طالب خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى ب جنوب سيناء ب وزارة السياحة والآثار بالتوسع فى السياحة الافتراضية كعنصر هام للجذب السياحى والتنشيط ويستند على دراسة سياحية هامة للدكتور حسين دقيل الباحث المتخصص فى الآثار اليونانية والرومانية والتى أشارت إلى أن السياحية الافتراضية تعد نمطًا سياحيًا غير تقليدى مكّن السائح من أن يجوب العالم
ويوضح الدكتور حسين دقيل أن السياحة الافتراضية تعتمد على تقنيات الإنترنت، حيث تستخدم مسح الأجسام والعناصر ضوئيًا، وتعتمد على تحويل الصورة إلى مجسمات رقمية يمكن استخدامها داخل تطبيقات الواقع الافتراضي واستخدام تقنيات التصوير المحيطي في 360 درجة لتسجيل عروض الفيديو وعرضها على شاشات نظارات الواقع الافتراضي وقد بدأت من خلال تقنية المتحف الافتراضي، حيث إن المتاحف بشكل عام تعتبر من أكثر المواقع السياحية استخدامًا لتقنية السياحة الافتراضية، حيث توفر بعض الدول للزوار إمكانية التواجد بين أروقة المتاحف المختلفة في رحلات خيالية وساحرة ويتم عرض القطع على شبكة الإنترنت بأبعادها الثلاثية.
ويعرض الدكتور ريحان لمعالم هذه الدراسة الهامة موضحًا أن السياحة الافتراضية لا تمكن الزوار من التجول فى متاحف العالم وآثارها فقط بل تتيح لهم تكوين رؤية وتصور عن برنامجهم السياحى لأى دولة يتجه، من خلال ما يتم عرضه بتقنية السياحة الافتراضية ومدى نجاح الدول فى عرض مقوماتها السياحية، وأن المتاحف الافتراضية تعتمد على التكنولوجيا الرقمية السمعية والمرئية، ويتم تصميمها وفق فكرة خلق فضاء تفاعلي يتم فيه إيصال المعلومات بطريقة سلسة من خلال جولة افتراضية في أرجاء فضاء ثلاثي الأبعاد مشابه للمتحف مع إمكانية الحصول على معلومات من خلال قاعدة بيانات. حيث يسمح هذا النوع من المتاحف بمشاهدة بانورامية ثلاثية الأبعاد، مع إمكانية العرض بالمقياس والمكان الحقيقي، بالإضافة إلى تمكين المستخدم بالتدخل بالنقاط والمناطق التي يريد مشاهدتها ومن زوايا مختلفة وبالتعليق الصوتي، وكان المتخصصون في أول الأمر يرفضون عرض مقتنياتهم في متاحف افتراضية، لكن مع الوقت أثبتت التجربة أن المتاحف الافتراضية تجذب المزيد من الجمهور للمتاحف الحقيقية نفسها.
ويضيف الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن السياحة الافتراضية بدأت في الظهور منذ عدة سنوات حيث اعتمدت عليها أمريكا والدول الأوروبية في عرض مقتنياتها الأثرية ومعالمها السياحية وبدأت بالمتحف الافتراضي قبل أن تتحول إلى متحف الواقع الافتراضي فيما بعد، وهناك العديد من متاحف العالم طبقت السياحة الافتراضية منذ سنوات عديدة؛ وقد ظهر أول متحف افتراضي عام 1995 في فرنسا وانطلاقًا من هذا التاريخ بدأت المتاحف بتطوير مشاريعها على شبكة الإنترنت وأصبح اليوم لكل متحف مشاريعه الخاصة في عرض المجموعات الأثرية على خط الشبكة ومنها المتحف البريطاني، متحف غوغنهايم بإسبانيا، المعرض الوطني للفنون بواشنطن، متحف اللوفر بباريس، متحف دورساي بفرنسا، متحف ريكز في أمستردام بهولندا ومتحف فان جوخ بهولندا
وينوه الدكتور ريحان إلى أن السياحة الافتراضية بدأت في دول العالم منذ سنوات إلّا أنها انتشرت بشكل أوسع مع توقف السياحة على أرض الواقع؛ جرّاء أزمة فيروس كورونا فالولايات المتحدة الأمريكية أبدعت في استخدام التقنية حيث أطلقت مقاطع فيديو على قناة “Virtual Disney World” لمدينة ديزني وورلد الترفيهية بعد أن اضطرت للإغلاق بسبب الفيروس وقد سمح الفيديو للمشاهد بأن يفحص المكان بزاوية 360 درجة، كما قامت العاصمة الأمريكية واشنطن بإقامة المعرض الوطني للفنون والذي يضم كنزًا ضخمًا من اللوحات الفنية تعود إلى عصور مختلفة وتم رفع نحو 43 ألف عمل فني على الإنترنت حتى يتمكن الزوار من رؤيتها بجودة عالية، وفي اليونان تم إطلاق موقع greecefromhome.com، والذي وضع خريطة وصورًا ومقاطع فيديو لمواقع سياحية في جميع أنحاء اليونان يأتي على رأسها هضبة أثينا وسوق جزيرة رودس.
