بارزاني: «بريمر» تعامل مع قضايا المنطقة بجهل.. واستهدفنا بالاستفتاء الحوار الجاد مع بغداد
بارزاني: «بريمر» تعامل مع قضايا المنطقة بجهل.. واستهدفنا بالاستفتاء الحوار الجاد مع بغداد
كتبت: هبه محمد
كشف الزعيم مسعود بارزاني، عن تفاصيل علاقته بالحاكم المدني الأميركي في العراق بعد إسقاط نظام صدام حسين، بول بريمر، قائلاً "إنه كان يجهل بوضع المنطقة بشكل كامل ويتعامل بصلافة"، مضيفاً أن قرارات مجلس الحكم كانت تخضع لموافقة الأخير، لكنه نهاه عن نقض قراراته، مؤكدا رفضه أن يكون ضمن اللجنة الاستشارية لبريمر.
وعُيِّن بريمر من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش رئيساً للإدارة المدنية للإشراف على إعادة إعمار العراق في أيار 2003 وحتى حزيران 2003.
وقال بارزاني في الجزء الثاني من مقابلته مع برنامج "السطر الأوسط" على تلفزيون إم بي سي السعودية مستكملاً حديثه عن مراحل تاريخية من القضية الكردية إن صدام حسين لم يكن يستشير أحداً ممن حوله لكنه اتصل به ودعاه لمرحلة جديدة من الحوار، وفي المقابل رد بارزاني قائلاً إن "مصلحة الوطن تتطلب مني السباحة في هذا البحر، وإذا كان هناك اتفاق قوي أرحب به ولكننا لا نريد اتفاقاً هزيلاً".
وأضاف أن صدام حسين "لم يستطع النظر في عينيَّ حينما سألته عن مصير المفقودين، وقال لي إن هنالك أموراً حدثت ويا ليتها لم تحدث"، مبيناً: "لم أكن أتوقع أبداً أن يخرج صدام من حفرة وكنت أتوقع أن ينتحر، وحين رأيت ذلك سقط من عيني".
وحول إعدام صدام حسين الذي تم في 30 كانون الأول 2006، فجر يوم عيد الأضحى، أشار إلى أن "موقف الكرد من محاكمة صدام كان مشرفاً، ونحن لا نفخر بشيء لم نفعله، لأن الأميركيين هم من أعدموه، ونحن تأسفنا لإعدامه ليلة العيد فهذا كان خطأً"، مستدركاً: "لكنني سمعت فيما بعد أنه كانت هنالك محاولة لتهريبه، ورغم أنني لم أشمت بإعدامه لكن ذلك دليلاً على أن الله يمهل ولا يهمل".
وبشأن العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، أوضح أنه "خلال عهد بوش الأب أبلغتنا واشنطن بالانسحاب والتدخل في حال حصول هجوم سواء من جانبنا أو الجانب العراقي، لكن الخطاب تغير خلال حكم كلينتون، حيث تضمن التدخل إذا تعرضنا لهجوم لكن في زمان غير معلوم، فقلنا لهم إذا متنا لا تقرؤوا علينا الفاتحة"، مبيناً "قضيت عمري بأكمله وأنا أقف ضد الدكتاتورية، وفقدت 37 من عائلتي و8 آلاف من عشيرتي و180 ألفاً من قوميتي في هذا النهج".
وتطرق بارزاني إلى مرحلة إسقاط نظام صدام عام 2003، بالقول: "دعونا خلال مؤتمر المعارضة على أن الاتفاق على قائمة معينة للجناة وتقديمهم إلى العدالة أفضل من الانتقام، واقترحنا الاستفادة من تجربة إقليم كردستان بهذا الصدد"، مبيناً: "أقف ضد اجتثاث البعث؛ وهذا ليس بالمعنى السياسي بل بما يتضمن من قطع الأرزاق؛ لكنني أدعم محاكمة المجرمين".
