نادية صبره تكتب: فتـش عن إيــران
نادية صبره تكتب: فتـش عن إيــران
إذا بحثت عن الإرهاب والتخريب والبلطجة، فتش عن إيران.
وإذا بحثت عن الألاعيب والأكاذيب والطائفية والاستهتار بأمن المنطقة ككل فتش عن إيران.
إيران لم تعد خطراً على منطقة الخليج ومنطقة الشرق الأوسط فحسب بل أصبحت خطراً على العالم كله ليس لأنها تعمل ضد مصالح وسيادة العرب فقط ولكن لأنها تتلاعب بالاقتصاد العالمي من خلال تهديداتها المستمرة بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر من خلاله 1/5 النفط العالمي فتدفع بذلك الوضع المتوتر أصلاً في منطقة الخليج إلى حافة الهاوية فقد استيقظ العالم يوم الخميس الماضي على خبر تعرض ناقلتي نفط إحداهما مملوكة لليابان والأخرى مملوكة لبلجيكا لعمل إرهابي في خليج عمان وقرابة السواحل الإيرانية.
وعقب الهجوم أصدرت الخارجية الإيرانية بيان تقول فيه إن الهجمات على ناقلتي النفط في بحر عمان فعلاً مريب ويأتي في توقيت حساس!! كما صرح الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن أمن الخليج العربي في غاية الأهمية بالنسبة لإيران مع أنه لو كف يده هو وأذرعه عن الخليج فإن الأمور ستهدأ وتستقر كما سارعت روسيا لنجدة الحليف الإيراني حيث سارعت الخارجية الروسية بإصدار بيان تدعو فيه لعدم تحميل إيران مسئولية حادث الهجوم في خليج عمان مستبقة الأحداث ومستبقة بذلك حتى نتائج التحقيق الذي لم يكن قد بدء حينها ودون أن تشرح لماذا تريد ألا يتم تحميل إيران المسئولية أو تفصح إن كان لديها معلومات تثبت بها عدم تورط طهران أو أحد أذرعها في الهجوم.
وعلى الرغم من محاولات قطر المستميتة هي الأخرى عبر منبرها الإعلامي المشبوه (قناة الجزيرة) دفع الاتهامات عن إيران بل وتوجيه أصابع الاتهام نحو دولاً إقليمية بعينها بحجة أن إيران لا يمكن أن تتورط في هذا العمل، بينما رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبى، يزور طهران للتفاوض وأن هذه الدول ارتعبت من فكرة نجاح الوساطة مع إيران وتراجع الرئيس ترامب عن التهديد بشن حرب مع إيران ومن ثم قامت بهذا العمل لإفشال الوساطة اليابانية!! مع أن إيران نفسها هي التي أفشلت زيارة رئيس الوزراء الياباني ورفضت التفاوض ورد المرشد آية الله خامنئي قائلاً لرئيس الوزراء الياباني إن ترامب شخص لا يستحق عناء الرد عليه أو تبادل الرسائل معه وإن إيران لن تتفاوض معه لأنه يضعها تحت ضغط ولا يوجد شعب في العالم يقبل التفاوض تحت ضغط.
وبعد عدة ساعات جاءت الأنباء من واشنطن حيث عقد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مؤتمراً صحفياً أكد فيه أن أمريكا خلصت أن إيران مسئولة عن الهجوم على ناقلتي النفط في بحر عمان وأن لديهم معلومات استخباراتية عن نوع الأسلحة المستخدمة ومستوى الخبرة المطلوبة لتنفيذ العملية وأنه ليس لدى أي من أذرع إيران الموارد والمهارة لهذا العمل بالإضافة لأعمال سابقة لإيران.
واللافت للنظر أن بومبيو قد انتقل من وزارة الخارجية إلى وزارة الدفاع لعقد المؤتمر الصحفي فيما يعد إشارة بأن صبر أمريكا بدء ينفذ وأن كل الخيارات مع إيران مطروحة على الطاولة بما فيهم الخيار العسكري لأن فشل حركة الملاحة البحرية قد يدفع أمريكا لشن حرب كما قالت جريدة الواشنطن بوست.
وبغض النظر عن الأدلة الأمريكية ومدى صحتها فإن التورط الإيراني في هذا الهجوم المشبوه تؤكده شواهد كثيرة لأنه لا يمكننا أخذ حادثة خليج عمان وحدها ونقرأها بل يجب أن نضعها في سياق كل ما جرى من أحداث ونقرئ السياق ككل.
إن الحادثة تأتي بعد أقل من شهر على تعرض أربع ناقلات نفط للتخريب في مايو الماضي قبالة ميناء الفجيرة الإماراتي وكانت الخسائر بهما قليلة مقارنة بحادثة عمان التي كانت هي الأخطر حيث اندلعت الحرائق في الناقلتين حتى إن مشغلى إحدى الناقلتين قالوا إنها تعرضت للاستهداف مرتين خلال ثلاث ساعات، مما اضطر طاقما الناقلتين لطلب الاستغاثة ومن ثم تم إجلاؤهم.
كما يأتي هجوم عمان بعد يوم واحد فقط من تطور خطير وعملاً إرهابياً يؤكد أن الفُجر الإيراني وصل مداه باستهداف مطار (أبها) السعودي بصاروخ كروز وتبنى الهجوم أحد أذرع إيران (جماعة الحوثي) وهي بكل المقاييس جريمة حرب لأنه اعتداء على مطار مدني وليس عسكري بالإضافة إلى أن المنطقة التي تم فيها الهجوم في خليج عمان قريبة جداً من مرفأ (جاسك) الإيراني بحوالي 40 كم وهي منطقة تمركز للحرس الثوري الإيراني.
نعم العالم لن يستطيع تحمل مواجهة جديدة في الخليج كما قال الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو جوتيرس) ولكن على العالم أيضاً أن يتعامل بجدية مع التهديدات الإيرانية فمثلاً لماذا لا يتم تصنيف جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية وأن يكون هناك تحالف دولي لمواجهة إيران تحديداً يتحدث فيه الجميع بلغة واحدة وهي رفض البلطجة والعربدة الإيرانية وليس كل دولة تبحث فقط عن مصالحها كما حدث في جلسة مجلس الأمن في اجتماعه الطارئ لبحث الهجوم حيث فشل المجلس في إصدار قرار إدانة لإيران لأن مندوب روسيا طالب بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة فأصبح العالم لا يعول على مجلس الأمن ولأنه طالما ظل هذا الانقسام في الموقف الدولي تجاه إيران فإنها لن ترتدع بالطبع.