- عمره 15 عاما ويتطوع بقضاء احتياجات كبار السن فى فيينا هو وثلاثة من أصدقائه رغم رعب كورونا
- ميسرة: حينما تحدث عنى الإعلام فرحت لأن مزيد من كبار السن سيعرفوننى ويتصلون بى
- والدة ميسرة: خفت عليه فى البداية ولكن تركتة تحت حماية الله وطلبت من الله أن يحميه
- السفير المصرى بالنمسا يتصل بميسرة لتحيته وتكريمه.
أجرت الحوار: سلوى محمود
هذا حوار مع الصبى المصرى البطل حديث الصحافة والإعلام فى النمسا، واسم شهرته ميسرة، أما اسمه الحقيقى فهو محمود، واسمه الثلاثى: محمود محمود مقلد
نبذة عن حياة ميسرة الصبى المصرى
[caption id="attachment_445783" align="aligncenter" width="354"]
ميسرة الصبى المصرى[/caption]
ميسرة كما يحب أن نناديه أكمل الخامسة عشرة من عمره، يوم 26 مارس الماضى، فهو على أعتاب الشباب، لكن جينات الرجولة يقظة ونشطة فيه منذ بواكير عمره، وراثة عن أسرة صعيدية أصيلة تنتمى إلى مركز جهينة بمحافظة سوهاج، وكان والده قد هاجر إلى النمسا منذ 26 عاما، وبعد 10 سنوات تقريبا جاء إلى مصر فتزوج شابة فاضلة تنتمى أيضا لأسرة صعيدية، وهى السيدة هناء حسان واصطحبها إلى النمسا منذ 16 عاما لتتكون فى المهجر أسرة مصرية أصيلة تحتفظ إلى الآن بشهامة وجدعنة المصريين، وتحافظ على قيم وتقاليد المجتمعات المسلمة العربية، وتغرسها فى نفوس ابنائها الثلاثة التى أنجبتها غير ميسرة (ميار ومازن ومرام)، وتعيش الأسرة فى هدوء ،وفجأة وأثناء حالة الرعب التى تجتاح العالم كله، ومع حالات الحجر الصحى، وحظر التجوال، وإخلاء الشوارع من البشر واخلاء المدارس من الطلبة والحبس بالمنازل، فى هذه الحالة أصبح ميسرة: "الطفل المعجزة" اللطيف الجرىء، حديث مواقع التواصل الاجتماعى ومحل اهتمام الصحف النمساوية وقنوات التليفزيون العربية.
أصبح "ميسرة الصبى" محور حديث العالم السوشيال ميديا .. لماذا ؟
لأنه بعد توقف المدارس بدأ يفكر فى طريقة يساعد بها المجتمع الذى يعيش فيه هذه القيمة التى ورثها عن والده ووالدته وقرر ميسرة هو وثلاثة من أصدقائه ودون أى خوف من الإصابة بـ "فيروس كورونا" عمل مبادرة لمساعدة كبار السن فى فيينا عاصمة النمسا.
كبار السن لديهم من يساعدهم لاحضار احتياجاتهم من المأكل والمشرب والأدوية وباقى ما يحتاجونه حتى لا يضطرون إلى الخروج من المنزل والتعرض لمخاطر الإصابة بفيروس كورونا.
ميسرة وأصدقائه بدأوا بالفعل فى إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى ووضعوا أرقام تليفوناتهم وبدأت الاتصالات ترد لهم بالفعل ليقوموا بهذا العمل الرائع، وتنتشر الفكرة على نطاق واسع وتبدأ الصحف والإذاعة والتليفزيون النمساوى فى الحديث عن ميسرة واصدقائه، وتزداد أعداد من يحتاج الى مساعدتهم ويبدأ عدد كبير جدا من الشباب فى الانضمام إلى المبادرة ليفعلوا ما فعله ميسرة الذى اتصل به السفير المصرى فى النمسا ليشكره بنفسه، ويبلغه تحياته على عمله الرائع، وكان لنا أيضا فى "بوابة "دار المعارف" معه هذا اتصال انتج هذا الحوار.
