فى البداية هالنى جداً ما تتناقله وسائل الإعلام من ارتفاع فى معدلات جرائم النفس والأخلاق بأشكالها المختلفة فى مجتمعنا ، ووقعت الحيرة فى عقلى وتملكت قلبى مشاعر مملوءة بالقلق و ترددت كثيراً فى أن أكتب فى هذا الأمر ، الا أننى عندما حضرت خطبة الجمعة ، وجدت الخطيب الأزهرى يتحدث عن هذا الأمر و كأنه يمنحنى ما أحتاج اليه فى الكتابة عن هذا الأمر الهام وخصوصاً فى هذه المرحلة التى يتم فيها البناء والتنمية وتقوم الدولة بمجهودات غير عادية للعمل على توفير حياة كريمة لكافة المواطنين فى كل بقعة من بقاع الوطن .
ووقفت حائراً متسائلاً لماذا تحدث كل هذه الجرائم فى هذا التوقيت وما هى أسبابه ، فقد زادت جرائم النفس بشكل كبير فكنا لا نكاد نسمع عن قضية قتل بين الحين والحين ولكننا أصبحنا نسمع ونشاهد بشكل يومى وبأعداد ليست بالقليلة ، وبطرق تحمل من الغل والتشفى والبشاعة والفظاعة والقسوة لم نكن نسمع بها ولو سمعنا ما صدقنا ، أصبح القتل سهلاً بين الزملاء والجيران وبين أفراد الأسرة الواحدة فها هو الأب الذى يقتل أبنه أو أبنته و زوجته أو هذه الزوجة التى تقتل زوجها وأبنائها بل والأخطر أن هناك من الأبناء من يقتل والديه .. فما الذى أصاب مجتمعنا وما الذى حدث ؟
وفى الجانب الأخلاقى فحدث ولا حرج فلم تكد أجهزة الدولة تُلقى القبض وتحاكم من يستخدمون التكنولوجيا فى إشاعة الرزيلة بين أبناء المجتمع بأشكال لا تليق والفاظ خادشة للحياء بطريقة مقززة للنفس بقصد نشر الفسق والفجور بين أبناء الشعب المسالم فبين اللحظة والأخرى يخرج علينا بعض الأشخاص الذى لا نعلم أين تعلموا كل هذا ؟ بعد أن استخدموا نعمة التكنولوجيا فى اعمال لا تتفق وعاداتنا وتقاليدنا ، بل أن هؤلاء يتطاولون على الدين فيحلون الحرام وقد تطاولوا على ثوابت المجتمع وتقاليده و اهدروا القيم والمبادئ الأخلاقية للمجتمع المصرى .
معدلات جرائم النفس و الجرائم الأخلاقية فى تزايد وهذا تهديد للأمن المجتمعى الذى بدوره يؤثر على أمننا القومى الذى تسعى الدولة الى تعميق الوعى به لينعكس وتظهر اثاره على معدلات التنمية والتقدم والبناء .
و يعتبر الأمن القومى والوعى المجتمعى من الأهمية بمكان بين المجتمعات والأفراد ، وتعطى مصر إهتماماً بالغاً بهذا الملف حيث تعلم جيدًا ما لهذا الأمر من أهمية لمواجهة والقضاء على الأفكار الهدامة والرؤى المتطرفة .
إن غياب الوعى المجتمعى يُعد من أهم المعوقات نظراً لما له من خطورة ، أما فى حالة تمتع افراد المجتمع وتسلحهم بالوعى فإنه يبعث على الأمان والاستقرار .
وفى ذلك فلابد من بحث قضية زيادة معدلات جرائم النفس وبهذه الاشكال التى لم نكد نعلمها من قبل وكذا الجرائم الأخلاقية التى تستخدم التكنولوجيا فى التسويق لهدم وتفكيك المجتمع ونشر مصطلحات جديدة بين أبناء الوطن ،و لابد من الترابط والتكاتف بين الجهات المنوط بها النهوض بالوعى .
علماء ورجال الدين بالمؤسسات الدينية الأزهر و الكنيسة وعلماء الاجتماع والنفس ويأتى الدور المهم وهو دور الإعلام البنًاء حيث يجب أن يعمل على عدم تضخيم السلبيات والظواهر المسيئة للمجتمع ويقوم بإظهار النماذج المضيئة فى المجتمع فمصر غنية بأبنائها فى كل مجال وقد رأى العالم كله فى افتتاح السهرة المصرية الرائعة التى وقع فيها السيد الرئيس وثيقة المشروع العملاق والمبادرة الأعظم ( حياة كريمة ) رأينا ورأى الجميع نماذج متنوعة من شباب مصريون وطنيون مخلصون ، هؤلاء من يجب أن يتم تسليط الأضواء الاعلامية عليهم ليكونوا قدوة لغيرهم ، أما نشر الجرائم الاخلاقية وجرائم النفس والتركيز عليها فإن ذلك يُصيب المجتمع كله .
ومصر وهى تعيش فترة مجيدة من تاريخها ، فترة الإنجازات وتحقيق المستحيلات بقيادة واعية رشيدة تعمل بجهد كبير فى كل مناحى حياتنا لنقل مصر الى المكانة اللائقة بها وبأهلها .
لذا فإن حب مصر يدعونا بأن نعمل بنفس معدلات عمل القيادة وأن نُظهر كل جميل ونعالج أى قصور بحب ومودة لأن مصر العظيمة تستحق ذلك وأكثر .
حفظ الله مصر