ورد سؤال للجنة الفتوى بمجمع البحوث الاسلامية يقول: هل تجب الزكاة في مال اليتيم الذي لم يبلغ الحلم؟ علمًا بأن المال تحت وصاية المجلس الحسبي، ولا يجوز التصرف فيه إلا بعد بلوغه السن القانوني، وجاء رد اللجنة كالآتى:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزكاة تجب في مال الصبي إذا بلغ نصابًا، وحال عليه الحول؛ لأنه لا يشترط البلوغ، ولا العقل في الْمُزَكِّى؛ لأن الزكاة حق للفقير في مال الغني، فلا تسقط بالصغر والجنون، فمتى وجد النصاب وحال الحول وجبت الزكاة. واستدلوا بعموم قوله- تعالى -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]، وبعموم قوله – صلى الله عليه وسلم-: "فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ تُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ". رواه أبوداود.
وقوله – صلى الله عليه وسلم-: "اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ". رواه الطبراني في الأوسط. فقوله - صلى الله عليه وسلم-: {لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ}، دليل على وجوب الزكاة في مال الصبي؛ لأنها لو لم تجب في ماله، ما كانت الزكاة تأكلها، ولأن الزكاة في رأي الجمهور مؤنة للفقراء وغيرهم من مصارف الزكاة، فلا يشترط فيها التكليف.
يقول ابن قدامة – رحمه الله -: {... الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون لوجود الشرائط ..... روي ذلك عن عمر، وعلي، وعائشة-رضي الله عنهم- وبه قال مالك، والشافعي} المغني (2/ 488) مختصرًا.
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى عدم وجوب الزكاة في مال الصبي؛ لعموم قول النبي – صلى الله عليه وسلم-: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق" سنن ابن ماجه، قال الإمام السرخسي مستدلا بهذا الحديث: " وفي إيجاب الزكاة عليه إجراء القلم عليه؛ فإن الوجوب يختص بالذمة ولا يجب في ذمة الولي فلا بد من القول بوجوبه على الصبي وفيه يوجد الخطاب عليه، والمراد بقوله كي لا تأكلها الصدقة أي النفقة". (المبسوط، 2/ 163).
ولما روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما – قال: "لا يجب على مال الصغير زكاة حتى تجب عليه الصلاة"سنن الدارقطني.
وذلك لعدم تكليفه، كما لا تجب عليه الصلاة والصيام؛ لأن الزكاة في رأي الإمام عبادة، والعبادة يُشترط في وجوبها التكليف.