تحقيق: سماح عطية
تساؤلات كثيرة وعلامات استفهام أكثر، أثارها غياب أعضاء البرلمان عن المشهد السياسى خلال الأسابيع الثلاثة الماضية والتي مرت فيها مصر بأحداث سياسية واجتماعية خطيرة ومهمة، أولها الدعوة للنزول لإثارة الهرج والفوضى في الشارع المصري الأسبوع قبل الماضي، وأحدثها فى الخطورة شائعات انتشار أمراض وأوبئة في بعض المحافظات، وإحجام الطلاب عن النزول للمدارس، ومواجهة الجهات التنفيذية لهذه الأزمات وحدها دون مساند
بوابة (دار المعارف) تجاوب عن هذه التساؤلات من خلال بعض آراء السياسيين والمثقفين وخبراء علم الاجتماع السياسي.
المجالس الشعبية المحلية
فى البداية أكد محمد نور الدين نائب حزب حماة الوطن والخبير الدولي بالأمم المتحدة أن دور البرلمان بصفة عامة يتمثل في أمرين دور تشريعي ودور رقابي فالدور التشريعي لم نلمسه بشكل مرضى، أما الدور الرقابي فلا يوجد له معنى في ظل غياب المجالس الشعبية المحلية.
وأشار نور الدين إلى أنه من ناحية أخرى لم نشهد مواقف واضحة من قبل النواب لمحاسبة الحكومة أو يوجد بعض المواقف ولكنها لا تذكر لأنها كانت على استحياء حيث ظهرت مؤخرا بعض الحالات الفردية التي تفاعلت مع الأحداث الأخيرة.
[caption id="attachment_357007" align="alignnone" width="781"]
محمد نور الدين نائب حزب حماة الوطن والخبير الدولي بالأمم المتحدة[/caption]
ليس وظيفة خدمية
وقال الكيميائي سامي الجندي، البرلماني السابق ورئيس مؤسسة العالميين الدوليين، إنه لا بد أن يتمتع البرلماني بالقدرة على قراءة واستشعار نبض الشارع ومتطلباته والأوضاع السياسية وكذلك أن يكون ملما بالقوانين ولا بد أن يفطن عضو البرلمان إلى أمر مهم وهو أنه لا يعتلي وظيفة خدمية فقط وإنما هو رجل شعبي معنى بالأداء التشريعي والذي يكون نابعا من متطلبات ورغبات الناس وفي نفس الوقت يتناسب مع إمكانيات الدولة.
ودعا الجندي الرئيس عبد الفتاح السيسي لتبني اختيار الفئات الجديرة بالثقة والتي تتميز بخبرات قوية للتعيين في المجلس القادم، واختيار برلمانيين على مستوى الأحداث تشارك فيها ولديها المقدرة على إدارة الأزمات وهذا من شأنه أن يصب في دعم الدولة ورفعة شأنها.
ووصف الجندي الحياة الحزبية في مصر بأنها فارغة والدليل على ذلك أن مصر أصبح فيها حتى الآن أكثر من ١٠٠ حزب ٣٠ حزبًا منها ذات أسماء معلومة و١٠ أحزاب فقط يظهر لها نشاط ملموس.
[caption id="attachment_357031" align="alignnone" width="963"]
الكيميائي سامي الجندي برلماني سابق[/caption]
مجلس بلا استجوابات
من جانبه أكد هيثم الشيخ، المتحدث باسم تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، على أهمية الدور الذى يجب أن يقوم به أعضاء مجلس النواب بموجب القانون والدستور، فإضافة إلى دورهم التشريعي، يجب العمل على تفعيل الدور الرقابي على الحكومة والتحيز الكامل لمحدودى الدخل والعمل على متابعة الأداء الحكومي بشكل مستمر ومحاسبتها إن لزم الأمر، مشيرا إلى أنه لم يحدث في تاريخ الحياة البرلمانية أن يمر دور انعقاد لبرلمانات مصر دون تقديم استجوابات للحكومة، وحتى الآن لم يقم مجلس النواب الحالي باستجوابات قوية تذكر وهو في دور انعقاده الأخير بتقديم أى استجوابات لحكومة الدكتور مدبولي.
وأضاف الشيخ أنه يجب أن يفرج المجلس عن الاستجوابات وأن يفعّل دوره الرقابي حتى يشعر المواطن أن لديه من يمثله بشكل حقيقي ويسعى للدفاع عن حقوقه.
وواصل: وعلى النواب واجبا سياسيا تجاه الوطن في الأوقات، التي تزداد فيها الهجمات، التي يطلقها إعلام قوى الظلام من الخارج، فعليهم النزول إلى المواطنين في دوائرهم لنفي الشائعات وتوضيح المعلومات الحقيقية والجهود المبذولة من قبل الدولة المصرية الحديثة للنهوض بالوطن، وعليهم أن يكونوا قريبين من المواطنين لنقل شكاوهم للحكومة والرد عليها.
وقال عضو تنسيقية الأحزاب: إن أعضاء مجلس النواب ليس أمامهم سوى دور انعقاد أخير عليهم أن يعملوا فيه بكل جد لإنهاء عدد من القوانين المؤجلة وعلى رأسها قوانين المحليات وتنظيم انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب، مشيراً إلى أهمية إنهاء إعداد مشروع قانون المحليات لأن عددا كبيرا من الشباب ينتظر دوره في خدمة الوطن عن طريق التقدم للترشح في هذه الانتخابات.
