باتت كندا نموذجا فريدا لتلاحم مجموعات متباينة من المهاجرين تحمل عدة جنسيات، وتشكل فى النهاية مجتمعًا متجانسًا.
ويثير تآلف النسيج المجتمعى بكندا دهشة العنصريين و العلمانيين ، أما الفريق الأول فيعادى كل من يختلف معه فى العرق واللون والعقيدة، والفريق العلمانى يشمئز من المؤمنين بعقائدهم الدينية، والسر فى حظوة المجتمع الكندى بالاستقرار هو التزام مؤسسات الدولة الكندية بتحقيق العدالة الاجتماعية بدرجة لا بأس بها من الحيادية، وتنوع التراث الكندى من ثقافات وسياسات متعددة خير معين للمهاجر الجديد على التكيف مع منظومة اجتماعية تتمتع بالتناغم بين مكوناتها، غير أنه يتطلب شيئا من الصبر والجهد للانخراط فى نسيج المجتمع الكندى، وتساهم البنية التحتية القوية فى كندا فى استيعاب العديد من القوى العاملة، وكذلك تتميز السياسة الكندية بحب الابتكار وبتنوع مجالاتها الاستثمارية.
والمهاجر إلى كندا يجب أن يتسم بمرونة فى تعامله مع شخصيات تختلف عن ثقافته، وفى حالة إصراره على النفور من الآخر يعجل به لمغادرة البلاد، مع ملاحظة أن المرونة لا تعنى التخلى عن عاداته ومعتقداته.
والحكومة الكندية توفر العديد من المنظمات والجمعيات الأهلية لمساعدة الوافد على تجاوز الصدمة الثقافية وصعوبات العيش فى بيئة غير مألوفة لديه، وكم من مهاجر مسلم يحتذى نهج المرونة الراشدة حتى يتمكن من الشعور بالسلام الداخلى فى بلاد الغربة، ولما يمثله شهر رمضان من خصوصية روحانية نجح المسلم فى محاكاة أجواء رمضان فى محيطه السكنى بدون أى قيود مثلما كان يتذوقها فى بلاده الأم، مادام يحافظ على تطبيق قانون البلاد، وبرغم توفير الأجواء الرمضانية إلا أن الحلو لا يكتمل، بسبب ساعات العمل الطويلة، والتى تعوق المسلم عن قضاء مناسكه بصورة جيدة، ولكى لا يسيطر على المهاجر الحزن فعليه أن يعى أن كل مكان فى العالم له سلبيات وإيجابيات.
وقد يواجه المهاجر فى كندا بعض السلوكيات العنصرية، ويستطيع بجهد ضئيل مواجهة المتشددين بخطاب معتدل، ومن خلال سلوك واع يمد يديه ليصافحه ويظهر تسامحه للشخص العنصرى، وهو ثابت ومعتز بنفسه، ويبدى له أنه يرغب فى التعاون معه والعيش فى سلام جنبا إلى جنب، والنشطاء من المهاجرين يناشدون ذويهم بالسعى نحو التغيير التدريجى، لأن أغلب مواطنى كندا يحترمون ميثاق الحقوق والحريات الكندى، ويؤمنون باحتياجهم للمهاجر فى تنمية بلادهم.
وتجانس النسيج المجتمعى الكندى يكذّب ادعاءات ترامب وأمثاله من حكام اليمين المتطرف فى أوروبا وفى الكيان الصهيونى عن خطورة المهاجرين ، والتفسير الوحيد لعقيدة هؤلاء المتطرفين حول إلصاقهم تهمة الإرهاب للآخر، يتلخص فى عنصريتهم الفجة وتعصبهم الأعمى لجنسهم وهويتهم وكراهيتهم لثقافة الآخر، مهما أبدى لهم درجات عالية من التسامح، ولذا الوصفة الكندية خير دواء لأوجاعهم.