انطلقت اليوم الاثنين، أعمال الدورة 25 للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، لمناقشة التقرير الدوري الثالث لدولة قطر، وذلك برئاسة المستشار جابر المري رئيس لجنة الميثاق، وبحضور السفير طلال المطيري رئيس اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، ووزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر رئيس وفد دولة قطر، إلى جانب الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال ب جامعة الدول العربية السفير أحمد رشيد خطابي.
وشهد الاجتماع حضور عدد من ممثلي المندوبيات الدائمة لدى جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشبكة العربية للمؤسسات الوطنية ل حقوق الإنسان ومجلس وزراء الداخلية العرب والمؤسسات الوطنية ل حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني.
ويناقش التقرير، التقدم الذي أحرزته دولة قطر في مجال تنفيذ التزاماتها القانونية وفق الميثاق وبمحاور عدة، منها (غايات الميثاق والحق في الحياة والسلامة البدنية، والحق في المساواة وعدم التمييز والحريات المدنية والسياسية، ومكافحة الرق والاتجار بالأشخاص، والقضاء وحق اللجوء إليه، والحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في الصحة، والحق في التعليم وحماية الأسرة وخاصة النساء والأطفال وغيرها)، وفقاً لأحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وقال المستشار جابر المري، في كلمته خلال الاجتماع، إن انعقاد هذا اللقاء في هذه اللحظة الحرجة التي يشهدها عالمنا العربي يعكس الالتزام الراسخ بمسئولياتنا المشتركة تجاه تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والوقوف صفاً واحداً لمواجهة التحديات المتزايدة.
وأضاف أن اختيار دولة قطر قيادة نسائية لوفدها المشارك في هذا المحفل الحقوقي المهم، خير دليل على إيمانها الراسخ بأهمية دور المرأة كشريك فعال في بناء المجتمع، ودورها المحوري في حماية وصون وتعزيز حقوق الإنسان، مشيدا بهذه الخطوة التي تجسد على أرض الواقع مبادئ المساواة بين الجنسين التي تنادي بها لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وتؤكد التزام دولة قطر بتطبيقها على أرض الواقع، ليس فقط من خلال سن التشريعات والقوانين، بل وأيضاً عبر تمكين المرأة وتوليها أدواراً قيادية في مختلف المجالات.
وذكر "المري"، أن تقديم دولة قطر لتقريرها الدوري الثالث في الوقت المحدد، دليل ساطع على جديتها في التعاون مع آليات الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وما كان لهذا التقرير أن ينجز في هذه الفترة إلا نتيجة التزام قطر بمبادئ الشفافية والمساءلة في تعاملها مع القضايا الحقوقية.
وأثنى على جهود جميع الدول الأطراف التي تولي أهمية خاصة للالتزام بآليات الميثاق، وأحث الدول الأخرى على الاقتداء بهذا النهج، لافتا الى أن تقديم التقارير الدورية في مواعيدها المحددة لا يعزز فقط من مصداقيتنا الدولية لكنه يفتح المجال لمناقشات بناءة تسهم في تحسين واقع حقوق الإنسان في منطقتنا.
وأشاد المستشار جابر المري، بدور الأمانة العامة ل جامعة الدول العربية على دعمها المتواصل للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، قائلا: "هذا الدعم لم يكن مادياً أو إدارياً فحسب، بل يتجاوز ذلك ليشمل تقديم التوجيهات الاستراتيجية التي تساهم في تعزيز الأهداف العليا للميثاق.. فنحن لا نعمل بمعزل عن المحيط الإقليمي والدولي، بل نعتمد على هذا التعاون المثمر لضمان استمرارية تقدمنا في هذا المجال الحيوي".
