إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: حرب التنين!..

إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: حرب التنين!..إسماعيل منتصر يكتب «خواطر حرة جدا»: حرب التنين!..

* عاجل18-3-2020 | 17:50

اسأل نفسك.. بشرط أن تكون منصفا.. ما الذى كان يمكن أن يحدث لو أن هيئة الأرصاد الجوية فشلت فى التنبؤ بما حدث الأسبوع الماضى عندما اجتاحت مصر كلها موجة قاسية من السيول والعواصف والرياح.. اسأل نفسك أيضا ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن الحكومة "كبرت الجمجمة" ولم تأخذ تحذيرات هيئة الأرصاد مأخذ الجد.. أغلب الظن فيما لو حدث ذلك أن حجم الأضرار التى تعرضت لها مصر كانت ستتضاعف عشرات المرات.. وساعتها كانت الحكومة ستسارع باستخدام شمّاعة القضاء والقدر.. لكن الحكومة لم تفعل.. لم تتصرف كما تصرفت الكثير من الحكومات السابقة.. ماذا فعلت الحكومة بالضبط؟! عزيزى القارئ.. إذا كنت ملتزمًا بشرط الإنصاف الذى اتفقنا عليه فى البداية.. فسوف تدرك أن الحكومة واجهت حربا بالمعنى الحرفى للكلمة.. حربا عسكرية درست قبل أن تخوضها كل إمكانياتها وأسلحتها.. ثم قامت بالتدبير والتخطيط وبعد ذلك نشرت قواتها وإمكاناتها وأمنت خطوط الإمداد.. ثم حاربت ولم تترك ميدان القتال إلا بعد أن أزالت آثار العدوان!.. بدأت الحكومة بتجنيب المواطنين آثار الحرب فمنحت الطلاب والتلاميذ إجازة.. كما منحت العاملين بالدولة إجازة.. وبذلك استطاعت أن تهيئ ميدان المعركة لكى تتيح لجنودها التحرك بحرية وبدون قيود.. واستعانت الحكومة بسجلات ومعلومات الحوادث السابقة التى تعرضت لها البلاد فى السنوات الماضية.. ثم قامت الحكومة بتحديد المواقع المناسبة لنشر قواتها.. وهكذا تم توزيع عربات شفط المياه وفرق الإنقاذ والطوارئ والمياه والكهرباء والصرف الصحى.. وقامت وزارة الداخلية بوضع الخطط المرورية لتأمين الطرق.. وأعطت الحكومة تعليمات صارمة لكل العمال والمسئولين من رؤساء للأحياء ومهندسين ووزراء بالبقاء فى الشوارع لحين انتهاء العاصفة.. وبكل هذه الأسلحة والإجراءات استطاعت الحكومة أن تنتصر فى معركة عاصفة التنين كما أطلق عليها ظرفاء السوشيال ميديا!.. كانت هناك خسائر بالطبع.. وهل هناك حرب بلا خسائر؟!.. دفع حوالى عشرين مواطنا حياتهم ثمنا للظروف الجوية القاسية.. عدد قليل مات بسبب أعمدة الكهرباء المكشوفة لكن العدد الأكبر مات بسبب انهيار المنازل والأسقف.. امتلأت الشوارع بالمياه وتحولت بعض المناطق إلى بحيرات صناعية.. بعض الطرق لحقت بها أضرار.. وعانت كثير من الأحياء والمناطق السكنية من انقطاع المياه والكهرباء.. وتعطلت خطوط المترو فى بعض المناطق.. لكن كل هذه الخسائر كانت خسائر محدودة إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن معدلات سقوط الأمطار كانت أكبر أربع وخمس مرات من معدلات سقوطها فى السيول التى تعرضت لها البلاد سابقا.. كما وصلت سرعة الرياح إلى معدلات غير مسبوقة حيث بلغت سرعتها مائة كيلومتر فى الساعة فى بعض المناطق.. وليس معنى ذلك كله أنه لم يكن فى الإمكان أبدع مما كان.. بعض