يقول الحديث القدسي:عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نشد الله عبدين من عباده أكثر لهما من المال والولد، فقال لأحدهما ـ أي فلان ـ فقال:لبيك رب وسعديك، قال: "ألم أكثر لك من المال والولد ؟ قال:بلى أي رب، قال "فكيف صنعت فيما أتيتك ؟ قال: تركته لولدى مخافة العيلة عليهم، قال: أما أنك لو تعلم العلم لضحكت قليلا ولبكيت كثيرا أما إن الذى تخوفت عليهم قد أنزلته بهم.
ويقول الآخر "أي فلان ابن فلان " فيقول:لبيك أي رب وسعديك قال: " ألم أكثر لك من المال والولد ؟ قال: بلى أي رب، قال: فكيف صنعت فيما أتيتك ؟ قال: أنفقته في طاعتك، ووثقت لولدى من بعدى بحسن عدلك، فقال: أما إنك لو تعلم العلم لضحكت كثيرا وبكيت قليلا، أما عن الذى وثقت لهم قد أنزلته بهم.
منهج الله
يقول الشيخ محمد متولى الشعراوى: يقول الرحمن عز وجل عن عباد الله في سورة الفرقان: "والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما "، وموقفهم هذا هو تحقيق لجانب من جوانب قوامة منهج الله في مجال الانفاق وتصرف المرء في ماله وهنا يختار لك طريقا وسطا لا تبذير ولا تقتير.
ولا شك أن الإنسان بطبعه يحب أن يثري حياته، وأن يرتقى بها، ويتمتع بطرفها ولا يتاح له ذلك إلا إن كان مبذرا لا يبقى من دخله شيئا،، بل لابد له من الاعتدال في الإنفاق، وإلا يبدد كل طاقته في مغريات الحياة.
البخل والإمساك
وكما نهى الإسلام عن التبذير نهى أيضا عن البخل والامساك، لأن البخل مذموم والبخيل مكروه من أهله وناسه، كما أن البخل سبب من أسباب الركود والبطالة والكساد في المجتمع، إذن فالتبذير والإمساك كلاهما طرف مذموم، والخير في أوسط الأمور، وهذا هو الأقوم الذى ارتضاه لنا المنهج الالهى.
معنى التبذير
والتبذير هو صرف المال في غير حاجة أو ضرورة، وقد فسر عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس التبذير بأنه الانفاق في غير حق، وقال مجاهد: لو أنفق إنسان ماله كله في الحق لم يكن مبذرا، ولو أنفق مدا ـ اى مكيالا ـ في غير حق كان مبذرا.
فليس التبذير هو الكثرة، والقلة في الإنفاق، بل هو موضع الانفاق ومن ثم كان المبذرون إخوان الشياطين لأنهم ينفقون في أوجه الباطل والمعصية، " وكان الشيطان لربه كفورا ".لأنه لا يؤدى حق نعمة الله عليه.
ويقول رسول الله " ما عال من اقتصد "، أي ما افتقر واحتاج من اقتصد في معيشته فكان وسطا بين الإسراف والتقتير.