[caption id="attachment_357011" align="alignnone" width="880"]
هيثم الشيخ، المتحدث باسم تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين[/caption]
«الاجتماع السياسي»
وعن دور البرلمان كما وصفه علم الاجتماع السياسي قال الدكتور حسن محمد حسن أستاذ علم الاجتماع السابق بكلية الآداب - جامعة الإسكندرية إن علم الاجتماع السياسي يرى أن المظاهرات تعد وسيلة من وسائل الاحتجاج الشعبي وأداة من أدوات إبلاغ متخذي القرار السياسي بمطالب جموع الجماهير.
وهذا المنطق يثير تساؤلا مهما عن دور ممثلي الشعب في البرلمان والذي من المفترض أن يستقرئ نبض المواطنين والتعرف على مطالبهم ونقل هذه المطالب إلى المسئولين وبث الطمأنينة في نفوس الناس، فى أن مطالبهم محل اهتمام ورعاية، وأنها ستكون بين أيدي المعنيين باتخاذ القرار للنظر فيها.
والحقيقة أن تقاعس نواب الأمة عن القيام بدور حلقة الوصل بين الشعب والحكومة يطرح علينا تساؤلا مهما وهو: هل ينحصر دور ممثل الشعب في البرلمان في الحصول على توقيعات المسئولين لتحقيق مطالب فردية لعض الناخبين؟!
وهل هذا النشاط النيابي يكفي عضو البرلمان لكي يكتسب ثقة الناخبين ويضمن الفوز بمقعده أم أنه يعتمد على خدمة أفراد بارزين في الدائرة وقادرين على حشد البسطاء من الناخبين في مشاركة تعبوية لخدمة النائب الذي يحقق لهم مصالحهم الضيقة.
وأشار الدكتور حسن إلى أن الديمقراطية الحقيقية هي الاستجابة للمطالب العامة وليس خدمة أحد السادة ممن يحركون أشياعهم في وقت الانتخابات. والخلاصة أن نواب الشعب عليهم بلورة المطالب العامة للمواطنين وجمعها ووضعها على طاولة متخذ القرار لتكون الحلول عامة ومحققة لأماني أكبر عدد من المواطنين.
[caption id="attachment_357029" align="alignnone" width="967"]
الدكتور حسن محمد حسن أستاذ علم إجتماع سياسي[/caption]
برلمان المصالح الشخصية
وقال خميس متولي عضو مجلس محلي سابق إن المصريين أول شعوب المنطقة ممارسة للحياة النيابية والبرلمان المصرى له تاريخ وطنى مشرف على كافة مستويات التشريع والرقابة، وعادة ما كان يؤخذ عنه النموذج للبرلمانات الوليدة بالمنطقة، إلا أن ظروف وتداعيات ما بعد ٢٨ يناير ٢٠١١.. فرضت علينا متغيرات كثيرة جدا، ومنها على صعيد التشريع، كان وجود دستور جديد للبلاد (دستور 2014) مدعاة لتنقية وإعادة تشريع كل القوانين، التى صدرت فى أحضان وبمقتضى دستور تم إسقاطه، وذلك حتى تنطلق البلاد بإطار تشريعى منضبط ومتجانس بما يسهل حصول المواطن على حقوقه، وانطلاقه للقيام بواجباته فى مجتمع مستقر تشريعيا للقانون فيه قوته واحترامه وللدستور قدسيته..
لكن هناك تعديلات نحتاجها بقوة ولا زلنا متأخرين فى إصدارها مثل قوانين البناء، والتعليم وحماية الملكية العامة والحكم المحلى .. إلخ مما يتماشى مع حياة المواطن من قوانين.
وتابع خميس وعلى صعيد الرقابة لم نلاحظ لهذا البرلمان أى دور رقابى يحسن أو يعدل مسار الآداء الحكومى بل على العكس كل المشكلات التى ظهرت لسبب أو لآخر تم التركيز والعمل على حلها.. بتوجيه مباشر من السيد الرئيس للقوات المسلحة والحكومة، أو بمبادرات حكومية، وليس هذا فقط، بل عندما اتخذت الحكومة قرارات جريئة لصالح المواطن المصري ومستقبل البلاد وعلاجات قاسية لمشكلات متراكمة.. لم تجد الدعم الواجب من البرلمان ولم يكن له أى دور شعبى لحشد المواطنين خلف القرارات والإجراءات اللازمة رغم قسوتها أو الشك فى توجهاتها !!
وحتى على الصعيد الخدمى البسيط ومع عدم وجود مجالس محلية، وما كان يتطلبه من جهد أكبر للسادة النواب لتلبية احتياجات المواطنين الخدمية.. وتيسير حصولهم على الخدمات واحتياجاتهم للمرافق المختلفة، لم يرد ذكر أى من السادة النواب لدى المواطنين إلا مصحوبا بسؤال أين هو منذ نجح فى الانتخابات؟
وأخيراً.. ومع تعرض مصر ورئيسها لمؤامرة كبرى وسيل من الزيف.. والكذب.. والافتراء.. بما هدد السلم المجتمعي ونال من مصر وجيشها العظيم ورئيسها وهدد أمن واستقرار الوطن.
هل لاحظ أحد أى دور للبرلمان في المجتمع أو للسادة النواب منفردين، لدعم الوطن والرئيس وتوضيح الحقائق للشعب وللعالم؟
هل سمعنا عن مؤتمر شعبى لذلك أو قام نائب بقيادة دائرته أو قريته لهذا الغرض، هل مثلا أطلقوا هاشتاجا شعبيا يدعم الرئيس والوطن ؟ قطعا لا.
وتابع خميس: هذا البرلمان ومع الأسف كان من الممكن أن يكون تاريخيا بعطائه وإنجازاته وحجم التحولات وتطوير التشريعات.. وحجم ما يقدمه للشعب من خدمات.
[caption id="attachment_357030" align="alignnone" width="1024"]
خميس متولي عضو مجلس شعبي محلي سابق[/caption]