رجب البنا يكتب: مستقبل الإخوان (1 – 3)

رجب البنا يكتب: مستقبل الإخوان (1 – 3)رجب البنا يكتب: مستقبل الإخوان (1 – 3)

غير مصنف12-2-2021 | 16:38

فى عام 2014 نظم المركز العربى للبحوث والدراسات مؤتمرًا علميًا بالقاهرة، موضوعه «مستقبل حركات الإسلام السياسى»، شارك فيه عدد كبير من علماء السياسة والاجتماع ورجال الدين. اتفق المشاركون على أن حركات الإسلام السياسى - ومنها التنظيم الدولى للإخوان - هدفها الوحيد هو الوصول إلى السلطة، وهى لا تخفى هذا الهدف، وتسعى إليه بكل الوسائل، سواء بالانتخابات الحرة أو المزورة لصالحها، أو بتدبير وقيادة الانقلاب والفوضى، أو بالتخريب والقتل، وخلال ثمانين عاما من العمل السرى التى كانوا يسمونها فترة «الكمون» تمكنت من جذب وإعداد أعضائها الذين انساقوا لدعوى «بناء المجتمع المسلم»، و«الحكم بالشريعة»، وتحقيق «النهضة» و«العدالة» و«التنمية» وإعادة نموذج عمر بن الخطاب!.. وقد بلغ الأمر فى تجنيد هؤلاء الأتباع إلى درجة كبيرة من «غسيل العقول»، وأخيرًا وصلت هذه الحركات إلى مرحلة «التمكين» وبوسائل مختلفة – منها الخداع، والتزوير، والاستعانة بالقوى الأجنبية، ومنها استخدام السلاح والقتل العشوائى، تمكنت من الوصول إلى الحكم فى مصر، وتونس، والسودان، وغزة، وكانت قد وصلت إلى الحكم قبل ذلك فى تركيا، ونشرت تأثيرها وأفكارها فى بعض البلاد العربية.. إلخ، كما امتد فكر هذه التيارات – فكر الإخوان بالدرجة الأولى– إلى دول أوروبا وأمريكا. أما حركات الإسلام السياسى الشيعية فقد حكمت إيران وانتشرت فى العراق، وامتدت إلى بعض البلاد الإفريقية، وتمكنت من السيطرة على جنوب لبنان وهددت وحدة لبنان وأمنه. كانت هذه هى فرصة التنظيم الدولى للإخوان لتنفيذ برامجه وتحقيق ما وعد به، فهل تحقق فى هذه البلاد التى حكمها التنظيم الدولى للإخوان ما وعدت به، «النهضة»، «الحكم الإسلامى الرشيد»، «استعادة حكم العادل عمر بن الخطاب»، «الرخاء الذى يعم البلاد والعباد»؟ من تحليل هذه الفترة – التى حكموا فيها – من منظور علم النفس السياسى والاجتماعى، فإن الإخوان تصوروا أن حكمهم هو «حكم الجماعة»، أو «حكم مكتب الإرشاد» والبلد أصبحت لهم وليست للشعب فى عمومه، أعضاء الجماعة هم «الطبقة الحاكمة المميزة بالمناصب والعطايا و»الغنائم» والامتيازات، وبقية أبناء الشعب هم مواطنون من الدرجة الثانية. أما غير المسلمين فهم من الدرجة الثالثة وربما أقل!! هذه النظرة.. نظرة التفوق والاستعلاء كشفت حقيقتهم وأثارت الخوف الشعبى من استمرار حكمهم. سنة كاملة كان للإخوان رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء وكل الوزراء، والمحافظين، ورؤساء المدن، والأحياء، ورؤساء الشركات، ومجلسي النواب والشورى فى مصر، كما كان لهم كل ذلك فى تونس، والسودان، وغزة، وفى تركيا التى تقود الإخوان –مرحليا وبانتهازية سياسية واضحة– بشعار إعادة الخلافة الإسلامية وتحقيق أطماع أردوغان فى حكم المنطقة