[caption id="attachment_445788" align="aligncenter" width="281"]
ميسره[/caption]
- كيف بدأت المبادرة ومن صاحب الفكرة ؟؟
حينما توقفت الحياة وتوقفت الدراسة وأصبح الناس محبوسين فى المنازل خوفا من إصابتهم بفيروس كورونا أخذت أفكر أنا وثلاثة من أصدقائى النمساويين كيف نساعد الناس فتوصلنا إلى فكرة مساعدة كبار السن دون مقابل مادى بالطبع لإحضار كل مايريدونه من خارج المنزل، ولا يضطروا إلى الخروج والتعرض للخطر، وكنت المصرى الوحيد فى المجموعة، وبدأنا بالفعل فى عمل صفحات على "انستجرام" ووضعنا أرقام هواتفنا وسريعا ما بدأت الاتصال تأتى إلينا وبدأنا فى الذهاب الى منازل كبار السن لمعرفة طلباتهم، وتلقى ثمن الاشياء المطلوبة ثم احضارها، والعودة بها إلى منازلهم ونضغط جرس الباب ونضع الأشياء المطلوبة وفواتير الشراء، ونبتعد عن الباب حتى لا يخاف كبار السن منا أو من العدوى، وعندما نتأكد من تلقيهم الطلبات والفواتير وباقى المبالغ نغادر المكان لنذهب إلى غيرهم، وكانوا فى البداية يخافوا أن نقوم بالنصب عليهم فكانوا يعطوننا النقود وهم خائفين، ولكن بعد ذلك بدأت الثقة وفهموا أننا نريد مساعدتهم فقط خاصة عندما رفضنا تلقى مقابل مادى لخدماتنا .
- الم تخافوا من انتقال عدوى فيروس كورونا إليطم؟ أو أن تتعرضوا لمضايقة من الشرطة فى الشوارع خاصة مع حظر التجوال؟
- انا لم اخف لأنى عرفت أننى فى عمر احتمالات الإصابة بالمرض فيه قليلة، وكنا بالطبع نرتدى قفازات وكمامات، وكنا نضغط أجراس أبواب من نساعدهم ثم نبتعد حتى يضعوا النقود ويغلقوا الباب وكذلك نضع ما نشتريه على أبواب المنازل ثم نضغط الأجراس ونبتعد عن الباب لمسافة كافية تمنع انتقال المرض لنا او لهم،وفى الشارع عندما عرفنا رجال الامن وعرفوا ما نفعله كانوا يلقون علينا التحية وكان رجل امن عنما يرانى يقول لى( هاى محمود )لانهم عرفوا حتى اسمائنا وكانوا يساعدون فى حمايتنا وارشادنا لكى لا ينتقل المرض لنا .
- علمت ان المبادرة اتسعت جدا بعد نشر وسائل الإعلام عنها وعنك، فكيف قدمتك وسائل الإعلام؟ وبماذا شعرت مع الاهتمام الإعلامى الكبير بكم؟
- بدأ الناس يعرفوننا فى فيينا وبدأوا يتحدثون عنا فى مواقع التواصل الاجتماعى وفوجئنا بقنوات تليفزيونية نمساوية وإذاعات تقابلنا وتتحدث معنا عن المبادرة وصحف نمساوية وهذا الموضوع أدى إلى توسع المبادرة جدا وفوجئنا بعدد ضخم من الأطفال والشباب يتطوعون معنا فى المبادرة، وبعد أن كنا أربعة أفراد زاد العدد بدرجة صخمة لدرجة أنى لم أعد أعلم العدد وهذا طبعا أدى إلى تخفيف الحمل علينا بدرجة كبيرة، وبعد أن كنا نبدأ العمل فى أول أسبوعين من الساعة العاشرة صباحا إلى السادسة مساء قلت ساعات العمل بالطبع الآن مع زيادة العدد.
والحقيقة أنا كنت سعيد جدا بالاهتمام الإعلامى بنا ليس لأننا اصبحنا مشهورين ولكن لأننا أصبحنا معروفين عند عدد أكبر من كبار السن الذين يحتاجون إلى مساعدتنا وهذا ما كنا نريده.
- هل هناك مواقف لا تنساها حدثت لك فى المبادرة ؟.
