عاطف عبد الغني يكتب: الحرب القادمة

غير مصنف5-2-2021 | 16:54

(1)

فى زمن ليس ببعيد كان اقتحام الطيران الإسرائيلى لأجواء لبنان مجرد نزهة، تذهب فيها آلات الدمار الإسرائيلية تحلق فوق بيروت وطرابلس وباقى مدن الشمال والجنوب اللبنانى وتوجه صواريخها لأهدافها فتسقط الضحايا، لا يهم إن كانوا عسكريين أم مدنيين، ولايخرج إلا أصوات العرب منددة، بينما يصمت العالم الغربى الذى يحمل على عاتقه نشر رسالة الإنسانية وقيمها فى الرحمة والتى قد تصل إلى الدفاع عن اضطهاد الكلاب والقطط فى دول العالم الثالث، وحقوق المثليين المقموعة فى الدول الإسلامية وتتغاضى عن جرائم إسرائيل حتى ولو قصفت بصواريخها مقرات الأمم المتحدة وأسقطت جنود "اليونيفيل" قتلى مع المئات من المدنيين اللبنانيين، وفعلتها إسرائيل كثيرا، وعلى سبيل المثال ما حدث فى مجزرة بلدة قانا اللبنانية عام ١٩٩٦ فى عملية عناقيد الغضب، وفى حرب لبنان عام ٢٠٠٦ حين هاجمت إسرائيل عددًا من مراكز المراقبة التابعة للأمم المتحدة فى جنوب لبنان، وأسقطت عددًا من حفظة السلام الدوليين المنوط بهم مراقبة الهدنة، وبررت الجريمة بأنها أخطأت الهدف كمركز للعدو المسلح. .

(2)

سبحان الله إسرائيل التى صدرت الرعب للبنان وسوريا جارتيها الضعيفتين تعيش الآن حالة من الرعب، وقد استطاعت إيران أن تصدره لها عبر وكلائها فى لبنان وفى غزة وحتى فى اليمن، أقصد بالترتيب حزب الله وحماس والحوثيين، وفى تصريحات قادة إيران وعلى رأسهم الرئيس حسن روحاني والمتحدث باسم الجيش توعدا بتسوية مدينتي تل أبيب وحيفا بالأرض حال ارتكاب اسرائيل أي خطأ، وتحاول إسرائيل طرد هذا الرعب بإطلاق تصريحات على لسان قادتها العسكريين من عينة "وضع خطط إضافية" فى 2021 "ستكون جاهزة" فى حال اتخذت حكومة تل أبيب، قرارا بمهاجمة إيران، ويكشف زيف هذه التصريحات التى لا تزيد عن كونها حربًا نفسية مضادة، اعترافات وشهادات صادرة عن الإعلام وبعض النخبة الصهيونية فى الأيام الأخيرة، تكشف عن حالة القلق والرعب التى يعيشها الشعب الإسرائيلى مما يطلقون عليه "انكشاف الجبهة الداخلية للصواريخ"، أو كما يصفونها "البطن الإسرائيلي الرخو"..

(٣)

الأمر المؤكد هو أن إسرائيل لن تهاجم إيران، وأنها خلال السنوات الماضية كانت تدفع أمريكا للقيام بهذه المهمة وتدمير البنية التحتية النووية لإيران على الأقل، لكن أوباما الرئيس الأمريكى الأسبق المنتمى للحزب الديموقراطى رفض هذه الخطة واعتمد خطة بديلة بالاتفاق الذى عقده هو وحلفاؤه الأوروبيون مع إيران بهدف السيطرة على برنامجها النووى وتحجيمه. وقبل رحيله بأسابيع قليلة أشيع أن ترامب كان يخطط لتوجيه ضربة عسكرية لإيران لولا الأحداث الداخلية المتعلقة بالانتخابات التى شغلته ولخبطت له حساباته، أما الآن وقد عاد الديموقراطيون للحكم فى أمريكا تحت قيادة الرئيس جو بايدن، فقد تم مجددا استبعاد الحل العسكرى لتحطيم قدرات إيران النووية (المحتملة) التى تصيب إسرائيل وقادتها - وعلى رأسهم رئيس وزرائها نتنياهو - بالكوابيس.

(4)

التقدير المتعمق للحالة الإسرائيلية - الإيرانية لابد أن يصل بصاحبه إلى نتيجة مفادها أن الحرب النفسية، والردع المتبادل، والخوف من حجم الخسائر المحتملة سوف يمنع المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، لكنها لن تمنع مناوشة هنا أو حادث اغتيال هناك، أو اصطياد الطائرات المسيرة "الدرونز" وإسقاطها، ولن تمنع أيضا استمرار إسرائيل وإيران فى سعيهما للاستيلاء على مقدرات المنطقة، فكلاهما (إسرائيل وإيرن) لديها مشروع يهدف إلى استيطان الأوطان عبر استيطان الأراضى والعقول، والثروات، ولن يعطل أطماع أى منهما إلا كارثة تحل عليهما بالخراب، وسوف يتحقق هذا عاجلا أو آجلا.. هذا ما تعلمته من درس التاريخ.
    أضف تعليق

    حكايات لم تنشر من سيناء (2)

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2