حامل المسك 3.. الموسيقى الإسلامية

حامل المسك 3.. الموسيقى الإسلاميةالفارابي

الدين والحياة9-10-2024 | 18:42

ربما يبدو هذا المصطلح غريبا على من يقرأه أو يسمعه ، فالناس تعرف الموسيقى الشرقية و الموسيقى الغربية و الموسيقى العربية، أما أن يسمعوا ويقرؤوا ما يسمى ب الموسيقى الإسلامية فهذا يذهب بالذهن إلى بعد مختلف يوحي باشتراط آلات وألحان معينة تتوافق مع الشرع!!

ومن الخطأ الشائع الجهل بما للحضارة الإسلامية من إسهامات بارزة في مجال الموسيقى، والقول بأنها لم تحقق في مجال الفنون ما حققته في الآداب والعلوم ، وليس لها تراث بارز كالذي تركته الأمم السالفة من اليونان والرومان وقدماء المصريين، فالمسلمون أبدعوا في كافة فروع الفنون وفي طليعتها فن الموسيقى والغناء.

بل إن علماء الحضارة الإسلامية فاقوا علماء عصرهم في هذا المجال وبلغوا فيه شأوا عظيما لدرجة أنهم استطاعوا التفريق بين علم الموسيقى وعلم الغناء.

فعلم الموسيقى عندهم فرع من فروع الرياضيات التي أخذوها عن اليونان، أما الغناء فصناعة الألحان وأداؤها.

وقد وضع العلماء المسلمون نظريات للصوت والأبعاد والأجناس والأنواع والجموع (الكورس) والانتقالات والتآليف التي تعرف في الوقت الحاضر بالهارموني.

وللعلماء المسلمين في فن الموسيقى ألحان مبتكرة لم تكن معروفة من قبلهم، وفيها ما لم يسبق له مثيل في تأثيره، فقد ذكر الأصفهاني أنهم وضعوا " ألحانا لا يقدر الشبعان الممتلئ على غنائها، ولا سقاء يحمل قربة ماء على أدائها، وأخرى لا يقدر المتكئ أن يغنيها حتى يقعد ، ولا القاعد حتى يقوم....".

وكان للعود أربعة أوتار .. فجاء زرياب – أشهر مطربي الأندلس – فأضاف أليها وترا خامسا، وهو الذي اخترع مضراب العود من قوادم النسر.

وقد اشتغل ب الموسيقى عالم الطبيعيات المعروف "الحسن بن الهيثم" ، ومن إخوان الصفا من اعتبر الموسيقى فرعا من الرياضيات، وكان لهم الكثير من النظريات الموسيقية .

وكان علم الموسيقى في صدر اهتمامات كبار الفلاسفة المسلمين، فقد صنف "الكندي" رسائل في الموسيقى، وأضاف إليها تلاميذه من بعده .

أما أعظم من اشتغل بفن الموسيقى من العرب فهو الفيلسوف "أبو نصر الفارابي"، ويعتبر كتابه ( الموسيقى الكبير) أعظم مؤلفاته للعرب في هذا المجال، ذلك الكتاب الذي تُرْجِمَ إلى الفرنسية عام 1930 برعاية المستشرق الفرنسي البارون رودلف ديرلنجيه، وتخصص المستشرق فارمر في دراسة نظريات الفارابي في الموسيقى وبسطها في مؤلف كبير.

وللفارابي يرجع الفضل في اخترع آلة القانون، وهو أول من ركَّبها هذا التركيب الذي نراها عليه حتى يومنا هذا.

يقول ابن خلكان: إن الفارابي اصطنع آلة مؤلفة من عيدان ، يركبها ويضرب عليها فتختلف أنغامها باختلاف تركيبها، وحضر ذات ليلة مجلس غناء عند أمير حلب – سيف الدولة الحمداني – ولم يكن أحد من الحضور يعرف شخصية الفارابي، فسأله سيف الدولة إن كان يحسن الغناء ففتح الفارابي خريطة واستخرج تلك الآلة، وركبها ثم لعب عليها لحنا معينا ضحك منه كل من كان في المجلس، ثم فكها وركبها تركيبا ثانيا وضرب عليها لحنا فأبكى الحاضرين، ثم فكَّها وغيَّر تركيبها وضرب عليها لحنا ثالثا؛ فنام كل من في المجلس، حتى البواب، فتركهم نياما وخرج !!

أضف تعليق