إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا».. مصر لن تموت عطشًا!

إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا».. مصر لن تموت عطشًا!إسماعيل منتصر يكتب: «خواطر حرة جدا».. مصر لن تموت عطشًا!

* عاجل11-3-2020 | 17:56

عندى إحساس عميق أن أزمة سد النهضة ستنتهى كما تشتهى مصر.. ليس لأن المثل يقول اشتدى يا أزمة تنفرجى.. ولكن لأن ثقتى بالرئيس عبد الفتاح السيسى بلا حدود.. أسباب هذه الثقة عديدة.. منها أنه خلّصنا من الإخوان ومنها أنه حجّم الإرهاب ونجح فى تقليص نشاطه.. ومنها أنه تحدى إدارة أوباما ولم يستسلم للضغوط التى مارستها على مصر.. ومنها التحديات الاقتصادية الرهيبة والتحديات الإقليمية المعقدة والتى نجح بامتياز فى مواجهتها.. كل ذلك يجعلنى مطمئنًا إلى أن الرئيس السيسى لن يتهاون فى حق مصر أو بمعنى أكثر دقة لن يتهاون فى الحفاظ على حياة المصريين المهددة بالموت عطشًا.. لكن الحقيقة أن هناك سببًا آخر لايقل أهمية لهذا الشعور بالاطمئنان.. وأقصد بذلك واقعة ذبح إخواننا المسيحيين فى ليبيا على يد الدواعش.. وأظننا جميعًا نعرف أن الرئيس السيسى لم يتأخر لحظة واحدة فى التعامل مع الحدث.. فأعطى تعليمات بقصف المكان الذى يتمركز فيه الدواعش.. ولم ينتظر لحين تقديم مبررات سياسية للمجتمع الدولى.. هذه الواقعة بالتحديد تجعلنى مطمئنًا تمامًا إلى أن الرئيس السيسى سيتعامل مع مشكلة سد النهضة بالطريقة الصحيحة والخيار المناسب الذى يحفظ حقوق مصر وحياة المصريين.. وليس خافيًا أن أزمة سد النهضة وصلت إلى ذروتها بعد غياب إثيوبيا عن الاجتماع الذى دعت إليه وزارة الخزانة الأمريكية للتوقيع على مشروع قرار اتفاق مصر والسودان وإثيوبيا على مدة وطريقة ملء سد النهضة.. إثيوبيا فى الحقيقة ضربت كرسى فى الكلوب كما يقولون بغيابها عن هذا الاجتماع الحاسم.. لكنها فعلت ما هو أكثر من ذلك عندما أصدرت بيانها الذى يفتقد إلى كل المبادئ والأعراف الدبلوماسية والذى هاجمت فيه بيان جامعة الدول العربية بعد أن طلبت مصر تدخلها فى الأزمة.. ويمكن أن نقول إن كل ذلك كان متوقعًا بعد أن استمرت إثيوبيا تماطل فى المفاوضات الخاصة بالسد لأكثر من ست سنوات.. أما الموقف الذى لم يكن يتوقعه أحد فهو موقف السودان "الشقيق"!.. أعلنت الحكومة السودانية أنها متحفظة على بيان الجامعة العربية وقالت فى تبرير أسباب هذا التحفظ إن مصر لم تبلغها بتصعيد المشكلة للجامعة العربية.. وعندما أصدرت مصر بيانًا تؤكد فيه أنها أبلغت السودان بما تنتويه من تصعيد للجامعة العربية.. عادت الحكومة السودانية فقالت إنها متحفظة على بيان الجامعة العربية لأنها تدرك أن الطريق الوحيد لحل الأزمة هو العودة إلى المفاوضات بدون الحاجة لأى وسيط.. حتى لو كان هذا الوسيط هو الجامعة العربية.. ومضت الحكومة السودانية خطوة أبعد فى هذا الاتجاه فأصدرت بيانين اثنين.. بيان يقول إن تدويل الأزمة لن يحلها.. وبيان يقول إن مياه النيل هى بالدرجة الأولى مملوكة لإثيوبيا تستخدمها كما تشاء وتعطى الباقى للسودان ومصر (!!!) ولا أظن أن الموقف السودانى الغريب يمكن أن يؤثر على جهود مصر لحل الأزمة.. لكن الذى أريد أن أقول إن مصر لا يمكن أن تنسى أو تتسامح (!!!) ويزعم الإخوان أن مصر هى التى ورّطت نفسها فى هذه الأزمة أو بمعنى أصح أن الرئيس السيسى هو الذى ورّط مصر وفرّط فى حقوقها التاريخية فى مياه النيل بموافقته على