وكشف عن أسرار عمل الحاكم المدني للعراق بول بريمر، قائلاً إنه "كان يجهل بوضع المنطقة بشكل كامل وكان وضع مقره في القصر الجمهوري خطأ لأنه كان يجب أن يخصص القصر لأي جماعة تمثل العراق"، مضيفاً: "اجتمعنا معه وقال إنه يمثل الرئيس الأميركي والشرعية الدولية ويملك كل الصلاحيات، وأنه قرر تشكيل لجنة استشارية ولكن هذا لا يعني أخذ مقترحاتها - لقد كان صلفاً- فقلت له: إن إعادة تشكيل الدولة متروك لك؛ لكن مقري في أربيل وإذا احتجت أي شيء فأنا هنالك، ولكن لن أكون مستشاراً لأحد".
وذكر بارزاني مستكملاً حديثه عن بريمر "قاطعني لشهرين وحاول استفزازي، لكنني تصديت له ولم أقبل منه ذلك،و بعد ذلك تكررت الزيارات وكأن شيئاً لم يحصل".
وعن دوره في مجلس الحكم والذي تأسس في 12 تموز 2003 ومنحت صلاحيات جزئية في إدارة العراق، لفت إلى أنه "وضعوا اسمي في مجلس الحكم دون علمي وبعدما رفضت بدايةً، قبلت فيما بعد احتراماً لعدد من الأشخاص الموجودين في المجلس"، مبيناً: "تسلمت رئاسة المجلس في شهر نيسان ذهبت وكان هدفي البقاء ليومين إلى ثلاثة أيام، لكن بعدما وصلت وقعت أحداث الفلوجة لهذا أصبح ترك بغداد بهذا الظرف محرجاً، لذا بقيت حتى نهاية الشهر".
وضم المجلس 25 شخصية عراقية منهم محمد بحر العلوم وإبراهيم الجعفري وأحمد الجلبي وإياد علاوي وجلال الطالباني وعبد العزيز الحكيم وعدنان الباججي وغازي عجيل الياور.
وبيَّن أن "أكثر ما ضايقني هو حينما طلبت من سكرتير المجلس شرح آلية العمل قال إن القرارات تخضع لموافقة بريمر ومن بين 113 قراراً صادر من المجلس نقض بريمر 97 منها، فذهبت إلى بريمر وقلت له: إذا نقضت أي قرار صادر عني لن أبقى لدقيقة واحدة، فوعدني وفعلاً لم ينقض أي قرار".
وعن تقييمه للمجلس، قال إن "مجلس الحكم كان أفضل مما جاء بعده لاحقاً، بسبب وجود احترام متبادل وروح الانسجام والمسؤولية، رغم أنه لم يكن يملك صلاحيات"، مبيناً أن "الدول العربية كانت متحفظة على المجلس لكن إيران أول من بادرت بتهنئة المجلس".
وحول إجراء استفتاء استقلال إقليم كردستان الذي أجري في 25 أيلول 2017، أوضح أنه "قبل الاستفتاء وبعده لم نقل إننا سنعلن الاستقلال بل قلنا إنه هدفه التعبير عن الرأي والبدء بالحوار السلمي مع بغداد"، مشيراً إلى أن "الانتصار الكبير هو النسبة الكبيرة للتصويت لصالح القرار، فلم أكن اتوقع أن يصوت 93% من الشعب لصالح الاستقلال وهذا هو الانتصار الأكبر".
وفيما يتعلق بالموقف الدولي، قال إن دولاً أعربت عن دعم الاستفتاء أو عدم رفضها له "لكن جميعها تخلت عن وعودها بدون استثناء بدرجات متفاوتة".
وعن جدوى الاستفتاء، شدد على أن "المهم هو أننا وضعنا الأساس الصلب لهذا الحق وحتى لو لم أره أنا، سيراه الجيل القادم أو الذي يعده وهذا المهم، وأنا مطمئن لأن الشعب الكوردي أثبت أنه لن يستسلم أبداً للظلم".
وشدد بارزاني؛ على أن "داعش كان ظاهرة غريبة رغم أن الإرهاب كان موجوداً ويقوم بعمليات محدودة، لكن خلال 24 ساعة وجدنا أنفسنا أمام جبهة طولها 1050 كلم وجيش مجهز بـ 1700 عجلة مدرعة من الجيش العراقي وأسلحة فتاكة غنمها من سوريا، حيث بدأ التنظيم بهجوم كبير في حين كانت حكومة بغداد تمنع وصول الأسلحة للبيشمركة خلافاً للدستور، وأميركا لم تكن تضغط عليها أي أن بغداد وواشنطن تخلتا عن التزاماتهما".
