أخلاق الإسلام «2 -2»

أخلاق الإسلام «2 -2»رجب البنا

الرأى27-7-2021 | 17:19

فى الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «يا أبا هريرة عليك بحسن الخلق، قال أبو هريرة: وما حسن الخلق يا رسول الله، قال: تصل من قطعك، وتعفو عمن ظلمك، وتعطى من حرمك». وقال عليه الصلاة والسلام: «الدال على الخير كفاعله، والله يحب إغاثة الملهوف» وقال: «لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما من يبدأ بالسلام». وقال: «من أراد أن يبسط له فى رزقه وأن ينسأ له فى أثره فليصل رحمه»، وقال: «الحياء لا يأتى إلا بخير»، وقال: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه».

وقال: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» وقال: «التودد إلى الناس نصف العقل، وحسن السؤال نصف العلم»، وقال: «أمرنى ربى بتسع: الإخلاص فى السر والعلن، والعدل فى الغضب والرضا، والقصد فى الفقر والغنى، وأن أعفو عمن ظلمنى، وأصل من قطعنى، وأعطى من حرمنى، وأن يكون نطقى ذكرا، وصمتى فكرا، ونظرى عبرة».

وقال عليه الصلاة والسلام: «أنا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا» وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى»، وقال: «حق الطريق: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام». وقال: عليكم بالعدل مع من تحبهم ومن تكرههم كما قال الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة – 8).. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم «الظلم ظلمات يوم القيامة» ويقول الله تعالى: (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الأنعام – 45) و(وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (الكهف– 59) (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (يونس – 13) و(فَيَوْمَئِذٍ لا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (الروم – 57).

هذه بعض أوامر الله ورسوله إلى المسلمين وهذه هى أخلاق الإسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ويقول: «إن من أحبكم إلى وأقربكم منى مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا، وإن من أبغضكم إلى وأبعدكم عنى يوم القيامة الثرثارون، والمتفيهقون (المتكبرون) والمتشدقون (المتفاخرون) وقال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان» وقال: «ما من شىء أثقل فى ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يكره الفاحش البذىء» وقال: «إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم».

يقول الإمام الأكبر الراحل الشيخ محمد سيد طنطاوى إن أهم صفات المسلم الصدق، فالصدق هو صفات الأنبياء: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً) (مريم – 41)، و(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً) (مريم 56 – 57)، و(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة – 119)، و (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ) (النحل – 105)، و(وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) (النحل – 116).

والكبرياء ليس من صفات المسلم، أخلاق الإسلام التواضع لله والتواضع للناس، يقول الله تعالى: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)، والصبر من أخلاق الرسل، وقد أمر الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالصبر عشرين مرة فى القرآن، مثل: (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (هود – 115) و«وبشر الصابرين» (البقرة – 155) و(وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (النحل - 126) و«وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا» (الإنسان – 12) و(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد – 31) و(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) (آل عمران – 186).

ولا تستقيم حياة الناس فى الدنيا إذا لم يتعاونوا، ويتراحموا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من فرّج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسّر يسّر الله عليه فى الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله فى الدنيا والآخرة، والله فى عون العبد مادام العبد فى عون أخيه»، ومن أحاديث الرسول التى يجب أن يحفظها الأطفال والكبار ويتذكروها دائما قوله صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه»، هذا الحديث حين نطبقه على جماعات الشر والخديعة التى تدعى أنها إسلامية ندرك مدى الزيف والبهتان فى عقليتهم، ومدى بعدهم عن حقيقة الإسلام وأخلاقه، فلم يسلم الناس من أذاهم، وفى القرآن الكريم وأحاديث الرسول نلتمس مبادئ الأخلاق فى الإسلام، وهذه الآيات والأحاديث تكون فى مجموعها نظرية متكاملة لفلسفة الأخلاق تفوق نظريات الأخلاق التى جاء بها الفلاسفة وعلماء الاجتماع على مر التاريخ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا أنه من غشنا فليس منا، وما أخذ بسيف الحياء فهو حرام، ومن أخذ أموال الناس ليفسدها أفسده الله، وإذا تساءل الناس، متى يغضب الله على الناس ويبتليهم بالأوبئة والحروب وضيق العيش ومكائد الأعداء فإن الله يقول لكم: «وما كان ربك ليهلك القرى وأهلها مصلحون» (هود – 117).

الإسلام والأخلاق وحدة واحدة لا تنفصل، هما وجهان لعملة واحدة هى الإيمان بالله.

أضف تعليق