وهنأ "المري" دولة قطر بمناسبة إعادة انتخابها عضواً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لافتا الى أن هذا الفوز المستحق، ولأكثر من مرة، لم يأت من فراغ، بل هو ثمرة جهود حثيثة ونهج راسخ في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان على المستوى الوطني والدولي، إنه لشهادة من المجتمع الدولي على المكانة المرموقة التي تحظى بها دولة قطر، وتقديراً لحكمتها السياسية والتزامها الراسخ بمبادئ حقوق الإنسان العالمية، معربا عن تطلعه إلى أن يشكل وجود دولة قطر في هذا المنبر الدولي المهم، فرصة سانحة لتعزيز التعاون العربي والإقليمي في مجال حقوق الإنسان، وإعلاء صوت عالمنا العربي، والدفاع عن قضايانا العادلة في المحافل الدولية.
وقال المستشار جابر المري، إن انفتاح لجنة الميثاق العربي ل حقوق الإنسان على المجتمع الأكاديمي هو خطوة استراتيجية نضعها في صدارة أولوياتنا، إذ نؤمن بأن الشباب هم قادة الغد وصنّاع مستقبله، وأن تمكينهم معرفياً في مجال حقوق الإنسان هو الضمانة الأهم لبناء مجتمعات سليمة قائمة على المساواة والعدل والاحترام الكامل للحقوق والحريات.
وتابع قائلا: "وإن كنا نستشعر في هذه اللحظة مشاعر الفخر والاعتزاز بالإنجازات العربية على صعيد حقوق الإنسان، إلا أننا لا يمكن أن نغفل عن المأساة المروعة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في غزة وشعبنا اللبناني تحت وطأة عدوان غاشم وحرب مدمرة لقد تحولت مدن غزة وقراها إلى ركام وتحولت أحياء بيروت وصيدا إلى أطلال، تحت وابل من القصف الذي لا يفرق بين طفل وامرأة أو بين مدني وعسكري، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية، ناهيك عن استهداف سيارات الإسعاف والطواقم الطبية، والتي كان آخرها الاعتداء الغاشم على قوة من قوات اليونيفيل".
وأشار الى أن هذه المشاهد المؤلمة التي يشاهدها العالم بأكمله على شاشات التلفاز هي وصمة عار على جبهة الإنسانية، وتؤكد أن السلام سيظل حلماً بعيد المنال ما استمرت هذه الانتهاكات الجسيمة ل حقوق الإنسان في فلسطين ولبنان .
ونوه الى أن تدمير المنازل وقصف المستشفيات واستهداف المدارس والمؤسسات المدنية، كلها جرائم حرب لا تغتفر، وتتنافى مع أبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني.
واستطرد قائلا: "إننا في لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وإذ ندين بأشد عبارات الإدانة هذه الجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني، نؤكد أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي اعترفت بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في إقامة دولته المستقلة، وقرارات محكمة العدل الدولية التي اعتبرت الاستيطان الإسرائيلي غير شرعي، كلها قرارات ملزمة وتشكل أساساً قانونياً راسخاً لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف".
ووجه نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، ممثلاً في هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتحرك الفوري والجاد لوقف هذا العدوان المتواصل، وتوفير الحماية الدولية للشعبين الفلسطيني واللبناني، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والتطهير العرقي.
وأكد ضرورة تكثيف التعاون بين جميع الآليات العربية المعنية ب حقوق الإنسان وأن توحيد الجهود وتنسيق المواقف بات ضرورياً أكثر من أي وقت مضى، فالتحديات التي نواجهها لا تقتصر على الحروب فقط، بل تشمل أيضاً التهديدات المتزايدة ل حقوق الإنسان في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بعدد من دولنا، قائلا: "علينا أن نعمل معاً، كدول وشعوب، لتوجيه جهودنا نحو التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان. سواء كانت في غزة ولبنان أو في أي مكان آخر في عالمنا العربي".
وأضاف رئيس لجنة الميثاق: "إن إيماننا بقدراتنا على التغلب على هذه التحديات يجب أن يكون دافعاً لتوحيد الصفوف ومضاعفة الجهود".