وتابع أن "الجيش العراقي لم يتم بناؤه على أساس الولاء للوطن بل الولاء للشخص وهذا ولاء زائف"، مبيناً: "كانت لدينا معلومات بدخول مفارز من سوريا إلى العراق بعدما انشغلت القوات العراقية لعام في الأنبار ما أدى لاستنزاف طاقات الجيش العراقي بشكل مُخيف، ولهذا بنى داعش مواقع له في الحضر، وحينها اقترحنا القيام بعملية مشتركة لكن بغداد لم تهتم بالأمر".
ولفت إلى أن "داعش طور عملياته في الوقت الذي كانت القوات في الموصل طائفية وتقوم بممارسات ضد أهالي الموصل حتى ظن هؤلاء بداية أن داعش منقذٌ لهم"، موضحاً أن "داعش امتداد متطور للقاعدة وكان هدفه بداية إخراج سجنائه في بادوش، لذا أطلق قذائف على معسكر الغزلاني في مقر قيادة العمليات في الموصل لكن هروب القيادات العسكرية وانتشار الخبر أدى إلى انهيار الجيش العراقي، وداعش بنفسه لم يتوقع أن تسقط الموصل بهذه السهولة".
وعلق البارزاني على اتهام رئيس الوزراء العراقي الأسبق، نوري المالكي بتسليم الموصل، قائلاً: "المالكي لم يسلم الموصل لكنه اعتمد على قوات موالية لشخصه وظن أنها ستقاتل حتى الرمق الأخير وهذا لم يحصل".
وعن مشاركته الميدانية في جبهات القتال، قال بارزاني الذي كان رئيساً لإقليم كردستان في ذلك الوقت إن "وحشية داعش جعلت شعبنا أمام مصير أسود واضطررنا إلى القيام بواجبنا في القتال بالجبهات، لأن الأيام والأسابيع الأولى كانت تتطلب الذهاب إلى الجبهة بسبب حداثة التجربة وقوة أسلحة داعش ما أدى إلى حدوث شبه انهيار في بعض المواقع لذا ذهبت لرفع معنوياتهم، كما أن الجيل السابق أما استشهدوا أو كبروا في السن، لكن خلال أسبوعين ظهر من الجيل الجديد، أبطال نفتخر بهم، وفي الأسبوع الثالث عززنا مواقعنا، حتى قمنا خلال الأسبوع الرابع بهجوم مضاد".
وحول الدعم الدولي خلال الحرب على داعش، أشار إلى أنه "بعد هجوم داعش بأيام بدأ الأميركيون بتقديم إسناد جوي ممتاز لنا، كما تلقينا اتصالات من قادة العالم، ولن أنسى زيارة الرئيس الفرنسي في 2 أيلول 2014 رغم خطورة التوقيت، إلى جانب وصول أسلحة من ألمانيا وبريطانيا والسعودية".
وعن الدعم الإيراني، لفت إلى أنه "في الأيام الأولى قدمت إيران ذخيرة مضادة للدروع، بعدما اتصل بي قاسم سليماني (وهو قائد فيلق القدس السابق، الذي اغتيل في 3 كانون الثاني الجاري بعملية أميركية قرب مطار بغداد الدولي) وعرض تقديم المساعدة".
ورداً على تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني التي أدلى بها في 12 كانون الثاني الماضي، ودعا فيها البارزاني إلى أن "يكون شاكراً لجميل سليماني"، أوضح بارزاني أن "الأخوة العرب ردوا عليه قبل الكورد حتى، ما قاله كان تمثيلاً فاشلاً وقصة مُختَلقة وأمر مستغرب"، مبيناً أن " اتصالات أجريت بعد ذلك"، دون الإفصاح عن مضمونها وإن كانت بقصد الاعتذار.
وختاماً، أشاد بارزاني بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية، قائلاً: "زرت المملكة 4 إلى 5 مرات، وذكر لي الملك عبدالله أن العلاقة تعود إلى عهد الملك عبدالعزيز وهذا كان جديداً ومهماً"، مبيناً أن "مواقف السعودية كريمة وإنسانية وفي آخر زيارة كان تكريم الملك سلمان واضحاً جداً وأنا شاكر للمملكة قيادة وشعباً هذه المواقف".