- هناك عدد من المواقف بالفعل منها أننا استطعنا إنقاذ حياة مريض كان يحتاج إلى علاج بشكل عاجل، نظرا لحالته ولا يجد من يشتريه له، واستطعنا أن نحضره له فى وقت قياسى، وأيضا فى بداية المبادرة كان كبار السن يعتقدون أننا سنظل معهم فى المنزل طوال اليوم لمساعدتهم وخدمتهم، وفهموا، بعد ذلك أننا نوصل لهم احتياجاتهم فقط، وهناك اشخاص كانوا يتصلون بى وافاجأ بأن محل سكنهم يبعد عن منزلى بحوالى 20 محطة بالأتوبيس، وهى مسافة كبيرة بالنسبة لى، لكننا ذهبنا إليهم وبعد ماوصلنا ذهبنا إلى السوبر ماركت والصيدلية وأماكن كثيرة أخرى لقضاء طلباتهم.
- ماالذى دفعك إلى هذا العمل التطوعى الخدمى والخطر فى نفس الوقت ؟!
- وأنا صغير فى السن كنت أرى والدى ووالدتى يحبون مساعدة من يحتاج المساعدة، هم معتادون على ذلك، وكنت أرى سعادة الناس الذين تتم مساعدتهم، وعودنى والداى على ذلك، وقاموا بتربيتى على ألا أفكر فى نفسى فقط وعرفونى أنه من أفعال الخير، وهذا ماشجعنى على ذلك خاصة أنى رأيت الكثير من كبار السن يحتاجون بشدة إلى المساعدة فى هذه الظروف الصعبة.
- وماذا كان موقف والداك من المبادرة وهل خشيا من تعرضك للإصابة بالمرض؟
[caption id="attachment_445787" align="aligncenter" width="325"]
الطفل ميسره برفقه والدته ووالده[/caption]
- وافق والدى منذ بداية عرض الفكرة عليه مباشرة وشجعنى على القيام بالمبادرة، أما والدتى فقد خشيت فى البداية أن أتعرض للإصابة بالمرض، ولكن أنا ووالدى أقنعناها بالموافقة.
- وماذا كان أحساسك عندما اتصل بك السفير المصرى فى النمسا ؟
- بصراحة كانت مفاجأة سعيدة جدا وغير متوقعة أن تقوم شخصية بهذه الأهمية بالاتصال بى، وأنا مازلت "عيل" صغير، (حسب تعبيره) بالنسبة لهذه الشخصية الرائعة.
وتخيلى سفير يقوم بالاتصال بى طبعا الموقف بالنسبة لى كان (واوو) وفى الاتصال قام بتحيتى وشكرى وقال إنه كان يتمنى أن يقوم بتكريمى فى السفارة ولكن طبعا الظروف التى نمر بها تمنع ذلك، ووعدنى أنه بمجرد أن تمر تلك الظروف سيقوم بتكريمى فى السفارة.
- هل كونك عربى ومسلم جعل المهمة بالنسبة لك صعبة سواء مع من تقوم بمساعدتهم أو الزملاء المشاركين لك فى المبادرة ؟
- اطلاقا، فالمجتمع النمساوى لا يوجد فيه ذكر لجنسية أو ديانة أى شخص وهذا مسلم وهذا مسيحى وهذا يهودى،بل الكل واحد وأنا لدى أصدقاء من كل الفئات ونتعامل بنفس الطريقة ، والخلاف الوحيد بينى وبين اصدقائى من الديانات الآخرى أن والداى عودونى على الالتزام بالصلاة منذ صغرى وألا افعل الاشياء المحرمة فى الإسلام مثل تناول لحم الخنزير حينما اخرج مع اصدقائى والمحرمات الآخرى وأصدقائى يتفهمون ذلك ولا يضايقهم .
