مسئولية مجلس الأمن ومشكلة سد النهضة *

مسئولية مجلس الأمن ومشكلة سد النهضة *مسئولية مجلس الأمن ومشكلة سد النهضة *
دار المعارف [caption id="attachment_496638" align="alignleft" width="200"] د. أحمد سيد أحمد[/caption] نشرت صحيفة الأهرام اليوم الأربعاء مقالا تحت عنوان "مجلس الأمن ومشكلة سد النهضة"، فند فيه كاتبه د. أحمد سيد أحمد مسئولية "مجلس الأمن" من مشكلة سد النهضة، مذكرا العالم و "مجلس الأمن" التابع للأمم المتحدة أن المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة, تتيح للدول التى تتعرض لمصادر تهديد وجودية أن تلجأ إلى الإجرءات التى من شأنها الدفاع الشرعى عن نفسها وحماية مصالحها, خاصة أن كل الاتفاقات الدولية والقانون الدولى فى مصلحة الموقف المصري. وأكد الكاتب فى مقاله أن مصر اعترفت لإثيوبيا بالحق فى إقامة سد النهضة بغرض التنمية وتوليد الكهرباء, ولكن فى المقابل عدم التأثير سلبيا على حصتها المائية السنوية المقدرة ب55 مليار متر مكعب والتى لا تكفى باحتياجاتها المائية مع تزايد عدد السكان. وفى التالى نص المقال: " اختص ميثاق الأمم المتحدة, مجلس الأمن الدولي, بمهمة حفظ الأمن والسلم الدوليين, ووضع الآليات المختلفة لتحقيق هذا الهدف فى الفصلين السادس والسابع من الميثاق. وقد تطورت مصادر تهديد السلم الدولي, بحيث لم تعد تقتصر فقط على النزاعات العسكرية والحروب سواء بين الدول او داخل الدول, وإنما شملت مصادر جديدة, مثل الإرهاب الدولى والانتشار النووي, وبعد الحرب الباردة توسع مجلس الأمن فى تقدير ما هى مصادر تهديد السلم والأمن الدوليين, وفقا لما خولته المادة 39 من الميثاق, بحيث شملت تهديد الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب وضد الإنسانية كذلك نزاعات الحدود وأخيرا, فإن نزاعات الأنهار الدولية تعد من صميم دور مجلس الأمن الدولي." فى هذا الإطار فإن مشكلة سد النهضة تدخل ضمن الاختصاص الأصيل للمجلس فى حفظ السلم الدولى لعدة اعتبارات, أولا أنها مشكلة تخص نهرا دوليا يمر بأكثر من دولة تحكمه قواعد القانون الدولى للأنهار, وعلى رأسها عدم الإضرار والإخطار المسبق. وقيام إثيوبيا بإنشاء السد بشكل انفرادى والمضى قدما فى إجراءات التشييد والتشغيل وملء خزانه دون التنسيق مع دولتى المصب, مصر والسودان , عبر اتفاق ملزم قانونى ينظم عملية التشغيل وعملية ملء الخزان, يعد انتهاكا للقانون الدولى كما أنه يهدد بتحول هذا الخلاف إلى نزاعات تهدد السلم والأمن الإقليميين ومن ثم السلم الدولي. وثانيا أن مفهوم السيادة الذى تتحجج به إثيوبيا فى اتخاذ الإجراءات الانفرادية لا ينطبق مع سد النهضة, لأنه ليس مبنيا على نهر داخلى فى إثيوبيا, وإنما مبنى على نهر دولى مشترك ومن شأن تشييده وتشغيله انفراديا أن يهدد حياة أكثر من 150 مليون شخص فى مصر والسودان . وثالثا فإن هناك أكثر من 200 نهر دولى فى العالم, وعندما تقوم إثيوبيا بالتعنت والمراوغة فى سد النهضة دون وجود إجراءات رادعة فإن هذا سيدفع دولا أخرى كثيرة إلى تبنى المنهج الإثيوبى فى إقامة مشروعات مثل السدود على الأنهار المشتركة بشكل انفرادي, وبالتالى تثار الأزمات والصراعات العسكرية والنزاعات الخاصة بالأنهار وهذا يمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين." وبالتالى