محمد رفعت يكتب: سقطة تامر وأزمة الإعلام

غير مصنف28-2-2021 | 15:42

المذيع فى اللغة هو من ينشر الخبر، وهو فى الممارسة المهنية من يحترف نقل المعلومات بصوته عبر الإذاعة والتليفزيون، ويطلق لفظ المذيع على قارئ النشرة، أما مقدم البرامج فهو يقوم بمهام أخرى مثل الربط بين الفقرات والتغطيات الخارجية للأحداث المهمة وتقديم البرامج على اختلاف أنواعها من سياسية واقتصادية وثقافية وبرامج منوعات. وعلمنا أساتذتنا فى كلية الإعلام أن مقدم البرامج لابد أن يكون محايداً فلا يجب أن يتدخل فى توجيه الضيف نحو وجهة نظر معينة من خلال الأسئلة التى يطرحها عليه ولا يقاطعه أو يشوش على كلامه، كما يفعل كثيرون ممن يمتهنون هذه المهنة فى السنوات الأخيرة، وأنه يجب أن يعطى الفرصة الكاملة للضيف للتعبير عن رأيه ويحرص على أن تكون أسئلته سريعة ومحددة حتى لا يرهق من يحاوره فى فهم السؤال ولا يستغرق وقتا طويلاً بما يجور على حق الضيوف. والحقيقة أن تلك القواعد كانت محترمة ومعمولا بها فى عصر الإعلاميين العظماء من جيل الرواد فى مبنى «ماسبيرو» ومن تتلمذوا على أياديهم، ولذلك لم نكن نسمع أبدًا عن تلك السقطات والتجاوزات الأخلاقية والمهنية التى أصبحت ظاهرة منتشرة ومؤسفة ووصلت إلى الحد الذى لا يمكن السكوت عنه أو السماح باستمراره، ولم يعد يكفى معها تلك العقوبات غير الرادعة، مثلما حدث منذ أيام مع المذيع تامر أمين والذى تقرر وقف برنامجه وخصم راتب شهر منه لتطاوله على أهل الريف والصعيد. ولن تنتهى السقطات والتجاوزات والخروج عن القيم والقواعد الأخلاقية والإعلامية من جانب بعض من يسمون أنفسهم بالإعلاميين إلا بعد أن تنتهى تلك المهزلة التى بدأت مع ظهور الفضائيات الخاصة فى مصر وزادت بشدة بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، والتى تحول معها المذيع ومقدم البرامج، الذى من المفترض أن يكون محايدا ومجردا من الهوى إلى محرض وموجه سياسى، وأحيانا واعظ أخلاقى وداعية دينى، وأحيانًا أخرى إلى مونولوجيست ومضحكاتى. والحل الوحيد لإنهاء تلك الظاهرة المؤسفة هو إجبار مقدمى برامج «التوك شو»، على الاكتفاء بدور المحاور والاحتفاظ بآرائهم الشخصية لأنفسهم، بعيداً عن الخلط بين دور قائد الرأى وبين المذيع أو مقدم البرامج، ويمكنهم أن يعبروا عن آرائهم كما يشاءون فى مقالات للصحف والمواقع الإلكترونية أو على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى. والمطلوب من رؤساء القنوات ومعدى تلك البرامج الالتزام بتلك القواعد كدستور للعمل فى القنوات الرسمية منها والخاصة، وإلغاء المقدمات الطويلة للبرامج، والتى يخرج علينا من خلالها بعض الوجوه الإعلامية المعروفة وهم يتقمصون أدواراً ليست لهم ولا من اختصاصهم ويتحدثون فى قضايا لا يلمون بها ولا بأبعادها ويتناولونها بطريقة لا تخلو من التبسيط المخل، والأفضل أن يتركوا ذلك لأهل الاختصاص ويكتفوا بطرح الأسئلة المناسبة عليهم.
    أضف تعليق

    إعلان آراك 2