- هل تزور مصر وهل تفتقد اشياء فيها ام ان الحياة فى النمسا تغنيك عن كل شىء فى مصر؟
- أنا لا أنسى أنى مصرى وكل عام ازور مصر مع اسرتى ونذهب الى منزلنا فى القاهرة ولابد أن نذهب لزيارة عائلة أمى وأبى فى الصعيد فى جهينة والحياة طبعا فى النمسا متطورة جدا والناس جميلة ولكن الناس فى مصر أراهم أجمل خاصة مع الارتباط الجميل بينهم واشتاق دائما إلى رؤية أعمامى وأخوالى وأبنائهم، وأحب جدا معيشتهم إلى جوار بعضهم وارتباطهم ببعض وهو مالا أراه فى النمسا.
- ماالذى تتمنى أن تصل اليه فى المستقبل وما المهنة التى تتمنى أن تعمل بها ؟؟
- اعتقد أنى مازلت صغيرا وأمامى وقت طويل لافكر فى المهنة التى سأعمل بها ولكن اتمنى أن أمتلك شركة للألكترونيات، وربما يتغير تفكيرى عندما أكبر، لا أعلم.
والدة «الطفل المعجزة» تتحدث عن الرجل الصغير «بتاع الحضانة»
[caption id="attachment_445786" align="aligncenter" width="247"]
والدة ميسرة الصبى[/caption]
وتحدثت إلينا والدة ميسرة السيدة الصعيدية الفاضلة هناء حسان التى تشعر من يحدثها بشهامة وجدعنة المصريات رغم طول المدة التى قضتها فى النمسا.
وأكدت والدة ميسرة أن الأسرة حريصة على زيارة عائلتهم فى جهينة بسوهاج كل عام، وأن الأبناء يكونوا سعداء جدا بهذه الزيارة. وأضافت: فى بداية المبادرة كنت فى موقف معارض ولا أريده أن يخرج من المنزل تماما خوفا عليه من العدوى بالمرض، ولكن عندما وجدت أن لديه حماسة كبيرة لتلك الفكرة ويحب أن يقوم بها ويقوم بمساعدة الناس بشكل جدى ويقومون بالاتصال به وهو فى البيت ليساعدهم، الحقيقة أنى اشفقت علي كبار فى السن الذين يحتاجون إلى مساعدته بالفعل.
ورأيت الموضوع جاد فقررت أن اسلم أمرى إلى الله ووضعت أبنى أمانة عند الله ودعيت الله أن يوفقه ويحميه.
وما جعلنى أطمئن اكثر أنى وجدت الشرطة هنا تسانده وتحميه وتقوم بعمل حواجز حوله فى الشارع لحمايته لانهم علموا به وبمبادرته من الصحف والتليفزيون النمساوى، ووالده لم يعارض المبادرة تماما بل شجعه على القيام بها.
وواصلت: عندما كان ميسرة فى رياض الأطفال، كانوا يطلقون عليه (الرجل الصغير بتاع الحضانة) ورأسه وتفكيره يعمل باستمرار ولا يتردد فى المشاركة فى الأنشطة الخيرية وسبق له أن شارك فى مسيرات ضد تلوث البيئة والطاقة السلبية وكان يقود بعض تلك المسيرات.
وفى إجابتها عن سؤال عن القيم التى تم تنشأة ميسرة عليها قالت: منذ صغره يرانا ميسرة (أنا ووالده) أن نساعد أى محتاج، وأنا هنا مع جيرانى أقوم بمساعدة من يحتاجنى وكأنى فى مصر مع أهلى.
بداية حيات والدة ميسرة
وفى بداية حياتى هنا كانوا يندهشون منى ويخافون بعض الشىء لأنى مسلمة ومحجبة ولكن مع الوقت وبعدما تعاملنا معا قالوا لى كانت لدينا فكرة خاطئة عن العرب والمسلمين قبل أن نتعامل معك.
أولادى تعلموا منا ذلك ورأونى، ووالدهم لم نتأخر أبدا عمن يحتاج لمساعدتنا، ومن هنا جاءت تشرب محمود هذا السلوك.
وأنهت أم ميسرة حديثها بالابتهال إلى الله أن يحفظ أبنها، وأعربت عن سعادتها الغامرة بما نشر عنه، وباتصال سفير مصر فى فيينا وتكريمه لمحمود، الذى كان مفاجاة بالفعل.
شاهد الفيديو تالتالى :
[embed]https://www.youtube.com/watch?v=608HhFNnf3g&feature=youtu.be[/embed]