساوية إلى هذا الحد، وضمير الإنسانية يغط في نوم عميق، فإن شعب فلسطين قد تحمل المستحيل نيابة عن العالم، وأصبح الصمود مسارًا إجباريًا، وتعود دوافع هذا الصمود، الذي يبدو كأنه قيامة نبتة في أطلال أرض محروقة، إلى صلابة العقيدة الحقة لدى الفلسطينين، والتي تقف صامدة فى وجه العقيدة الباطلة المتطرفة لـ بن غفير ونتنياهو وكل من على شاكلتهم.
وتعد النظرية الأمنية التي يتبناها المقاوم الفلسطيني، أقوى وأشد من المنظومة الأمنية الإسرائيلية برغم كل الدعم والحبل السري الذي يصل عبر المحيط قادمًا من الولايات المتحدة، فقد تمكنت المقاومة من تدمير نظرية الردع الإسرائيلية، التى وجدت نفسها عارية ومستباحة ومهانة في يوم 7 أكتوبر 2023.
وعلى مستوى السياسة، نجد أن رئيس وزراء إسرائيل الأسبق شارون، اعترف أمام الكنيست إنهم قوة قائمة بالاحتلال، وأنهم يستحوذون على أرض أبدا لن تكون لهم، إلى جانب اعتراف العالم كله بأن فلسطين دولة مُحتلة تقاوم من أجل الاستقلال.