الطرق الجديدة تعرضت لأضرار ما كان يجب أن تتعرض لها باعتبارها طرقا جديدة روعى فيها كل مواصفات الأمان.. بعض المنازل التى انهارت فوق رؤوس قاطنيها كان من الممكن إخلاؤها من السكان جبريا.. بسبب سوء حالتها وليس بسبب الأمطار.. ثم مشكلة أعمدة الإنارة المكشوفة والتى لا بد وأن يكون لها حلاً حاسمًا.. ومع ذلك لا يجب أن نجلد أنفسنا فهناك دولا تعرضت لنفس الظروف وعانت من نفس الأضرار.. رغم أن إمكانياتها تفوق إمكانياتنا عشرات المرات.. الإمارات على سبيل المثال تعرضت لسيول كبيرة فى مطلع هذا العام وقد أدى سقوطها إلى انهيار بعض الطرق فى عدد من المدن والقرى الإماراتية.. الكويت أيضا تعرضت فى عام 2018 لسيول غير مسبوقة تحولت معها الشوارع والطرق إلى بحيرات لم تنجح شبكات الصرف الصحى ومياه الأمطار فى استيعابها.. كانت الرياح تجرف السيارات فتبدو وكأنها مراكب صغيرة تبحر فى مياه الخليج!.. البرازيل أيضا المعروفة بأنها من البلاد التى تسقط عليها الأمطار بمعدلات كبيرة والتى تملك إمكانات كبيرة لتصريف الأمطار.. البرازيل أيضا تعرضت لسيول غير مسبوقة لم تستطع شوارعها وطرقها استيعابها ودفع ثلاثة عشر مواطنا حياتهم ثمنا لها.. باختصار نستطيع أن نقول إن ما حدث فى مصر الأسبوع الماضى كان امتحانا عسيرا للحكومة نجحت فى اجتيازه.. وكان حربا حقيقية حققت فيها مصر الانتصار.. لكن هذا النجاح وهذا الانتصار هو رياح لا تشتهيها سفن الإخوان!.. تحولت قنوات الإخوان إلى مناحة تبكى على مصر الغارقة.. بفضل نظام السيسى (!!!).. وراح مذيعو قنوات الإخوان الذين تجتمع فيهم البلاهة وثقل الدم والتنطع.. راحوا يصرخون بأعلى صوت وهم يعرضون مشاهد للشوارع الغارقة.. كأن مصر وحدها هى التى تغرقها مياه الأمطار!.. وراح هؤلاء "الأفاضل".. باعتبار أن الكذب بالنسبة للإخوان فضيلة.. راحوا يلقون بتهم التقصير والإهمال والفشل على نظام السيسى وحكومة السيسى.. وزعم هؤلاء الأفاضل أن العاصمة الإدارية الجديدة هى وحدها التى نجت من السيول والأمطار.. وتجاهل هؤلاء الأفاضل أن الأحياء التى قامت الحكومة ببنائها ليعيش فيها سكان الأحياء العشوائية كانت أقل الأحياء تضررًا بالسيول والأمطار.. مرة أخرى اسأل نفسك بشرط أن تكون منصفا.. ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن مصر واجهت ما واجهته فى السنة التى حكم فيها الإخوان؟.. وكيف كانت حكومة هشام قنديل ستواجه ما واجهته حكومة مصطفى مدبولى؟!.. ولا أظن أننى بحاجة إلى إجابة.. كلنا نعرفها!.. ولم يكن الإخوان الأفاضل وحدهم الذين استغلوا الفرصة لتوجيه سهام الحقد لمصر ونظام مصر، فقد كان هناك جنرالات السوشيال ميديا الذين "أتحفونا" بآرائهم المضحكة ونظرياتهم الفلسفية.. الخائبة.. لكن فى المقابل كان هناك شبان ورجال ضربوا أروع الأمثلة فى حب الوطن والانتماء.. شبان أقاموا مجموعات لإنقاذ المحاصرين فى المياه.. مدن قامت باستضافة ركاب قطار بأكمله عمال وموظفين ضحوا بحياتهم من أجل إنقاذ المواطنين.. رحم الله أستاذنا مصطفى أمين الذى كان يقول: أوقد شمعة بدلا من أن تلعن الظلام!..
أضف تعليق

إعلان آراك 2