أطروحات طهران المرفوضة

أطروحات طهران المرفوضةسوسن أبو حسين

الرأى7-9-2021 | 20:24

على طريقة اللف والدوران عرض وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ما تم رفضه عربيًا منذ سنوات، وهو الأمن الإقليمي لدول المنطقة وهو يعنى تكتل عربى إيراني لمواجهة التدخلات الأجنبية والأمريكية تحديدًا فى المنطقة، والتى هاجم سياستها وإتهمها بجلب عدم السلام ومعروف أن هذا الطرح الإيراني ليس حديثًا إنما هو طلب متكرر وبإلحاح، وردت عليه الدول العربية بالدعوة لعدم التدخل فى الشأن العربى وعدم تصفية حساباتها الدولية على أرض اليمن ولبنان والعراق وسوريا، والتوقف عن إثارة الفتن فى البحرين ويوجد بند دائم على جدول أعمال الجامعة العربية حول التدخلات الإيرانية ودعوات وقرارات فى هذا الشأن، وكلما دعا العرب إيران زادت من حدة تدخلها عبر دعم قدرات جماعة الحوثى فى اليمن، وإطلاق الصواريخ البلاستية باتجاه الأراضي السعودية، وتدخلات كبيرة فى العراق، وبالتالى عندما تتخلى إيران عن كل هذه الممارسات ضد الدول السالفة الذكر لبناء الثقة، يمكن الحوار معها أما أن تتحدث عن تعاون مرسل فهو فى حقيقة الأمر لا معنى له.

أما عن إظهار طلاقة الوزير الإيراني فى اللغة العربية فليس بجديد فهو يتحدثها منذ كان مسئولاً لشئون الشرق الأوسط فى الخارجية الإيرانية، وسبق أن التقيته فى حوار طرح خلاله مثل هذه الكلمات القديمة المتجددة فى مناسبات مختلفة.

وكل ما تسعى إليه إيران هو الاعتماد على الأمن الإقليمي.. أي إعطائها دور الأمن للتدخل فى شئون المنطقة.. والسؤال هل مطلوب من الدول العربية التعاون معها أمنيًا وعسكريًا مع استمرارها فى الهيمنة على القرار السياسى والأمني فى أربعة عواصم عربية وإشعالها المزيد من الدمار والتخريب.

وفى حقيقة الأمر إن رسائل الوزير الإيراني فى قمة بغداد كانت واضحة.. حيث ذكر أن إيران أول دولة اعترفت بالعراق الجديد ودعم سياسته.. فى الوقت الذى ابتعدت فيه الدول العربية عن العراق.. وهنا لابد من التذكير بأن العرب لم يبتعدوا يومًا عن العراق إنما كان هناك رفض للفوضى والدمار الذى جاء بعد سقوط بغداد وحل الجيش العراقى.. وأتذكر جيدًا زيارات الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى عندما التقى بكل القوى السياسية العراقية تحت القصف الأمريكي للعراق.. محذرًا من مستقبل مظلم استمر لسنوات واستغلت إيران ما حدث فى العراق لتصفية حساباتها مع الجانب الأمريكي.. ولا تزال حتى اللحظة تتحدث عن تعاون اقتصادى واستثمارى وتجارى ولم ينعكس هذا التعاون على الشعب العراقى.

أما الهدف الأساسي لقمة بغداد والتى شارك فيها قادة مصر وفرنسا وقطر والعراق وكل من السعودية والكويت.. فهو رسالة وعمل حقيقى على الأرض للتأكيد بعودة العراق إلى مظلته العربية والعمل معا فى كل المجالات.. أما أهداف كل من إيران وتركيا فهى واضحة وهى محاولة الحفاظ على أطماعهم القديمة فى العراق..
لكن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين فى ختام قمة بغداد كان واضحًا عندما قال بأن هناك المزيد من الاجتماعات المتسلسلة الجارية وأن القمتين الثانية والثالثة ستعقدان فى بغداد وأن الهدف هو استبدال التوترات بالمصالح المشتركة والاستثمارات، كما تدعم إيران هذه الفكرة الرائعة.

وهنا أقتبس بعض الكلمات التى ألقاها الوزير الإيراني خاصة فيما يتعلق ببناء الثقة.. عندما قال (لا يمكن تحقيق الأمن إلا من خلال الثقة المتبادلة بين دول المنطقة)، وأنه ينبغى «عليها دعم جهود العراق فى تحقيق الأمن والاستقرار للعراق»، قائلاً: «نريد تحقيق السلام عبر الحوار والثقة المتبادلة لدول المنطقة، وتحقيق سياسة حسن الجوار وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لتحقيق الأمن المستدام والتنمية المستدامة».. انتهى الاقتباس.

وهل يمكن أن نفهم أن إيران مقبلة على تغييرات جوهرية فى سياستها لبناء الثقة والشروع فى الحوار.. والتخلى عن احتلال القرار السياسي فى أربع عواصم عربية كما أعلنت من قبل.. وأن تعود إلى حدودها السياسية والأمنية ثم تتحدث عن تعاون فى المجالات المختلفة؟!

أضف تعليق