ويتابع الدكتور ريحان أن إيطاليا قامت بتصوير جولات افتراضية في قنوات مدينة البندقية المائية التى تعتبر متحفًا تاريخيًا بحد ذاتها، كما وضع متحف "كا ريتزونيكو" بالبندقية، والذي يضم مقتنيات تعود إلى القرن الـ 18 جولة افتراضية عالية الجودة بتقنية 360 درجة، في حين وفر متحف اللوفر بفرنسا جولات لعدد من أقسامه عبر موقعه الإلكتروني حيث يمكن زيارة جناح المصريات وجناح اللوحات الفنية وجناح آثار العصور الوسطى بسهولة ويسر.
ولفت الدكتور ريحان من خلال الدراسة إلى أن السياحة الافتراضية لم تتوقف عند أوروبا وأمريكا بل أصبحت تعم كل دول العالم السياحية وكانت مصر من أوائل تلك الدول وخاصة بعد تضررها السياحى
وكان ل وزارة السياحة والآثار تجربة سابقة في إنشاء المتاحف الافتراضية على الإنترنت منذ عدة سنوات، بتكلفة 2.5 مليون دولار تم خلالها تركيب كاميرات في مقبرة توت عنخ آمون بالأقصر، بحيث كان سيتيح المشروع للزائر القيام بجولة افتراضية داخل المقبرة، لكنه لم ينجح لأسباب عديدة.
أما السياحة الافتراضية؛ التي قامت بها الوزارة مؤخرًا؛ فقد جاءت متواكبة مع الحدث بشكل معقول، ومنذ نهاية مارس 2020 قامت بعمل جولات افتراضية لزيارة المواقع الأثرية، والتي بدأتها بالتعاون مع معهد البحوث الأمريكية بالقاهرة، بزيارة مقبرة مننا(TT69) بالأقصر، وهي من أكثر مقابر النبلاء؛ بالأسرة الثامنة عشر زيارة في الواقع، كما أنها من أكثر المقابر حفظا للنقوش والألوان، حيث تتمتع تلك المقبرة بأسلوب معماري متميز لمقبرة لرجل من كبار رجال الدولة في الدولة الحديثة، فهي مقبرة خاصة بشخص يدعى "مننا" كان كاتبًا للحقول الملكية في عهد "تحتمس الرابع" أيضا، وهو ما يمكن أن نطلق عليه وزير الزراعة حاليًا، وخاصة أن معظم مناظر مقبرته تدور حول الزراعة من حرث الأرض وبذر الحبوب، وزراعة الكتان وتمشيطه، ومناظر الحصاد، فضلًا عن مناظر البحر والبر الأخرى.
ويشير الدكتور ريحان إلى أن تلك المبادرة نالت إشادة عالمية من المنظمات المختصة؛ فقد قالت منظمة اليونسكو في تغريدة نشرتها على صفحتها الرسمية بـ "تويتر" "نحتاج إلى الثقافة في أوقات الأزمات أكثر من أي وقت مضى، ويجب أن يحد كوفيد19 من تنقلاتنا، ولكن ما زالت لدينا حرية السفر الافتراضي، خليك في البيت واكتشف عجائب مصر المذهلة"
ويطالب الدكتور ريحان بالتوسع فى استخدام تقنية السياحة الافتراضية فى مصر واعتبارها عنصرًا رئيسيًا من عناصر الجذب السياحى ضمن حملتها لمدة ثلاث سنوات حيث ستساعد على استقطاب المزيد من الزائرين الحقيقيين مستقبلًا بعد انتهاء أزمة كورونا كما تساعد على تحليل بيانات الزوار ومعرفة ما يهتمون به وتحديد عناصر الجذب السياحي بالنسبة لهم مما يمكن المسؤولين من التركيز عليها عند الترويج للسياحة الحقيقية كما أنها تقدم المادة العلمية في صورة شيقة، فهي تجمع بين الصوت والصورة والحركة واللون
ويطالب الدكتور ريحان كما أشارت الدراسة بضرورة تكوين فريق إداري وتقني للمشروع تكون مهمته التخطيط والتنفيذ والمتابعة المستقبلية للسياحة الافتراضية ويجب العمل على تيسير مهمة هذا الفريق من خلال دعمه بكل الإمكانيات الضرورية ومراعات استخدام عدة لغات منها اللغة العربية وتوفير هذه الجولات الافتراضية بصورة مجانية لجميع المواقع والمعالم السياحية وخاصة للمصريين.