الحدث الذى يستحق أن نتوقف أمامه بكل فخر هو نجاح عملية عبور أكبر حوض عائم على مستوى العالم المجرى الملاحى الجديد لـ قناة السويس – منذ أيام قليلة – لأول مرة فى تاريخ القناة.
وهو حدث عظيم بمعنى الكلمة، نظرًا لضخامة حجم الحوض العائم، الذى يقارب حجمه مدينة، حيث يبلغ طوله 450 مترًا وعرضه 90 مترًا ويبلغ وزنه 391 ألف طن.
فعملية عبوره للقناة، التى استغرقت 24 ساعة كاملة تستحق أن يتحاكى بها لسببين؛ الأول لما تمثله من عملية نوعية غير مسبوقة فى تاريخ القناة، التى تعد أكبر عملية عبور فى تاريخ القناة لهذا الحوض الضخم، الذى كان قادمًا من سنغافورة متجهًا إلى تركيا.. والسبب الثانى ما أكدته العملية من أن أكبر اختبار لـ قناة السويس والقائمين عليها تم بنجاح مبهر.
وللتعريف بمعنى حوض عائم هو عبارة عن منشأة بحرية ضخمة تقارب حجم مدينة.. عادة ما تكون هذه الأحواض متواجدة فى الترسانات البحرية لتصنيع السفن، وكذلك فى بعض الموانئ الكبرى الملحق بها ورش لإصلاح وصيانة السفن.. وهى لا تحتوى على محركات لتحريكها ولكن يتم تحريكها عند الحاجة عن طريق جرها بواسطة قاطرات بحرية.
وعادة ما تستخدم هذه الأحواض العائمة لإخراج السفن من الماء بهدف القيام بأعمال الإصلاح للجزء المغمور فى السفينة وتنظيفه ودهانه.. ثم إعادة السفينة إلى البحر.
وقد تمت عملية العبور لهذا الحوض العائم الضخم، التى استغرقت 24 ساعة كاملة عن طريق القاطرتين المصاحبتين له من سنغافورة اللتين قامتا بجره من الأمام وبمشاركة 5 قاطرات أخرى تابعة لهيئة القناة.. إحداها تقدمت الحوض لأعمال التأمين الملاحى.. وقاطرتان آخران من الجانبين للحفاظ على تمركز الحوض العائم فى منتصف القناة.. والقاطرتان الرابعة والخامسة من الخلف حيث تمت عملية العبور تحت إشراف مجموعة عمل مصرية ضمت 16 من مرشدى القناة و10 من قباطنة القاطرات بالهيئة.
وقد استلزم لعبور هذا الحوض العائم، الذى يعتمد على القطر فقط فى تحريكه لتوجيهه بالقاطرات، مما يتطلب اتخاذ بعض التدابير والترتيبات الملاحية المعقدة لمراعاة الدقة فى توجيهه من دراسة لحركة التيارات الهوائية والمائية وغيرها للحفاظ على تمركز الحوض العائم فى منتصف القناة.
لتتم عملية العبور لهذا الحوض الضخم بأمان وسلام.. فنجاح عبور وحدة عائمة بهذا الحجم وهذه الضخامة من طول وعرض.. ما كان يحدث لولا التوسعة الجديدة للقناة التى سمحت بزيادة عرض المجرى الملاحى للقناة بإضافة 40 مترًا من جهة الشرق.. ومن ثم تقليل تأثير التيارات المائية وزيادة عامل الأمان الملاحى.
وللأسف لم يسلط الإعلام الضوء على هذا الحدث.. فنجاح عملية العبور بهذا الحجم تعد بمثابة شهادة تقدير لمصر وشهادة ثقة للقناة والعاملين فيها.. و تبشر بعودة قناة السويس لأمجادها الملاحية، حيث من المتوقع أن تشهد القناة طفرة ملاحية عام 2025.
ولا نملك إلا أن نقول.. تحيا مصر