«العار.. وعسل أسود .. وأرض الخوف».. سياحة الأماكن فى الأفلام على الطريقة المصرية

كتبت: أمل إبراهيم

"فى السنوات الأخيرة زادت معدلات إقبال السائحين على زيارة مواقع التصوير الأصلية للأفلام العالمية، حتى أنّ بعض الدول مثل بريطانيا استحدثت مصطلحا سياحيا جديدا وهو “سياحة الأفلام”، خاصةً أنّ بريطانيا تضم العديد من المواقع المميزة التي شهدت تصوير أفلام السينما العالمية وخاصةً سلسلة أفلام جيمس بوند وسلسلة هاري بوتر، كما ظهرت مجموعة من شركات السياحة المتخصصة في ترويج هذا النوع من الأنشطة الترفيهية، أي أنّها تقوم فقط بتنظيم البرامج السياحية الخاصة بزيارة مواقع تصوير الأعمال السينمائية "

هذه الفقرة كانت جزء من مقال سابق كتبته عن سياحة الأفلام ومدى تأثير السينما على تغيير نظرة الناس إلى بعض الأماكن عندما يشاهدونها من خلال فيلم سينمائي أو مسلسل تليفزيونى ، إلى الدرجة التى ظهر فيها مجرد "سلم" فى مشاهد فيلم "الجوكر" فتحول إلى مزار يرتاده الجمهور لالتقاط صور فى نفس مكان البطل لفت انتباهي  لإعادة مشاهدة الأفلام بشكل مختلف والتقاط مشاهد تظهر  الأماكن الأثرية الجميلة التى تزخر بها مصر وكيف يمكن أن تكون جزء من قوتنا الناعمة وتعمل على تنشيط السياحة الداخلية والخارجية وتضيف أيضا إلى ثراء العمل الفنى نفسه ..

البحث عن الأفلام.. والأماكن

من هنا بدأت فكرة  البحث عن الأفلام التى تحتوى على مشاهد للمناطق الأثرية، سواء كانت معروفة بالنسبة للمشاهد العادى أو لا ، فى الافلام  المصرية تتكرر مشاهد مناطق سياحية معروفة مثل  الأهرامات أو مراكب النيل والبرج  وعمارات وشوارع وسط البلد وبعضها يبرز مناطق الآثار والمعابد  فى الأقصر وأسوان ولكن هناك بعض الأفلام تم تصوير مشاهدها فى مناطق أثرية مختلفة  تستحق أن نلفت النظر إليها  نعرف قصة المكان  وهذه  بعض الأماكن التى رصدتها من خلال مشاهداتى مؤخرا أو بعض الأفلام التى تم تصوير مشاهد فى أماكن أثرية مختلفة :

" مفيش في الأغاني كده ومش كده

تفرقنا عن بعض بالشكل ده

يا مصر اللي جايبة الشجر من زمان

وشايلة الضفاير على البرتقان

وقبل الأوان اللي قبل الأوان

بتحييني أنفاسك المسعده"

أغنيه جميلة  للفنان أحمد إسماعيل من فيلم "   خيانة مشروعة " يظهر فيها هانى سلامة ومى عز الدين والصحفى إبراهيم عيسى وتم تصوير المشهد فى وكالة بازرعة التى تقع بشارع التمبكشية بحى الجمالية وتعد من أشهر الوكالات الأثرية التي بنيت في مصر في فترة الحكم العثماني في القرن 11 الهجري ( 17الميلادي).

وعرفت الوكالة سابقاً بوكالة الكيخيا، نسبة إلى حسن كتخدا الملقب بـ"الكيخيا"، وكانت معدة لبيع الأخشاب، وظلت معروفة بهذا الاسم حتى أواخر القرن التاسع عشر، حين أشتراها محمد بازرعة وهو تاجر من أصل حضرمي ،  ثم أطلق عليها اسم "وكالة بازرعة" وخصصها لبيع الصابون النابلسي والبن اليمني.

أرض الخوف

ننتقل إلى الفيلم الثانى و المشهد العبقرى بين"يحيى " أحمد زكى و" موسى"  عبد الرحمن أبو زهرة فى مسجد السلطان حسن من  فيلم أرض الخوف ..