حكما مطلقا باعتباره «خليفة المسلمين»، انتهازية بدأت بتحالفه مع فتح الله جولن، ثم انقلب عليه واضطره إلى الفرار من البلاد واعتقل عشرات الآلاف من أنصاره، ويوجه إليهم كل يوم اتهامات جديدة. فى تونس تدهورت أحوال البلاد.. ازدادت البطالة.. وتراجعت التنمية.. وتم اعتقال المعارضين لحزب «النهضة» الحاكم بأشد مما كان يفعله الرئيس التونسى السابق «الدكتاتور» زين العابدين بن على، وكما وصفت الباحثة التونسية آمال قوامى «الثورة التونسية» وقالت إنها انتكست وابتعدت عن المسار الديمقراطى وعن تحقيق العدالة والمساواة، كما كان التونسيون يريدون عندما قاموا بثورتهم، صار راشد الغنوشى وحزبه يحتكران السلطة ويعلنان أن إرادتهما هى إرادة الشعب، وتقول الباحثة التونسية «عزلنا دكتاتورًا ولكن حكمنا دكتاتور جديد، مع أن حزب النهضة دخل الانتخابات بشعارات مدنية ثم انقلب عليها بعد وصوله إلى السلطة، كما فعل الإخوان فى كل بلد حكموها». وفى السودان كانت تجربة البشير تجربة مريرة، فقد كان النظام فى ظل حكمه – وهو فرع من التنظيم الدولى للإخوان– حكما قائما على التعصب ضد غير المسلمين، وتسبب فى خراب اقتصادى واجتماعى لم يسبق له مثيل، ودفع البلاد إلى الفتنة والانقسام، وفشل فى إصلاح الخلل الذى تحقق على يديه هو وحزبه وأدى إلى انفصال جنوب السودان، واشتعال دارفور، كما تسبب فى معاناة الشعب السودانى من الفقر الذى ازداد فى عهده ومن الانغلاق الفكرى، والحرمان من الحريات، واضطهاد المرأة، ومن الطبيعى أن يؤدى الانغلاق والكبت إلى الانفجار فجاءت الثورة على حكم الإخوان فى السودان، كما جاءت فى مصر، وهى الآن مشتعلة فى تونس. وكذلك الحال فى غزة، وصل الإخوان إلى السلطة بانتخابات حرة، ثم استمروا فى الحكم بعد انتهاء الفترة رفضوا إجراء انتخابات بدعوى أن الحكم الإسلامى لا يعرف الانتخابات! وانقلبوا على شعار «الديمقراطية» الذى رفعوه قبل الانتخابات، وأدى حكمهم إلى القمع، والفشل، وسوء الأحوال الاقتصادية والمعيشية. هل تنظيم الإخوان تنظيم «وطنى»؟ هل يؤمن بالوطن والوطنية؟ هل حافظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها؟ هل حقق «النهضة» و«أستاذية العالم» و«الحكم الإسلامى».. هل كان يعرف كيفية حكم «الدولة» بمؤسساتها، وهل كان يعرف شيئا عن «الفصل بين السلطات» أو «سيادة القانون» أو «المواطنون أمام القانون وأمام الدولة متساوون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، هل أدركوا تحذيرات أهل العلم والخبرة المخلصون من خطورة الخلط بين الدين والسياسة؟ هل قرأوا رأى الإمام محمد عبده وغيره من كبار علماء الدين بأن «الخلافة» ليست أصلا من أصول الحكم فى الإسلام، ولم يرد نص بذلك فى الكتاب أو السُنّة؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات موضوعية.. وأهم منها ماذا سيكون عليه مستقبل الإخوان بعد ذلك؟
    أضف تعليق

    تسوق مع جوميا

    الاكثر قراءة

    إعلان آراك 2