حكاية السيسي و«مينا»

حكاية السيسي و«مينا»سارة حامد

الرأى22-7-2021 | 08:47

منذ أيام رجوت كتابة سطوري هذه، كون إحدى ركائزها قد رحل منتحراً أو غير ذلك لكن المؤكد أنه انتقل ووافاه الأجل.."مينا اليتيم" الذي عجز حتى عن تقدير عمره الذي ظنه ٣٨ سنة رغم انه لم يتمادى ٢٨، هاتفني يوماً شاب فصيح مفوه، يتبرم ويتأوه ويبكي من هول ما مر به.. فرادى من المحتالين عرضوا عليه المال مقابل أن يتخلى عن كُليته اليسرى، و يحصل على شطر منه قبل العملية، والأخر فيما بعد..

دون إبطاء وافق "اليتيم" و باع كُلْيته ليتزوج بثمنها من إحدى أقربائه، و حين ذهب الى والدها، عارض لسببين أحدهما أنه لا يمتلك مأوى، والأخر عاد إلى نشأته في دار أيتام..لم يستكين "مينا" ويرضح، قصد أولئك الذين عاهدوه بمبلغ أخر بعد العملية، لكنهم أنكروا حقه وتملصوا منه و تصنعوا عدم معرفته، قص لي الشاب حكايته، توطن تحت أحد كباري منطقة الزيتون، لم يجد مأوى له بعد وفاة جدته، فدار الأيتام التي شب ونما في كنفها، وعدتهم حين إتمامهم ١٨ من أعمارهم ستمنحهم مساكن لكنها أخلفت.

تمنى الشاب أن يتزوج من قريبته التي ارتضت أحواله رغم ممانعة الأهل ومجابهة المجتمع المحيط.. لم يقوى ويصطبر، أودى بحياته أو قَضَى نَحْبَه، أي الأمرين كان، فقد عرفت ذلك مصادفةً بعد رحيله بعام أو أكثر، كان يُنذر دوماً أنه إن لم يدّخر مسكن ويتزوج من حلمه الوحيد.. سيفعل، و أبداً لم أصدق عليه قوله.

قد حدث ما حدث، و ما أثلج صدري إلا قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بمنح الأيتام مسكناً بعد إتمامهم السن القانوني في دور الرعاية، تذكرت "مينا" الذي بقي عمره يحلُم أن يمتلك مسكن و لو غرفة صغيرة يؤسس فيها أسرة طالما حُرم من دفئها، وددت لو كان حياً، كم من السعادة تعتريه حين سماع القرار الرئاسي الذي يبدل حياته.

أتوقعه حينها، كان سيهاتف حبيبته أول شئ، و يتواصل مع والدها لتحديد موعد الإكليل، ويباشر بعدها تكوين أسرة وأبناء سيكون أشد الإحتراس عليهم لان فاقد الشئ يعطيه و بكثرة..

كُثر من يعلم حكاية "مينا اليتيم" الذي كان يتداولها بين أوساط عدة، أبدلت اسمه الأول لقدسية الموت، وضاءلت من تفاصيل حياته التي نبأني عنها الكثير لكن غاية الإفصاح هو إبانة مدى إستفادة شريحة مُتسعة تعيش في جوف مجتمعنا، فإذا أغفلناها تفقد إنسانيتها في الشوارع بعد مغادرتهم مؤسسات تأويهم؛ ينسلخ منهم مذنبين أو مدحورين لذا "شكراً سيادة الرئيس".

أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2