مسجد ومدرسة السلطان حسن الذى يقول عنه جومار" في كتاب وصف مصر: "إنه من أجمل مباني القاهرة والإسلام، ويستحق أن يكون في الرتبة الأولى من مراتب العمارة العربية بفضل قبته العالية، وارتفاع مئذنتيه، وعظم اتساعه وفخامة وكثرة زخارفه". والسلطان حسن من أهم سلاطين المماليك لما عرف عنه من ذكاء وهيبة وكونه صاحب كلمة نافذة ، وأنشىء المسجد على حوالى فدانيين على أرض تعرف بأسم سوق الخيل فى ميدان الرميلة وتكلف بناء المسجد أموالا طائلة يقال أنه وجد كنز استغله فى البناء ويقال أنه حصل على أموال من ماتوا بالطاعون ولم يكن هناك من يخلفهم فى الميراث  ،

أما باب المسجد فهو ليس بابه الأصلى، حيث كان مغطى بالمعدن والنحاس، وسرقه السلطان المؤيد شيخ ووضعه على باب مسجده فى منطقة باب زويلة وما زال موجودا حتى الآن يحمل اسم السلطان حسن

" ألوان السما السبعة"

أما الفيلم الثالث فالمكان كان صاحب دور رئيسى فى القصة وتم تصوير أكثر  من مشهد فى رحاب مكان أثرى ساحر حيث تدور رقصة التنورة التى يقوم بها " بكر " فاروق الفيشاوى فى فيلم " ألوان السما السبعة"  وتتابعه حنان أو صباح التى تقوم بدورها الفنانة ليلى علوى ويتم تصوير مشاهد رقصة التنورة   فى التكية المولوية التى لا يعرف الكثير منا أصل وقصة المكان :  تقع تكيةالمولوية   بشارع السيوفية على بعد خطوات من تقاطع شارع الصليبة مع منطقة الخليفة  ويطلق عليها السمع خانة أو تكية الدراويش أو التكية المولوية أو مدرسة سنقر السعدي أو قبة حسن صدقة، التى أنشأها الأمير سنقر السعدى فى زمن السلطان الناصر محمد بن قلاون فى  العصر العثماني ( القرن ١٧ م )

وكانت تستخدم كملجأ لمن لا عائل لهم ولا يقدرون على الكسب كالأرامل من النساء وكبار السن، بالإضافة إلى الفقراء وعابري السبيل. ومع انتشار الطريقة المولوية اتخذ أتباعها التكية مكانا للذكر وغيره من الممارسات الصوفية المرتبطة بهم، وبها ضريح حسن صدقة أشهر دروايش عصره زمن العثمانيين .

والمولوية  طقس صوفى بدأه جلال الدين الرومى ونظّم اغلب أشعاره  ، الحركة عبارة عن رقص دائرى يمتد لساعات فى استدعاء كامل لحالة الصفاء الروحى والبعد عن العالم المادى سعياً الى الوجود الآلهى .

المكان الأخير  ظهر فى عدد من الافلام الحديثة والقديمة و الأجنبية مشاهد مختلفة تم تصويرها فى بيت الكريتلية.. يحى " كريم عبدالعزيز "وفيلم الفيل الأزرق" وسعاد حسنى فى أغنية" بانو بانو "من فيلم شفيقة ومتولى ، بين القصرين والسكرية وقصر الشوق ثلاثية نجيب محفوظ التى تحولت إلى أفلام و المظ وعبده الحامولى والناظر والحرافيش ومن الافلام الأجنبية التى تم تصوير بعض مشاهدها هناك جيمس بوند الذى قام بدوره روجر مور

و "بيت الكريتلية" الذي تحول إلى  متحف الآن هو المنزل الملاصق لمسجد أحمد بن طولون، وأطلقت عليه عدة أسماء متعددة، بينها "بيت الكريتلية" نسبة إلى سيدة من جزيرة كريت اشترته سابقا، وأخيرا عرف كمتحف جاير أندرسون، ويتكون فى الاصل من بيتين أنشيء احدهما في القرن ال16 والاخر في القرن السابع عشر ،وفى عام 1935  تقدم الميجور جاير اندورسون الذي كان من بين الضباط الإنجليز الذين خدموا في الجيش الإنجليزي والمصري في وادي النيل بطلب إلى لجنة الآثار العربية بأن يسكن في هذين البيتين على أن يقوم بتأثيثهما على الطراز الإسلامي العربي ويعرض فيهما مجموعته الأثرية النفيسة من المقتنيات الأثرية الإسلامية وبعد وفاته آلت ملكية البيتين إلى هيئة الآثار .

العار وعسل أسود

العار ، عسل اسود ، زقاق المدق ، المولد وغيرهم الكثير ...العديد من المشاهد فى السينما المصرية  تضم لقطات تم تصويرها فى مناطق وشوارع غنية بالأماكن الأثرية وتعتبر أحد عناصر قوتنا الناعمة التى تحتاج إلى دعم وتطوير من ناحية الأفكار والتوظيف والنشر ليس فقط على المستوى المحلى ولكن أيضا على المستوى العالمى ويمكننا أن نستفيد من تجارب بعض الدول التى سلطت الضوء على أفضل الأماكن السياحية فى مدنها وجذبت السياح من أنحاء العالم

مصر تستطيع أن تنجح بصورة مذهلة فى خوض غمار سياحة الافلام لأننا نعيش بين كنوز تحتاج فقط إلى قليل من الضوء حتى تبهر العالم.