توقيع اتفاق المبادئ مع إثيوبيا.. لكن الحقيقة أنها مجرد مزاعم إخوانية كاذبة مثل كل مزاعمهم الكاذبة.. أولا لأن إثيوبيا لم تجرؤ على المضى قدما فى تنفيذ هذا المشروع إلا بعد أن تعرّضت مصر لهزة أمنية واقتصادية وسياسية فى أعقاب ثورة 25 يناير.. كانت إثيوبيا تريد بناء هذا السد قبل ثلاثين عامًا من ثورة 25 يناير لكن مصر كانت ترفض.. وفى عام 2008 أعلنت إثيوبيا أنها تريد بناء السد بمواصفات لا يمكن أن تقلل من حصة مصر من المياه.. ووافقت مصر لكن بعد قيام ثورة 25 يناير عام 2011 وبعد أن أصبحت مصر بلا إرادة سياسية تقريبًا.. عادت إثيوبيا فأعلنت أنها ستبنى سد النهضة لكن بمواصفات تسمح بتخزين كميات أكبر من المياه لإنتاج طاقة أكبر من الكهرباء.. وهكذا كانت 25 يناير 2011 هى النقطة التى تحولت عندها مشكلة سد النهضة من مشكلة تسيطر عليها مصر إلى مشكلة لم يعد فى إمكان مصر السيطرة عليها.. ثم جاء الاجتماع الفضيحة الذى حضره محمد مرسى ومجموعة من النخب السياسية التى كانت تبدو وكأنها تقود الرأى العام فى مصر.. وتأكدت إثيوبيا بعد فضيحة إذاعة هذا المؤتمر على الهواء أن مصر لم يعد لديها أنياب أو أظافر.. مقترحات هزلية مضحكة تعطى انطباعًا بضعف مصر وعدم قدرتها على مواجهة إثيوبيا ومنعها من الإضرار بمصالحها.. وتمر الأيام ويسقط المصريون الإخوان ويتولى قيادة السفينة الرئيس عبد الفتاح السيسى ويتصدى ربان السفينة الجديد لمشكلة سد النهضة فيتيح الفرصة للمسار التفاوضى.. وبالفعل تعود بعض المياه لمجاريها بين مصر وإثيوبيا ويوقع البلدان، بالإضافة للسودان اتفاقية إعلان المبادئ.. وهى الاتفاقية التى زعم الإخوان أنها ضيّعت حقوق مصر.. لكنها فى الحقيقة ليست أكثر من مزاعم إخوانية كاذبة.. والحقيقة أن كثيرين لا يعرفون أن موقف إثيوبيا من قضية سد النهضة يستند إلى أن حصة مصر من المياه والتى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا جاءت كنتيجة لتوقيع اتفاقية بين مصر والسودان قبل بناء السد العالى وذلك لتخوف السودان من أن يؤدى السد العالى للإضرار به.. وتقول إثيوبيا إنها لم توقع على هذا الاتفاق ومن ثم فإنها غير ملتزمة به.. لكنها بتوقيعها على اتفاق المبادئ أصبحت ملتزمة دوليًا ببنود هذا الاتفاق.. وأهم هذه البنود بند ينص على عدم التسبب فى ضرر ذى شأن.. تعالوا نقرأ كلمات هذا البند.. تقول كلمات البند: سوف تتخذ الدول الثلاث كل الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب فى ضرر ذى شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق.. ومع ذلك ففى حالة حدوث ضرر لإحدى الدول فإن الدولة المتسببة فى إحداث هذا الضرر عليها فى غياب اتفاق حول هذا الفعل اتخاذ كل الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك ممكنا.. أليس توقيع إثيوبيا على هذا البند وحده معناه أنها أصبحت ملتزمة دوليًا بالاتفاق مع مصر والحفاظ على حصتها أو على الأقل عدم الإضرار بها.. توقيع مصر على اتفاقية المبادئ لم يضيع حقوق مصر ولكن محاولة إثيوبيا للتنصل من هذا الاتفاق هو الذى يسبب الأزمة الحالية.. ويجب ألا ننسى بعد ذلك كله أن إثيوبيا بدأت بناء السد بالفعل قبل توقيع اتفاقية المبادئ.. وفى كل الأحوال لن تسكت مصر.. ولن يسكت العالم.. ولن تموت مصر عطشا.. مستحيل!..
أضف تعليق

المنصات الرقمية و حرب تدمير الهوية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2