الشرطة النسائية.. قوة «نون النسوة» فى خدمة الوطن
الشرطة النسائية.. قوة «نون النسوة» فى خدمة الوطن
بطولات ومجهودات وطنية تبذلها عضوات الشرطة النسائية فى مصر، تجعلها تستحق التخليد والتسجيل بحروف من نور فى سجل الوطنية المصرية، فلم يكن سهلاً على الأسر المصرية استيعاب إمكانية إلحاق بناتهن بأكاديمية الشرطة، منتصف ثمانينيات القرن الماضي؛ لكن مع توالى السنوات صارت لمصر شرطيات يحملن السلاح، ويقدمن أنفسهن فداءً للوطن، وعلى مدار سنوات طويلة كان المرأة لها دور فى الشرطة والعمل الأمني، نرصد خلال السطور التالية بعضًا من ملامح هذا التاريخ.
دار المعارف
بدأت مشاركة العنصر النسائى بجهاز الشرطة منذ عام 1930، وفى عام 1983 ألحقت أول دفعة من خريجات الجامعات بكلية الضباط المتخصصين بالأكاديمية للعمل فى بعض الجهات الأمنية بمستشفيات الشرطة والسجون وشرطة السياحة والآثار وحماية الآداب ورعاية الأحداث، وفى الموانئ والمطارات والعلاقات العامة والإنسانية، مما أضفى على مُشاركة العنصر النسائى بجهاز الشرطة بُعدًا إنسانيًا، وهو ما حدا بوزارة الداخلية إلى إيلاء المزيد من الاهتمام نحو التوسع فى مشاركة العنصر النسائى فى مجالات العمل الأمنى المختلفة، لأن الشرطة النسائية توجه يعكس صور المجتمع الواعى والمتحضر.
البداية
فتحت أكاديمية الشرطة المصرية، أبوابها لأول مرة فى تاريخها، أمام الفتيات للالتحاق بها عام 1984 إلا أن الإقبال فى البداية كان محدودًا من الفتيات على الالتحاق بأكاديمية الشرطة، تأثرًا بالثقافة المجتمعية التى كانت تصنف العمل بالشرطة ضمن المهام التى لا تناسب الفتاة، ظل الحال نفسه لنحو أربع سنوات، ما دفع القائمين على الأكاديمية إلى وقف قبول الفتيات للعمل ضابطات بالشرطة، وتحديدًا فى 1990، أى بعد مرور سنوات على إطلاق التجربة دون تحقيق أى تأثير ملحوظ، إلا أنها استمرت فى قبول الطبيبات والأخصائيات الاجتماعيات فى الشرطة.
السنوات العجاف
ورغم السنوات العجاف السابقة، إلا أن كلية الضباط المتخصصين بأكاديمية الشرطة لخريجات الجامعات، فتحت أبوابها ليتم إلحاقهن بوزارة الداخلية، بعد 4 سنوات من الدراسة، والعمل ضابطات للمرة الأولى فى تاريخ الشرطة المصرية.
أعادت وزارة الداخلية، فتح باب القبول أمام خريجات الجامعات من التخصصات المناسبة، للالتحاق بالوظائف الأمنية والعمل ضابطات شرطة، قبل أن يطال هذا القرار الاعتماد على عناصر الشرطة النسائية فى المرافق الشرطية التى تتعامل بشكل مباشر مع الجمهور.
وعاودت أكاديمية الشرطة بعد فترة، استقبال الفتيات من خريجات الجامعات المصرية من جديد والطالبات اللاتى يتم قبولهن فى الوقت الحالى بكلية الضباط المتخصصين، يتم تدريس مناهج لهن تؤهلهن لدراسة القانون والدراسات العملية، التى تمكنهن من التعامل كضابط شرطة من حيث المظهر والأداء.
تدريبات مماثلة
تتلقى الفتيات بأكاديمية الشرطة، نفس التدريبات التى يتلقاها الذكور، ويشاركوهن فى الطوابير نفسها وقاعات المحاضرات، فلا يتم الفصل بينهم إلا فى أماكن المبيت، وتثبت الفتيات كفاءة عالية فى أكاديمية الشرطة، خلال تدريبات الرماية وضرب النار والاشتباك وتدريبات القتال، وبعضهن يحققن مراكز متقدمة على الذكور فى بعض التدريبات العنيفة.
المهام الخاصة
تتمثل مجموعة المهام الموكلة لضابطات الشرطة، فى العمل بإدارات «العلاقات العامة، ورعاية الأحداث والمؤسسات العقابية، والرعاية اللاحقة، وميناء القاهرة الجوي»، بالإضافة إلى الخدمات الطبية بمستشفيات وزارة الداخلية.
وتتولى الضابطات تدريب الطالبات الجدد بالقسم فى أكاديمية الشرطة، وجرائم العنف ضد المرأة، كما تتعامل الشرطة النسائية بشكل مباشر مع الجمهور، وأنشأت الوزارة إدارة خاصة لها، من بين مهامها حفظ الأمن فى محيط مدارس الفتيات والانتشار بأماكن التجمعات وسط مدينة القاهرة لمواجهة جرائم التحرش بالإناث والعمل بكل قطاعات وزارة الداخلية.
وشارك عدد كبير من ضابطات الشرطة فى الدوريات الرامية لحفظ الأمن، أثارت الكثير من ردود الفعل المرحبة بأداء الشرطيات اللاتى نجحن فى التعامل.
أول شهيدة
وللشرطة النسائية دور كبير فى تأمين الكنائس خلال الأعياد وراح عدد منهن ضحايا نتيجة لغدر الإرهاب وسقوط أول شهيدة فى تاريخ الشرطة المصرية، العميد نجوى الحجار، بالإضافة إلى النقيب أسماء إبراهيم، والعريف أمينة رشدي.
واستشهدت العميد نجوى، بعد سقوطها ضحية تفجير الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، أثناء قيامها بواجبها، بتفتيش السيدات الوافدات إليها، وقت الاحتفالات، وهى واحدة ضمن مئات الضابطات فى الشرطة النسائية المصرية.
ولم يقتصر دور الشرطة النسائية على التأمين ونشر الأمن بين المواطنين لكن قاموا بمشاركاتهن الإنسانية فى الكثير من المواقف، والتى كان آخرها زيارة عدد من ضابطات قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، وبرفقتهن بعض أسر شهداء الشرطة، وزيارة مستشفى سرطان الأطفال، لتقديم الدعم النفسى والمعنوى للأطفال.
أول «لواء»
وأمام إثبات الكفاءة والجدارة، نجحت كثير من سيدات الشرطة النسائية فى الحصول على رتبة «لواء شرطة» إذ أصبحت اللواء عزة الجمل، أول سيدة تحصل على رتبة لواء بالوزارة.