فإن لجوء مصر إلى مجلس الأمن لحل مشكلة سد لنهضة يعد مسلكا قانونيا ودبلوماسيا يؤكد حرص مصر على اللجوء إلى التسوية السياسية للنزاعات, كما أن إحالة المجلس القضية للاتحاد الإفريقى انطلاقا من أولوية الاختصاص الإقليمي, لا ينفى أهمية ضرورة تدخل مجلس الأمن مرة ثانية لحل الأزمة, وذلك لأن الاتحاد الإفريقى لم ينجح فى حل كثير من النزاعات فى القارة, رغم القمتين المصغرتين اللتين تم عقدهما وآخرهما أمس, كما أن تناوله ملف سد النهضة لم يمنع إثيوبيا من المضى قدما فى إجراءاتها الانفرادية التى من شأنها ان تزيد من حدة منسوب التوتر والصراع فى منطقة حوض النيل. ورغم أن مجلس الأمن يعانى غلبة الاعتبارات السياسية على مصالح الدول الكبرى صاحبة الفيتو, مما جعله عاجزا عن التدخل فى كثير من الأزمات والصراعات , فإن قضية المياه تكتسب أهمية كبرى فى ظل تزايد معدلات الفقر المائى العالمي , ومن ثم فإن حروب المياه ستكون من أبرز مصادر تهديد السلم والأمن الدوليين, مع وجود عشرات الأنهار الدولية المشتركة فى العالم وتزايد أعداد السكان وهو ما يستوجب ان تعامل مجلس الأمن مع تلك القضية بشكل حاسم وواضح, استنادا لقواعد القانون الدولى ومنعا لنشوب أزمات وصراعات دولية وتنفيذا لدوره فى حفظ السلم الدولي. ولاشك أن تقاعس مجلس الأمن عن التدخل لحل مشكلة سد النهضة وفقا لمنطق لا ضرر ولا ضرار , والإخطار المسبق, والحقوق التاريخية المكتسبة, من شأنه أن يدفع مصر والسودان إلى اللجوء لكل الخيارات التى تضمن الحقوق المائية المصرية, التى تمثل بالنسبة لمصر مسألة حياة ووجود, فالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة, تتيح للدول التى تتعرض لمصادر تهديد وجودية أن تلجأ إلى الإجرءات التى من شأنها الدفاع الشرعى عن نفسها وحماية مصالحها, خاصة أن كل الاتفاقات الدولية والقانون الدولى فى مصلحة الموقف المصري, كما أن مصر اعترفت لإثيوبيا بالحق فى إقامة سد النهضة بغرض التنمية وتوليد الكهرباء, ولكن فى المقابل عدم التأثير سلبيا على حصتها المائية السنوية المقدرة ب55 مليار متر مكعب والتى لا تكفى باحتياجاتها المائية مع تزايد عدد السكان, ومن ثم سلكت خيار المفاوضات حرصا على التسوية السياسية للازمة وضمان تحقيق مصالح جميع الأطراف عبر التوافق, لكن المنهج الإثيوبى فى المراوغة والتعنت وإضاعة الوقت فى المفاوضات, يعد العقبة الأساسية أمام التوصل إلى تفاق نهائى ملزم قانونيا ويحتوى على آليات واضحة لفض النزاع, كما تطالب مصر والسودان , ويحقق آلية التنسيق المشترك فى تشغيل سد النهضة, إضافة إلى أن تكون مدة ملء الخزان عشر سنوات حتى لا تنتقص حصة مصر ويترتب عليها تداعيات خطيرة. مشكلة أزمة سد النهضة اختبار حقيقى لمجلس الأمن الدولى وقدرته على أداء دوره فى حفظ السلم والأمن الدوليين خاصة فى قضية المياه التى ستكون المصدر الأساسى لتهديد السلم العالمى فى المستقبل. ............................................................................... * العنوان الأصلى للمقال "مجلس الأمن ومشكلة سد النهضة" ومنشور على بوابة "الأهرام" نقلا عن صحيفة الأهرام رابط المقال: http://gate.ahram.org.eg/News/2441723.aspx
أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2